كارلي ستيرن
ترجمة: شيماء ميران
التنقل في أميركا يعني حرية الذهاب إلى الأماكن والالتقاء بالناس والإقبال على الحياة. وقد يتضمن التنقل بالنسبة لسكان المدينة وخصوصاً خلال فترة جائحة (كوفيد – 19) استخدام وسائل النقل العامة. لكن أشخاصاً مثل (مارين جوندلاش) المصابة بالعمى منذ الولادة بسبب عيب خلقي، فإن صعوبة التنقل بأنظمة النقل يمكن أن تثنيها عن السفر على الإطلاق.
وغالباً ما يكون بسبب معلومات واتجاهات إشارات المرور التي يتعذر الوصول إليها، ولا يمكن أنْ يقرأها المكفوفون أو ضعاف البصر، وهو ما لا يلاحظه المبصرون.
يقول (تيم فاهلبيرج) أستاذ مُبصر في مدرسة ويسكونسن للمكفوفين وضعاف البصر، حيث تدرس جوندلاش في المرحلة التاسعة: "كل الأماكن الجديدة صعبة في البداية، لكنَّ الأماكن التي تكون كبيرة وصاخبة عقباتها أكبر".
لقد أطلق مختبر أبحاث الرؤية المتنقلة في جامعة أليكانتي الإسبانية بالتعاون مع شركة نيوسيستيك للتكنولوجيا تطبيق (NaviLens نافيلنس) الذي حقق نجاحاً مبكراً بمساعدة المكفوفين في التنقل بواسطة وسائل النقل وداخل المتاحف في برشلونة ومورسيا ومدريد. وتمت تجربته في أميركا داخل محطة مترو الأنفاق لمنطقة جاي ستريت في بروكلين، فضلاً عن مدرسة ويسكونسن ذاتها. ويستخدم المكفوفون في التطبيق كاميرات هواتفهم الذكية لمسح الرموز التي تكون على شكل مربعات غير تقليدية ملونة منقوشة لغرض سماع المعلومات المخزونة داخلها.
يوجد إصداران للنظام (NaviLens) و(NaviLens GO)، يحويان معلومات مختلفة من الجداول الزمنية إلى أوصاف البيئة المحيطة، مثل عدد الخطوات حتى الوصول إلى السلالم، أو الوقت المتوقع أنْ يصل به القطار التالي، أو أي الخطوط التي تواجه التأخير. ويمكن إعادة سماع الصوت تماماً مثل المقطع الصوتي القصير في الجولة الصوتيَّة داخل المتحف.
الأكثر من ذلك، أنه يعمل بسرعة وعن بعد، إذ يمكن للهاتف الكشف عن البطاقة المربعة المرسومة من على بعد 12م تقريباً بغضون نصف ثانية، ولا يحتاج إلى تركيز كاميرا الهاتف، ويمكن سماع المعلومات بأكثر من عشرين لغة. تقول جوندلاش: "يمكنه أنْ يساعدك في العثور على الأماكن، وهذا وحده واعدٌ حقاً".
يوجد داخل محطة جاي ستريت أكثر من 100 مربع ملون معلقة على الأعمدة والزوايا. وعلى عكس رموز QR التي تستخدم في وسم وتعريف الأشياء كما في متجر البقالة، فإنَّ بطاقات نافيلنس يمكن أنْ تُعاد برمجتها بمعلومات جديدة لغرض استخدامات أخرى لاحقاً. كما تتمتع هذه التقنية بإمكانية تحسين تجربة التنقل عالمياً ولجميع أصناف ركاب النقل العام، لأنَّ نافيلنس GO يمكنه أنْ يدعم مستخدمي الكراسي المتحركة في محطات مترو الأنفاق من خلال نقلهم إلى مواقع المصاعد مثلاً، أو تشغيل فيديوات بلغة الإشارات الأميركية.
قد يكون النقل العام هو البداية فقط، إذ يمكن لنافيلنس مساعدة الناس في النهاية على التنقل داخل المدارس والفنادق والمطاعم وبقية الأماكن العامة، ولغرض فائدة الجميع وليس فقط ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي أثناء ذلك اتخذ فاهلبيرج وجوندلاش من مدرستهم ساحة لاختبار التطبيق. إذ أضيفت علامات نافيلنس خارج دورات المياه ليتمكن الطلاب والأساتذة وأولياء الأمور من التعرف عليها بنحوٍ أفضل، كما صُنفت أعمال الطلاب الفنيَّة المعلقة في الممرات، فيتمكن المستخدمون من توجيه هواتفهم إلى العلامات فتعطيهم معلومات عن العمل الفني وصاحبه. ويشير فاهلبيرج إلى أنَّ توسيع هذا النهج إلى المتاحف لن يساعد المكفوفين وضعاف البصر فقط على الاستمتاع برؤية الأعمال الفنية، بل سيمكّن العديد ممن يعانون من إعاقات في الطباعة ولا يتمكنون من الوصول الى النص عبر الفن للتمتع به.
ورغم ذلك فهناك نقاط ضعف في النظام، فإذا وجدت علامات متعددة في مكان واحد فمن الصعوبة التنقل بشكل صحيح بين هذه العلامات وربما يعرضها التطبيق أحياناً معطلة، ولكن في عالم ينتشر فيه نافيلنس عبر المستشفيات والمولات والفنادق ومحال البقالة، يمكنه أن ينقذ المكفوفين وضعاف البصر من أحد هذه المرافق اليومية، والذي نعتبره أغلبنا مهما وهوالوقت.
عن مجلة اوزي الاميركية