القطاع الزراعي قادرٌ على الإنتاج السريع وإصلاح مفاصله

اقتصادية 2020/12/26
...

 بغداد: حسين ثغب - عماد الامارة
يمثل القطاع الزراعي المحور الأساس في بناء اقتصادات العالم، لاسيما التي تمتلك مقومات نهوض هذا القطاع الحيوي الذي يوفر الأمن الغذائي للبلد، ويبعده عن شبح المجاعة، ولكون العراق يملك جميع مقومات النهوض بالانتاج الزراعي من أراضٍ خصبة وخبرات وموارد بشرية وينفرد عن سواه من دول العالم بوجود نهرين، بات من الضروري خلق قطاع زراعي فاعل وداعم للسوق المحلية واسواق المنطقة.  جاء ذلك على هامش ندوة افتراضية نظمتها «الصباح» تناولت النهوض بالقطاع الزراعي وسبل جعله موردا دائما للموازنة الاتحادية العامة، ضمن سلسلة ندوات متواصلة تتناول الشأن الاقتصادي والتحديات التي تواجهه.
الأنظمة الزراعيَّة
عضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار البرلمانية النائب د.عبود العيساوي قال: لـ «الصباح» ان «العراق بلد يمكن ان يقوّم القطاع الزراعي ويجعله فاعلا بالشكل الذي يحقق ايرادا متواصلا للموازنة الاتحادية العامة، الامر الذي يتطلب اتخاذ مايلزم لتطوير انظمة الزراعة المقاومة للجفاف حتى في السنوات الاعتيادية، ويشمل ذلك كلا من السياسات والاجراءات الادارية، وتتمثل بتحسين اجراءات حفظ المياه وتخزينها والتشجيع على اختيار أنواع المحاصيل المقاومة للجفاف، مع استخدام انظمة الري الحديثة لتقليل الفاقد من المياه، والعمل على ادارة مشاريع الري وتأهيلها ووضع الخطط لمعالجة استصلاح الاراضي».
وأضاف أن «الواقع يتطلب تحقيق تنمية زراعية من خلال تلبية احتياجات المجتمع من دون المساس بمتطلبات الاجيال المقبلة، وضمان عيش تلك الاجيال من حيث المنتج الزراعي والخزن المائي، ومن ثم تكون هناك خطط قادرة على وضع ستراتيجية كاملة لتنمية القطاع الزراعي، ومن ثم ضمان العيش في بيئة صحية وتحقيق عدالة اجتماعية، وكذلك تحقيق ربح اقتصادي داعم للانتاج الوطني، وهذه مسؤولية الجميع، تبدأ من سياسات الدولة ممثلة بالوزارات الساندة، وأيضا ممثلة بالتجار والمستهلكين والشركات والعمال وكل العاملين في هذا القطاع».
 
خطط حكوميَّة
وأشار العيساوي الى «أهمية ان يكون هناك تكامل بشري داعم لخطط حكومية ناهضة لتنمية القطاع الزراعي بشكل مستديم؛ لضمان حياة الحاضر والاجيال المقبلة، إن من أهم خطوات هذا التوجه هو دعم الزراعة المستدامة في العراق والاهتمام بالتخطيط وتأسيس جهاز وطني من ملاكات كفوءة، وأخذ المعايير الاقتصادية والسكانية والبيئية بنظر الاعتبار، ووضع ستراتيجية كاملة على مديات متوسطة وبعيدة او مدى قصير بعض الأحيان لحل المشاكل العالقة بالقطاع الزراعي مثل مشكلة المياه المتعلقة بالسدود والخزانات مع تأمين حاجة العراق بالاتفاق مع دول المنبع تركيا وايران، وكذلك كل مايتعلق بتطهير البزول والانهار والجداول باتباع التقنيات الحديثة لمكافحة التلوث البيئي».
 
التنمية المستدامة
وبيَّنَ أنَّه «لا بدَّ من تنمية الملاكات البشرية بتحصيل مخرجات التعليم، أي من خلال تطوير الملاكات الزراعية من المهندسين الزراعيين خريجي المعاهد والكليات الزراعية، ومراجعة التعليمات والقوانين الخاصة 
بالقطاع الزراعي كقانون الشركات وقانون ايجار الاراضي الزراعية، كل هذه القوانين تتعلق بتطوير الجانب الزراعي لتحقيق التنمية المستدامة، وكذلك تطوير البنية التحتية في الريف، لأن هناك هجرة من الريف الى المدن نتيجة قلة الخدمات او انعدامها في الريف».
 
مستقبل الزراعة 
بيَّنَ العيساوي ان «التحدي القوي الذي يواجه الزراعة في البلد هو الجفاف، وهذا تحدٍّ خطير يؤثر على أمنه القومي؛ بسبب عدم وجود اتفاقيات مع دول المنبع تركيا وايران لضمان حصة العراق من نهري دجلة والفرات، وكذلك الروافد الشرقية لنهر دجلة مع ايران، وهذا ناتج من فشل وتراكم سياسات الحكومات السابقة نتيجة عدم إبرام أي اتفاقية سواء مع تركيا او ايران وحتى سوريا، وهذا مؤشر خطير لضمان مستقبل الزراعة المستدامة والامن الغذائي الوطني، الشيء الاخر هو موضوع تغير المناخ ومشاكل التصحّر، وكلّ منها من العوامل التي تؤثر في الزراعة، ومن ثم نحتاج الى انظمة تبدع في مقاومة الجفاف، ومن جملة الامور التي يجب اعتمادها في هذا المجال هي البحوث العلمية من وزارة التعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا، واستخدام الهندسة الوراثية للبذور من اجل انتاج سلالات وراثية، ورفع استخدام كفاءة المياه وتقليل الاجهاد المائي لهذه النباتات، واختيار نباتات مقاومة للجفاف من خلال التعديل الوراثي، وتوجد أمثلة على ذلك في الكثير من البلدان، فهناك الكثير من النباتات التي عدلت وراثيا مثل فول الصويا والقطن والذرة وسكر البنجر والرز والحنطة والشعير».
 
أبحاث الرز
وذكر العيساوي أنه «عمل رسالة الدكتوراه في محطة أبحاث الرز في المشخاب في النجف، وتم الحصول على سلالات تتحمل العطش ونقص المياه وتكون الريات متفاوتة لهذه النباتات كل خمسة عشر يوما او اثني عشر يوما، لاسيما ان المعروف عن نبات الرز أنه نبات شبه مائي، لكن هذه الاصناف التي تتحمل نقص المياه هي اصناف غير اصناف الرز المعروف محليا بالعنبر، وان الصنف الذي يتحمل نقص المياه يسمى رز الياسمين».
 
أسواق خارجيَّة 
بدورها عضو منتدى بغداد الاقتصادي د.إكرام عبد العزيز شددت على «ضرورة ان يكون لدينا انتاج محلي واسع لاسيما بعد تخفيض قيمة العملة، ونضع الآليات التي تتعامل مع هذا الانتاج وتستثمره في صناعات معينة او تصديره لاسواق خارجية، وان نبدأ بالانتاج في ضوء الامكانات المتوفرة ثم نعمل على تطوير هذا القطاع الذي يعد موردا ماليا دائما ويحقق الامن الغذائي للعراق والذي هو جزء من الامن القومي». 
 
استصلاح الأراضي 
عبد العزيز بيَّنتْ أن «البلاد تحتاج الى اصلاح القطاع الزراعي من خلال اعتماد اساليب متطورة مدعومة في الانتاج، ومن ثم التوجه التدريجي لاستصلاح الاراضي وفق خطة خمسية او عشرية واخرى اطول لخلق قطاع زراعي فاعل».. وكانت قد طالبت بوضع خطط مستقبلية تستهدف جلب رؤوس الاموال الاستثمارية الراغبة بالعمل في العراق، لاسيما ان العراق يملك مساحات أراضٍ كبيرة للاستثمار يمكن ان تغطي حاجة العراق بل تفوق ذلك، مبيّنة أن الاستثمار الامثل لجزء من المساحات المتوفرة يغطي حاجة اسواق اقليمية بأفضل أنواع المحاصيل.
 
عوائد الماليَّة
وبيَّنت «إمكانية مد جسور التعاون مع شركات عالمية واقليمية متخصصة لخلق قطاع زراعي مثالي يمتاز بسرعة عوائده المالية نتيجة لوجود المزراع والاسواق داخل البلد».
واقترحت عبد العزيز أن «يكون هناك تكامل في الاستثمار في هذا القطاع إذ يتم انشاء مزراع متكاملة للانتاج الزراعي والحيواني، لافتة الى اهمية توفير جميع المقومات التي يمكن ان تسهل نجاح هذا التوجه بالشكل الذي يحقق أعلى درجات المنفعة للاقتصاد الوطني».  
عبد العزيز قالت: ان التوسع بالاستثمارات الزراعية يحد من دائرة التصحر التي تتسع منذ سنوات بسبب تراجع الاداء في القطاع الزراعي لاسباب باتت معلومة للجميع، الامر الذي يتطلب ان يكون العمل باتجاه يعالج مشكلتين في آنٍ واحدٍ، الاول؛ معالجة نقص الانتاج، والاخر؛ الحد من توسع دائرة التصحر. 
وكانت بيانات لمؤسسات متخصصة اكدت ارتفاع نسب التصحر في العراق بشكل متواصل بسبب عدم معالجة هذه المشكلة التي اخذت تتفاقم. 
 
مواردنا المائيَّة
المختص بالشان الاقتصادي سعد حسين الطائي أكد: «طريقة الري بالتنقيط أسهمت في ري المساحات المزروعة بأفضل شكل ممكن، فهي توفر أقصى فائدة ممكنة من الماء للنبات وفي الوقت نفسه تتم الافادة من المياه بشكل اقتصادي يجنب الهدر في هذا المورد الحيوي والمصيري لحياة الانسان والنبات والحيوان، لاسيما في بلدنا الذي يعاني نقصا سنويا متزايدا للمياه في نهري دجلة والفرات، فهي من الأنهار المشتركة بين عدة دول ومنابعها خارج حدودنا، الأمر الذي شكل خطرا كبيرا على تأمين الحصول الدائم من مياهها او الحفاظ على معدلات تدفق مقبولة ومستمرة لبلدنا، الأمر الذي حتَّم العمل على استثمار مواردنا المائية بأفضل الطرق وتقليل الهدر الحاصل بهذا المورد المهم لحياتنا».
ونبَّه الى ان «طريقة الري بالتنقيط هي إحدى أهم الطرق لاستثمار المياه بالشكل الأمثل، فيجب الاهتمام بها والعمل على التوسع بتطبيقها في كل الأراضي المزروعة، والعمل على ابتكار أساليب جديدة لتطويرها بالشكل الذي يحقق أقصى فائدة ممكنة من استعمال المياه لأغراض الري باقل قدر ممكن من التدفقات المائية، والعمل على الافادة من المياه التي امكن تجنب هدرها لتوسيع الأراضي المزروعة او الافادة منها لري هذه الأراضي للسنوات المقبلة».
 
حملات إعلاميَّة
وقال الطائي إنّه «يمكن العمل على تنظيم حملات إعلامية وارشادية للفلاحين والمزارعين تثقفهم بأهمية طريقة الري بالتنقيط ومدى فوائدها للأرض المزروعة وللمحاصيل، وفي المحافظة على ثرواتنا المائية من الهدر والنضوب مستقبلا، كما ان طريقة الري بالتنقيط هي إحدى الطرق التي اثبتت نجاحا كبيرا في كثير من دول العالم التي تعاني فقرا مائيا اكثر من بلدنا وحققت نجاحات كبيرة جدا في زيادة الانتاج الزراعي. الأمر الذي يوجب علينا التوسع بتطبيقها من أجل الحصول على أقصى الفوائد الممكنة منها في الزراعة في بلدنا ومن أجل الحفاظ على مواردنا المائية والافادة منها بالشكل الأمثل في مختلف المجالات الحياتية والزراعية والاقتصادية والصناعية وضمان مستقبل الأجيال المقبلة.
المختص بالشأن الزراعي أثير مهدي أكد «حاجة البلاد الى اعتماد سياسات وبرامج تهدف الى تحقيق التنمية الزراعية وتأمين الأمن الغذائي من خلال استغلال الموارد الطبيعية بشكل عقلاني والاهتمام بالاطر التنظيمية والتخطيطية للقطاع الزراعي».