{حيص بيص} بروح رياضيَّة

آراء 2019/01/25
...

حمزة مصطفى
فازت قطر على العراق في بطولة كأس أمم آسيا بهدف واحد، الأمر طبيعي في حال تعاملنا معه بوصفه لعبة بين فريقين ينتميان لبلدين مختلفين. فالكرة مثلما يقول المعلقون الرياضيون "مدورة". وهي طبقاً لذلك فوز وخسارة كما يقول المدربون الفاشلون، المصطلح الأثير لدى الجمهور الذي يملك "روحاً رياضية" هو "هارد لك" للفريق الخاسر. علما أن مصطلح  الروح الرياضية يكاد ينفرد به  عشاق الرياضة، لاسيما عشاق كرة القدم وكاتب السطور ليس من بينهم.  
 السؤال.. هل كان فوز قطر علينا طبيعياً؟ نعم ولا، أما نعم فلا نملك سوى أن نكرر "القوانة" المعروفة  للمدربين الفاشلين أن  الكرة ربح وخسارة، تاريخياً لعبنا كثيراً مع قطر، فزنا عليهم وفازوا علينا أظن  وهنا بعض الظن ليس إثماً في دورات كأس الخليج. أما الـ "لا" فلأن من سجل هدف قطر اليتيم الذي أخرجنا من دور الـ 16 عراقي "بسام الراوي". هنا سكبت كل العبرات، عبرات التاريخ والجغرافية ممزوجة بقصص الخلافات التي لم  توفرها المدونات بكل أنواع الكلام الموثق 
والمرسل.
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي وهي في حقيقتها مواقع تناحر  سياسي ـ طائفي  ليس بأصل اللعبة التي هي كرة القدم، بل بمن سجل الهدف في مرمى فريق وطنه الأم، لم تنفع قصة أن لاعب الكرة بسام الراوي أصبح مواطناً قطرياً بعد أن اكتسب الجنسية القطرية، هل تخلى  مقابل ذلك عن جنسيته العراقية؟ هل تخلى بسبب ذلك عن هويته العراقية .. الا يحمل لقباً لمدينة عراقية عريقة "راوة" التي يشطرها نهر الفرات الذي شرب منه بسام أو أهله طوال قرون؟
  قبل الإسترسال ما الذي كان يتعين على هذا اللاعب عمله؟ هل يرفض اللعب ضد فريق البلاد التي يحمل لقب إحدى مدنها؟ هل  يؤدي مباراة عادية بحيث يتجنب الوصول الى مرمى راوة مدينته الأصلية؟ لا أعرف إن كانت مثل هذه الأسئلة قد راودته، مع أن مجريات اللعب وإنفراده بتسجيل  الهدف تعني شيئاً واحداً أن  بسام الراوي "ذب لحم" من أجل تكريس جنسيته  المكتسبة على حساب انتمائه الوطني الأصلي الذي هو قبل الجنسية.
الجنسية تكتسب مثلما اكتسبها هو عبر قطر، لكن المواطنة انتماء فطري، فبسام لو  ذهب الى المريخ واكتسب جنسيته فهو يبقى عراقياً؟ هل تنكر لهذا الانتماء بتسجيله الهدف؟ نعم وبكل صراحة، يصعب الحياد هنا، ولكي أوضح هذه النقطة فإن بساماً  لو كان  جزءاً من ناد قطري ولعب هذا النادي مع الزوراء أو الشرطة او الميناء العراقي فلا مشكلة في أن يسجل بدل الهدف عشرة، فالنوادي تقبل مبدأ الإحتراف. وهذا ما يحصل في كل بلدان العالم، لكن كل المحترفين يعودون الى بلدانهم لتمثيل منتخباتها  الوطنية في البطولات الأممية.
 
نحن أمام بسام الراوي حيال ظاهرة خطيرة تتخطى التجنيس الى المواطنة، هل صارت مواطنتنا العراقية محل شك  لأسباب سياسية ممزوجة بنصف روح رياضية؟ والله ما أدري.