الإعمار والبناء.. صراع أم فرصة؟!

آراء 2019/02/02
...

محمد الحسن 
 
 
الطائفة انتماء وليست مشروعا، والأخير لا بد أن يكون موضوعاً من قبل أناس يعيشيون المرحلة، والعقيدة ليست كذلك، فهي مرتبطة بتاريخ طويل. ليس منطقياً أن تكون الطائفة مشروعاً سياسياً يحدد حياة أجيال حاضرة او مستقبلية، فهي لا تتكلم عن ازمة تشكيل حكومة، أو ازمة امنية ولا عن السياسة الاقتصادية للدولة او الرؤية تجاه العلاقات الخ
جميع المشاريع الانتخابية في العراق الديمقراطي، لم تقم على رؤية إدارة دولة، فكانت تدور حول الارتباط العقائدي او العرقي، فضمت القوائم الكبرى قوى تتلاقى دينياً وقومياً وتتقاطع بعموميات الفكر السياسي.  هذا التقاطع أفضى بالمحصلة الى أزمات خانقة ما زالت ممسكة في تلابيب العملية السياسية، غير أنّ أحداث العام 2014 التي حدثت بعد تكلس وجمود رهيب كان نتيجة لتحالفات غير متجانسة سياسياً على الرغم من تماسكها الديني ظاهرياً. فتلك الاحداث كانت قمة صعود ظاهرة "التحالفات غير المتجانسة" والتي وصلت الى حالة اختناق وتسمم لابد من وضع معالجات حكيمة له.  آنذاك حدث ما يشبه التيه، وبعد اشهر قليلة ظهر ان مصير الناس واحد وعليهم ان يقاتلوا من اجل الاستمرار بالحياة.  
بطبيعة الحال، لن تستمر الحياة بحركتها اذا ما عادت الامور الى سابق حالها، بمعنى: لا يمكن انتظار نتائج جديدة ومستقبل مغاير للحاضر اذا ما بقيت المقدمات ذاتها.  المقدمات التي افضت اليها احداث كثيرة، وتمظهرت بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة؛ تختلف جدياً عن المقدمات التي تأسست عليها الأخطاء والفشل السابق. ولعل الاصطفاف الطائفي والقومي هو ابرز تلك المقدمات، وربما احدى نتائجه تمكن الإرهاب من احتلال مساحات شاسعة من العراق، والنتيجة الأخرى التي لا تقل خطورة عن الإرهاب: الفساد. تغول الفساد في مؤسسات الدولة ناتج عن التستر والتغذية التي تضمنتها تلك الاصطفافات.  
تغيرت الاصطفافات، وتحولت الى ما يشبه التموضع السياسي المتمحور حول مشاريع وأفكار متقاربة في إدارة الدولة بشكل عام، فمثلا تحالف الإصلاح والبناء، يضم كلا منهما قوى مختلطة استطاعت بشكل او بآخر أن تكسر حاجز الانتماء المذهبي. فمثلاً الإصلاح كتحالف تجاوز هموم التشكيل او التعطيل عندما انغمس في خطوات صيرورته نحو كيان سياسي موحد
 وناضج.  
اكتمال مأسسة الإصلاح تقضي بالضرورة على محركات الشعور الطائفي، وبالتالي ستخلق مقدمات متطورة جديدة تتأسس وفقها قواعد السلوك المستقبلي.  
غير ان اكتمال الإصلاح كقوة سياسية منسجمة مع النظام الديمقراطي، بحاجة الى حركة مقابلة من قبل تحالف البناء الذي ما زال يعبر عن صدى او ردة فعل غير متسقة مع الحدث. وهنا نجد انفسنا امام قوتين احدهما تفهم الواقع وتحاول المضي وفق متطلباته، وثانية تقاوم التطور والخروج من قوالب الماضي المباد، وهي قوالب بدائية تستدعي البقاء في دوامة الخراب!