الرجال أكثر عرضة للإصابة بـ (كوفيد - 19)

اسرة ومجتمع 2020/12/18
...

  ترجمة: نادية المختار

 
 
قدمت دراستان جديدتان، تفسيرا لسبب تباين حالات الاصابة بـ(كوفيد- 19) لدى مجموعة من المرضى، ترتبط أما بطفرات في جينات المناعة الرئيسة، أو أن هناك مرضى آخرين، لديهم أجسام مضادة ذاتية تستهدف مكونات جهاز المناعة نفسه، وكلتا الحالتين يمكن أن تسهما بأشكال حادة من المرض. 
ويمكن أن يعاني الأشخاص المصابون بفيروس كورونا الجديد من أعراض تتراوح من خفيفة الى مميتة، ويشير تحليلان جديدان الى أن بعض الحالات الحادة، التي تهدد الحياة يمكن ارجاعها الى نقاط ضعف في جهاز المناعة لدى المرضى، وهناك 5 بالمئة من مرضى هذا الفيروس لديهم طفرات في الجينات المشاركة في الدفاع المضاد للفيروسات. وما لا يقل عن 10 بالمئة من المرضى المصابين بشدة يصنعون «أجساما مضادة ذاتية» تهاجم جهاز المناعة الذي يهدد الحياة بدلا من محاربة الفيروس، كما يقول رئيس الدراسة البروفسور جان لوران كازانوفا، من معهد هوارد هيوز الطبي بجامعة روكفلر بالولايات المتحدة.
يقول كازانوفا: «رؤية هذه الأجسام المضادة الضارة في العديد من المرضى كانت «ملاحظة مذهلة». فالتفسير الأول للسبب في أن بعض المصابين بالفيروس نفسه هم بخير، في حين يمكن أن يكون شديدا للغاية لدى مرضى آخرين. فهذا العمل له آثار فورية على التشخيص والعلاج. ويضيف، أنه اذا كانت نتيجة اختبار شخص ما ايجابية للفيروس، فيجب أن يتم اختباره «تماما» بحثا عن الأجسام المضادة الذاتية أيضا، مع المتابعة الطبية اذا كانت هذه الاختبارات ايجابية، فمن المحتمل أن ازالة مثل هذه الأجسام المضادة من الدم يمكن أن يخفف من أعراض المرض».
بدأ فريق البحث بالتعاون مع الأطباء في جميع أنحاء العالم لأول مرة بتسجيل المرضى في دراستهم، وتقوم الخطة على فحص جينومات المرضى- على وجه الخصوص، اذ ان مجموعة من 13 جينا تشارك في مناعة الانترفيرون ضد الانفلونزا، ففي الأشخاص الأصحاء، تعمل جزيئات الانترفيرون كنظام أمان للجسم. اذ ان هذه الجزيئات تكتشف الفيروسات والبكتيريا الغازية وتطلق ناقوس الخطر، الأمر الذي يجلب المدافعين المناعيين الآخرين الى مكان الحادث. 
اكتشف فريق كازانوفا سابقا طفرات جينية تعيق انتاج الانترفيرون ووظيفته، فالأشخاص المصابون بهذه الطفرات هم أكثر عرضة لبعض مسببات الأمراض، بما في ذلك تلك التي تسبب الأنفلونزا.
ويعتقد الفريق، أن العثورعلى طفرات جينية مماثلة في الأشخاص المصابين بوباء (كوفيد- 19)  يساعد الأطباء في تحديد المرضى المعرضين لخطر الاصابة بأشكال حادة من المرض، كما يمكن أن يشير أيضا الى اتجاهات جديدة للعلاج.
فعندما بدأ الباحثون في تحليل عينات المرضى، بدؤوا في الكشف عن الطفرات الضارة لدى الأشخاص الصغار والكبار، ووجد الفريق أن 23 من أصل 659 مريضا خضعوا للدراسة لديهم أخطاء في الجينات المسؤولة عن انتاج مضاد للفيروسات.
يشتبه الباحثون في أنه من دون مجموعة كاملة من هذه الأدوية المضادة للفيروسات لن يتمكن مرضى كوفيد - 19 الحاد من صد الفيروس. 
وقد أثار هذا المبدأ فكرة جديدة، ربما كان المرضى الآخرون المصابون بشدة، يفتقرون أيضا الى الانترفيرون- ولكن لسبب مختلف. فربما كانت أجسام بعض المرضى تؤذي هذه الجزيئات نفسها، كما هو الحال في اضطرابات المناعة الذاتية، مثل داء السكري من النوع 1 والتهاب المفاصل الروماتويدي، اذ قد يصنع بعض المرضى أجساما مضادة تستهدف الجسم مهددة للحياة تماما، كما يزعم كازانوفا.
وقد كشف تحليل الفريق لنحو الف مصاب بهذا المرض، وجود أجسام مضادة ذاتية ضد مجموعة متنوعة من بروتينات الانترفيرون. واكتشفوا أن هذه الأجسام المضادة منعت عمل الانترفيرون ولم تكن موجودة في المرضى الذين يعانون من حالات خفيفة. 
تقول المؤلفة المشاركة في الدراسة الدكتورة ايزابيل ميتس، طبيبة أطفال في مستشفيات جامعة كيو لوفين في بلجيكا: “انه اكتشاف غير مسبوق. ومن خلال اختبار وجود هذه الأجسام المضادة يمكن تقريبا التكهن بمن سيصاب بمرض شديد.» 
ووجد الفريق أن الغالبية العظمى - 94 بالمئة- من المرضى التي تعاني من الأجسام المضادة الضارة هم من الرجال، وتقول ميتس إن الرجال أكثر عرضة للاصابة بأشكال حادة من وباء كوفيد- 19 وهذا العمل يقدم تفسيرا  واحدا لهذا التباين بين الجنسين.
التطلع الى المستقبل من الناحية السريرية يمكن أن يغير عمل الفريق الجديد طريقة تفكير الأطباء والمسؤولين الصحيين في ستراتيجيات توزيع اللقاحات، وحتى العلاجات المحتملة، ويمكن للتجربة السريرية أن تفحص على سبيل المثال، ما اذا كان الأشخاص المصابون الذين لديهم أجسام مضادة ذاتية يستفيدون من العلاج بواحد من الـ 17 انترفيرون التي لم يتم تحييدها بواسطة الأجسام المضادة الذاتية، أو باستخدام فصادة البلازما، وهو اجراء طبي يزيل الأجسام المضادة من دم المرضى. 
تقول ميتس: أي من الطريقتين يمكن أن تبطلا تأثير هذه الأجسام المضادة الضارة، يبحث مختبر كازانوفا الآن عن المحرك الجيني وراء تلك الأجسام المضادة الذاتية، يمكن ربطه بالطفرات قد لا تؤثر في النساء، لأن لديهن كروموسوما جينيا ثانيا للتعويض عن أي عيوب في الأول. 
ولكن بالنسبة للرجال الذين يحملون علامة كروموسوم واحدة فقط، يمكن أن تكون الأخطاء الجينية الصغيرة نتيجة التبعية 
لها. 
         
       عن ساينس ديلي