المطر والنفط ومابينهما

آراء 2019/02/01
...

حمزة مصطفى
دلاليا لا توجد صلة بين  مفردتي النفط والمطر، صحيح أن العلاقة بين الدال والمدلول اعتباطية مثلما يرى الكثير من علماء اللغة، لكنها تصبح ضرورية حين تكون النتيجة واحدة، فالمطر خير هذه مسألة لاجدال فيها، والمطر ينزل من السماء ليحيي الأرض بعد موتها، والنفط نعمة مثلما هو معروف، ولا إشكال في ذلك، النفط يستخرج من باطن الأرض ليحول سطح الأرض الى مزارع ومصانع عملاقة وأبراج وعمارات وناطحات سحاب في حال تم استثمار الأموال التي ترد الى خزائن الدول النفطية أو الصناعية حتى تلك التي تستورد النفط ولا تستخرجه. لكن أين المشكلة التي تصبح فيها العلاقة إشكالية بين المفردتين، بمعنى ليست اعتباطية مثلما يرى فريق من علماء اللغة ولا ضرورية مثلما يرى فريق آخر؟ المشكلة والإشكالية ظهرت مؤخرا حين هطل علينا المطر خارج إطار قدرة بنانا التحتية على تحمله، لماذا لم تتحمل  بنيتنا  التحتية في كل المدن العراقية من كل  المحافظات كميات إضافية من المطر الذي هو خير مثلما نقول جميعا؟ الإجابة لا توجد أموال كافية لبناء بنى تحتية جديدة أو تجديد ما كان قد إندثر منها.
لماذا لاتوجد أموال ونحن بلد نفطي موازنته السنوية تفوق الـ 100 مليار دولار ثلثها عجز؟ الإجابة لأننا لانزرع ولا نصنع، نحن نأكل فقط مما نستورده من دول الجوار العزيزة، والدليل على ذلك ميزاننا التجاري مع جارتين فقط وعلى لسان مسؤولي تلك الدول لا السادة مسؤولينا. مع تركيا ومثلما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه أن الميزان التجاري بين العراق وتركيا يبلغ 10 مليارات دولار سنويا. السيد أردوغان يطمح أن يصبح 20 مليار دولار سنويا. 
مع إيران وعلى لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن ميزاننا التجاري مع العراق يبلغ 8 مليارات دولار سنويا. والرجل يطمح أن يتضاعف خلال العام القادم بحيث يصبح 16 مليار دولار. بحساب عرب كما يقولون فإن العشرة مليارات بيننا وبين تركيا والثمانية مليارات بيننا وبين إيران وهو نفسه بيننا وبين الأردن والسعودية التي لم تعلن أرقام الميزان التجاري معها لاتعني سوى شيء واحد وهو أننا ندفع لهذه الدول كل هذه المليارات مقابل شراء سلع وأغذية منها. 
بمعنى أدق أننا لانصدر شيئا، نحن نستورد فقط، مانصدره هو النفط المستخرج من باطن الأرض وبأموال ضخمة ندفعها للشركات النفطية مقابل استخراجه، لكن ماهي الصلة بين المطر والنفط؟ الإجابة أن كليهما نقمة لا نعمة، فالنفط  الذي نستخرجه من  باطن الأرض نبيعه لا لكي نستثمر أمواله في بنى تحتية حقيقية وصناعات عملاقة بما يحول مدننا كلها "زرق ورق" مثل دبي بل لكي نشتري بثمنه "شكرلمة ولبن كالة وقيمر وخيار وبطاطا ولالنكي". أما المطر وبسبب تردي البنى التحتية جعل أطفالنا يؤدون امتحانات نصف السنة تحت المطر تماما، لا أستبعد أن يتحول الهواء بعد يومين الى نقمة، هل نكف عن التنفس مثلا؟ قد نتنفس تحت الماء. "كل شي
 يصير".