تأهيل البرلماني

آراء 2019/01/25
...

القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي 
 لا شكَّ بأن السلطة التشريعية في أي دولة تتمتع بموقع أساس لكونها من السلطات الرئيسة التي تنص عليها دساتير الدول، فمجلس النواب هو مصدر السلطات، حيث يستمد سلطته من الشعب عن طريق الانتخابات البرلمانية من قبل الشعب ويمارس البرلمان صلاحيات واختصاصات واسعة في تشريع القوانين و الرقابة، ولما كان البرلمان واحدا من أهم السلطات في الدولة، فقد اهتمت الدساتير بتنظيمه من حيث التشكيل والاختصاص والصلاحيات الممنوحة له.
وتعود تجربة النظام البرلماني في العراق إلى زمن الدولة العثمانية عبر ماعرف بنظام" المبعوثان" حيث كانت تجرى انتخابات لاختيار ممثلي الولايات العراقية(  بغداد، الموصل، البصرة) الى الاستانة وفي تاريخ العراق الحديث وبعد تفكك الدولة العثمانية شهد تأسيس اول مجلس تشريعي منتخب من الشعب في العهد الملكي، وعلى الرغم من تمتع السلطة التشريعية باختصاصات وسلطات عدة بموجب الدستور العراقي النافذ لعام 2005، الا انه من الضروري تأهيل أعضاء مجلس النواب، لكي يكونوا فاعلين في التشريع والرقابة وتأسيس تقاليد برلمانية يمكن أن تفيد التجربة السياسية في العراق، وهنا لابد من اعداد النائب وتأهيله، والتأهيل يتطلب من النائب ان تكون له معرفة في الدستور وآلية تشريع القوانين وكيفية اعداد مقترحات القوانين، فالبرلماني مشرع والمشرع ينبغي  ان تكون له معرفة في كيفية صياغة القوانين وكيفية إقرارها، لاسيما  ان أعضاء مجلس النواب من اختصاصات كثيرة،  كما ان البرلماني لابد ان تكون له معرفة حقيقية عن كيفية الاستجواب في مجلس النواب وكيفية ممارسة دوره الرقابي في مكافحة الفساد الإداري والمالي وكيفية توجيه السؤال البرلماني ونقطة النظام وآلية المناقشة وماهي واجبات عضو مجلس النواب و كيفية التصويت على القوانين وادخال أعضاء مجلس النواب الجدد في دورات تتعلق بكيفية ممارسة دورهم، بغية الارتقاء بجودة النصوص التشريعية  وتطوير القدرة التشريعية للنواب
، وكذلك لابد من تعريف النائب بقواعد السلوك البرلماني و كيفية ممارسة دوره في النقد الهادف البنّاء وتعريفه بالنظام الداخلي للبرلمان، فالنائب الجديد عندما يدخل البرلمان بعد فوزه في الانتخابات والمصادقة على عضويته من قبل المحكمة الاتحادية العليا، يصبح رسميا عضوا في مجلس النواب، ولابد من معرفته في كيفية عرض ملفات الاستجواب للوزراء والمسؤولين وماهي مسؤولية رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية ولابد من اطلاع النائب  على الجريدة الرسمية وهي جريدة الوقائع العراقية والتي تنشر القوانين والأنظمة والتعليمات ومعرفته آلية الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وحدود الحصانة البرلمانية، لكي يكون للبرلماني دور مهم في بناء الدولة وذلك باعتبار البرلمان المؤسسة الديمقراطية الأكبر بين مؤسسات الدولة العراقية، وانه يمثل الشعب العراقي ويحمل مسؤولية وأمانة في الحفاظ على أصوات الناخبين والتأسيس لتقاليد برلمانية، لأن النائب انما يعبر عن مطالب الشعب  وان يتمتع بالثقافة البرلمانية والذي يمارسها خلال جلسات البرلمان او من خلال  الظهور في وسائل الاعلام والسعي لانجاح التجربة البرلمانية في 
العراق.