حسين العادلي
* الإقطاع السياسي في الأنظمة الشمولية والدكتاتورية والمشخصنة،هو: قوة التحكم الحزبي النخبوي الشخصي بثلاثي: الإرادة العامة/ سلطة الحكم/ ثروة البلاد، استناداً إلى القوة وإلى شرعيات زائفة لهدف امتلاك الدولة واحتكارها وتأميمها بالكامل كإقطاعية سياسية خاصة وخالصة (كما في نظام/إقطاعية البعث/صدام).
* الإقطاع السياسي في الأنظمة التوافقية المكوّناتية هو: قوة الهيمنة النخبوية الحزبية لتقاسم الدولة كإقطاعيات نفوذ على وفق أسس المكوّنات/ الشراكة/ المحاصصة. ويقوم الاقطاع هنا على فكرتي الاحتكار والتبعية، احتكار تمثيل مكوّنات/ مجتمعيات الدولة (العرقية الطائفية الإثنية) من قبل قوى سياسية تطرح نفسها كممثل عن هويات ومصالح هذه المجتمعيات، لينتج عن مبدأ الإحتكارهذا، مبدأ التبعية، فتوهم هذه القوى السياسية مجتمعيات الدولة بوحدة وجودها وهويتها ومصالحها فتطلب التبعية لرؤاها وسياساتها بالتبع باعتبارها المعبر والمدافع والمحقق لهوية ومصالح المجتمعيات الفرعية بالدولة.
* يستفيد الإقطاع العرق طائفي من مبدأ الدمج بين السياسي والمجتمعي والتمثيلي، فهو حين يطرح نفسه ممثلاً للمكوّن في التعبير عن هويته ومصالحه فإنه سيكون هو المستفيد من نظام التمثيل في الدولة القائمة على فكرة تمثيل المكونات، وسيتمكن من خلال نظام الدمج هذا من امتلاك السلطة والثروة وتأسيس اقطاعيته من خلال نظام المحاصصة.
* ينتج الاقطاع السياسي العرق طائفي سلسلة من الابتلاعات للدولة، فهو أولاً ابتلاع سلطات فرعية لسلطة الدولة، فالدولة لديه سلطات تتوزعها اقطاعيات سياسية تمثل مصالح حصرية لمجتمعيات (عرقية طائفية إثنية) ضمن الدولة. وهو ثانياً ابتلاع لأمة الدولة إذ يصيّرها الاقطاع العرق طائفي إلى محميات مجتمعية صغيرة منقسمة على نفسها بالهوية والمصلحة، وهو ثالثاً ابتلاع للطوائف والأعراق من قبل قوى الاقطاعيات السياسية من خلال اختزال الطائفة والقومية والإثنية بشخص أو حزب يدعي تمثيل هوية ومصالح التابعين له، فتتعاظم الاقطاعيات الحزبية والنخبوية وتتراكم وتتراص لتشكل امبراطوريات سياسية ومالية ونفوذية ممتدة ومستوطنة بجسد الدولة.
* الاقطاع السياسي العرق طائفي يشتغل سياسياً ومجتمعياً على التضاد وليس على التكامل، فكل اقطاعية تسعى الى خلق أنساق تضاد بينها وبين الاقطاعيات الأخرى لضمان بقاء نفوذها القائم على فكرتي احتكار التمثيل وضمان تبعية الطوائف والأعراق لها، وحلول مبادئ المواطنة والأمّة والوحدة بين مواطني الدولة يضعف ويصادر دور الاقطاعيات التي تعتاش على حصاد تمثيل المكونات. لذلك فإنّ النظام العرق طائفي هو نظام الاقطاعات السياسية المتضادة والحريصة على التضاد لضمان مصالحها.
* الاقطاع العرق طائفي عائق لجوهر مواطنية المواطن، وحاجز أمام تفعيل حقوقه في التمثيل والمشاركة والثروة وإدارة الشأن العام، وهو يقزّم المواطن الى فرد ضمن اقطاعيات المكونات فيستشعر هويته الفرعية على حساب كونه وحدة سياسية تامة في الدولة، فيحيله من مواطن دولة الى فرد طائفة وقومية وإثنية موهوم ومتوهم بنظام الحماية والمصالح التي تؤمنها الاقطاعيات السياسية، وبالنتيجة يحسره عن تفعيل كامل مواطنيته بالدولة. إنّ ضعف الانتماء والولاء والمشاركة الوطنية ناتج طبيعي عن هيمنة الاقطاعيات العرق طائفية على الضمير والدور والفاعلية للمواطنين.
* المواطنة كانتماء عضوي، والمواطنية كولاء وفاعلية، والديمقراطية كنظام مشاركة، والحقوق والحريات كأساس، والتعايش كمشترك ضامن للقبول باستحقاق تنوع الهويات، والتنمية العادلة.. لهي المعايير المنتجة لدولة المواطن على حساب دولة المكون، ولدولة الجمهور على حساب دولة الاقطاع.. وهو ما ينبغي العمل له عراقيا.