الباو- هاوس اشتقاق من جمع مفردتين (باو – bau) وتعني (بناء، عمارة) و(هاوس – house) وتعني (بيت، منزل) بيت البناء او منزل العمارة وهي مدرسة للتعليم عرفت باكاديمية الهندسة والتصميم وتأسست بالمانيا 1919 من قبل المهندس المعماري (والتر غروبيوس) ومن ثم انتقلت الى ديساو 1926، وتم اغلاقها في العام 1933 من قبل السلطات النازية في المانيا، فهي لم تعمر طويلا سوى اربع وعشرين عاما لكنها أسست لحركة جديدة تحولت فيما بعد الى اتجاه في الفن الحداثوي الخاص بها، وقد تميز هذا الاتجاه بشموليته لجميع الفنون من خلال توحيدها في اطار واحد، وقد انتشر هذا الاتجاه في اغلب بلدان العالم ولايزال تأثيره على العمارة، الفن، التصميم والعلوم التعليمية قائما حتى هذا اليوم، كان الهدف من انشاء تلك الاكاديمية هو اعادة الفن الى الحياة اليومية من خلال مساواتها بين العمارة والفنون المسرحية والتصميم مع الفنون التطبيقية. لم يكن ذلك الجمع طرحا جديدا فقد ظهر ابان عصر النهضة، حيث وضعت الحرف العملية (الهندسة المعمارية، التصميم الداخلي، المنسوجات) على قدم المساواة مع الفنون الجميلة (الرسم والنحت) كما انها ارتبطت ارتباطا وثيقا بالتعبيرية وحركة “دادا” والسوريالية في الفنون البصرية والادب ومن جانب آخر بالتصميم الصناعي الحديث والهندسة المعمارية (الحرف اليدوية والفنون الجميلة)، فضلا عن تأثرها بحركة التكنولوجيا التي كان لها الاثر الكبير في بلدان اوروبا واميركا كما كان لظهور حركة الفنون والحرف اليدوية في القرن التاسع عشر الى جانب (فن الارت) وكل تلك الحركات حاولت الجمع بين الفنون الجميلة والفنون التطبيقية وتوحيدها وشملت كل مفاصل الحياة العامة من خلال (الابداع والتصنيع)، فقد تشكلت اولى المساعي على شكل تجمع (نقابة الحرفيين) لكن كل تلك البوادر لم تشكل اتجاها فنيا إلّا في عشرينيات القرن العشرين إذ انتجت رؤية التوحيد بين الفن والتصميم الصناعي فكان هذا التوحيد داعما للباوهاوس. لم يكن للمسرح في اول الامر اي حضور في اشتغالاتها فقد كان حضوره محيرا للعديد من العاملين في تلك الاكاديمية على الرغم من الشعور بأهمية وجوده كعنصر ابداعي، ولكن في العام (1923) تم تعيين المهندس (اوسكار شليمر) فهو فضلا عن عمله الهندسي كان (رساما، نحاتا، مصمما ومعلم رقص)، أنتدب للتدريس في الاكاديمية لكنه فضل متابعة بحثه في المسرح فأنشأ الى جانب (لوثر شرير) ورشة عمل مسرحية تجريبية جمعت بين الفنون المسرحية والمرئية، فالمسرح في انتاجه الدرامي يقوم على التكاملية من خلال اتحاد وتكامل اكثر من مكون ابداعي يتجانس مع غيره من العناصر لغرض انتاج فكري، والمسرح بطبيعته يحتاج الى (مكان) والمكان هو ميدان المهندس المعماري أما المعالجة والمزج والتداخل فهي بحاجة الى عقل فنان مفكر ليؤلف تلك العناصر ولكي تتطابق في توليفها مع فكر وروح الباوهاوس لا بد من التجريد الذي يعده رمز العصر، عصر التكنولوجيا ومن ثم العصر الرقمي، ولا بد من العمل على فصل المكونات لقيادتها بشكل فردي حد السخف او لرفعها الى أقصى إمكاناتها ويمكن ان يؤدي التجريد الى التصميم والجمع في بناء ومخطط لمجموع جديد على وفق نتائج العصر الجديد (المكننة). عمل الى جانب «شليمر و لوثر» في الورشة (لازالو موهولي) المتخصص بالظاهرة الحركية المجردة واللمعان والمهندس (فاركاس مولنار) المتخصص بالعمارة، فكانت اولى تجاربهم من خلال عرض راقص (باليه ميكانيكي) كإجابة عن سؤال وضعوه بشأن عروض المسرح وهو (كيف يكون دور الناس في العصر الميكانيكي؟) فكان العرض (رقص واقع افتراضي) قدم بشكل اشتغال تفاعلي (رقص، موسيقى، صوت، تصميم ازياء، تصوير سينمائي وتكنلوجيا رقمية) استخدموا فيه مواد حديثة وخفيفة الوزن لتمنح اشكالا هندسية وكان التجريب فيه مهيمنا من خلال الضوء والظلال الملونين، الخطوط، الازياء الضخمة، النحت الهندسي، الحركة المتقطعة بأشكال هندسية، الميكانيكية، الرقص السهل وفي هذا العرض اهتم (شليمر) بـ (علاقات الشخوص بالفضاء)، (تلخيص الاشكال البشرية بأشكال منفصلة/ اعناق اسطوانية/ رؤوس كروية – لإنشاء تماثيل ترتدي ملابس)، وقد اعتمد في اشتغاله الحركي الراقص على ما يشبه (الدمى الراقصة) وهو بهذا العرض قد جمع بين التصميم الصناعي والحركة الراقصة الى جانب الايماءات.