برلمانيون يشيدون بالاتفاقية مع الأردن ويعدونها خطوة إيجابية

الثانية والثالثة 2019/02/03
...

بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب
 
أشاد برلمانيون بالاتفاقية الاقتصادية التي وقعها العراق مع الأردن، عادّين إياها خطوة إيجابية، مؤكدين أهميتها بتحسين الأداء الاقتصادي للبلاد وخلق آفاق لفرص عمل كبيرة في السوق العراقية، وفتح منافذ جديدة بالتعددية والتنوع للتبادل التجاري وتترك للعراق الحرية في اختيار منافذ تصدير النفط واستيراد السلع من المناشئ المختلفة، لكن البرلمانيين دعوا في الوقت نفسه إلى خلق توازن بين المنتج المحلي والمستورد وحماية الصناعة الوطنية.
وبينما شهد منفذ طريبيل الحدودي خلال الساعات الماضية تدفقاً كبيراً متبادلاً للشاحنات بين البلدين، أصدرت وزارتا النفط والتجارة - بعد توقيع الاتفاقية العراقية – الأردنية - بيانين منفصلين، أوضحتا فيهما المنافع التي سيجنيها العراق منها، وأكدتا بالتفاصيل الآثار الإيجابية للاتفاقية التي وقعها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ونظيره الأردني عمر الرزاز، كما دحضت النفط والتجارة "الشائعات" التي رافقت الاتفاقية، حيث بين وزير النفط ثامر الغضبان أن سعر البرميل المباع للأردن هو (50 دولاراً) وليس كما يشاع من بعض الأوساط (18 دولاراً)، كما أن وزارة التجارة أكدت عدم شمول جميع السلع الداخلة للعراق بالإعفاء الجمركي، وعدم تضمين الاتفاق ما يضر بالصناعة والزراعة في البلاد.
 
توضيح النفط
وأكد نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط ثامر عباس الغضبان، أن العلاقات العراقية الأردنية شهدت بعد تشكيل الحكومة الجديدة مباشرة تطوراً واضحاً ابتداءً من زيارة رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح الى عمان في 15 تشرين الثاني 2018.
وأشار نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط ثامر عباس الغضبان، في بيان تلقته "الصباح"، إلى الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، وأوضح، أن "اللقاءات تمخضت عن توقيع محضر شامل لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في البيان المشترك الذي تناول مجالات التعاون في قطاعات عدة من بينها الصناعة والزراعة والتجارة والصحة والنقل والملفات المالية". وأضاف الغضبان، "وبالنسبة لقطاع الطاقة فقد تناولت المباحثات أكثر من محور وشملت مناقشة موضوع الربط الكهربائي بين البلدين، وتنشيط الاتفاق السابق المبرم بين البلدين عام 2006 لتزويد الأردن بما معدله (10) آلاف برميل في اليوم من نفط كركوك بواسطة الصهاريج، واستكمال الاتفاقية الإطارية لمد أنبوب تصدير النفط العراقي من الرميلة الى ميناء العقبة والتي تم العمل عليها منذ سنوات".
وفي ما يخص طلب المملكة تزويدها بالنفط الخام العراقي من نفط كركوك الى مصفاة الزرقاء في الأردن، أوضح الوزير أن "هذا الأمر ليس بالجديد، فقد كان العراق يزود الأردن في السابق بالنفط الخام من نفط كركوك ونفط البصرة كون العراق بلداً منتجاً ومصدّراً للنفط، والأردن بلداً مستهلكاً، وقد وُقعت مذكرة تفاهم في 18/8/2006 لتزويد الأردن بنفط خام كركوك منقولاً براً بالصهاريج وفق تسعيرة تعادل سعر نفط خام برنت ناقصاً (18) ثمانية عشر دولاراً تغطي كلفة النقل ما بين كركوك والزرقاء، مع الفروقات في نوعية نفط خام كركوك عن نفط خام برنت، وقد تم توقيع مذكرة التفاهم المذكورة في حينها من قبل رئيسي الوزراء في كلا البلدين، وبالنسبة الى المذكرة الجديدة التي وقعت بين الجانبين يوم 2/ شباط / 2019 الجاري، فهي نسخة طبق الأصل عن المذكرة السابقة باستثناء أن المعادلة السعرية هي أفضل بدولارين فبدلاً من الـ (18) دولاراً تم الاتفاق على (16) ستة عشر دولاراً، وللتوضيح؛ فإن ذلك يعني أن العراق سيبيع البرميل الى الاردن بـ (50) خمسين دولاراً اذا كان سعر نفط برنت (66) دولاراً وليس بـ (18 أو 16) دولاراً كما تصوّر البعض، وتتولى مصفاة النفط في الزرقاء تحمّل كلفة نقل النفط من بيجي الى الزرقاء في الأردن، مع الأخذ بنظر الاعتبار الفرق في نوعية النفط الخام المصدر عن نفط برنت".
وقال الوزير: إنه "من المؤكد أن هذا الاتفاق الشامل جاء ثمرة للتفاهمات السياسية بين البلدين على أعلى المستويات ليعكس رغبتهما المشتركة في تطوير وتنمية العلاقات بين الشعبين والبلدين الشقيقين وإصرارهما على مكافحة الإرهاب وتحويل المنطقة الى منطقة يسودها الأمن والسلام لما فيه خير الشعبين الشقيقين وهو نهج تلتزم به حكومة العراق ليس مع الأردن فقط بل مع جميع دول الجوار".
 
منافع التجارة
بدورها، قالت وزارة التجارة في بيان تلقته "الصباح": إن "الاتفاق مع الاردن سينعكس ايجابا على الازدهار والرخاء للشعبين الأردني والعراقي، لما له من أهمية اقتصادية وتجارية للبلدين"، مشيرة الى أن "الحكومة الاردنية قررت إعفاء البضائع العراقية المستوردة عن طريق ميناء العقبة من (75 بالمئة) من الرسوم التي تتقاضاها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وبالتالي يصبح المبلغ الذي يدفعه المستورد العراقي هو نسبة (25 بالمئة) من رسوم المناولة".
وأضافت، أن "اعفاء البضائع من التعرفة الجمركية لا يتضمن جميع السلع والبضائع الواردة الى العراق، حيث اشتملت القائمة المعفاة على السلع التي لا تسبب ضرراً بالصناعة والزراعة المحلية العراقية، كما انه سيتم الابقاء على الرسوم المفروضة على البضائع التي تصنع في العراق، ومراجعة قائمة السلع المعفاة كل 6 أشهر بناءً على دراسات تقدمها الجهات المختصة في العراق بشأن حاجة البلاد لتلك البضائع من عدمها".
وتابعت الوزارة، ان "الجانب الأردني وافق على منح أفضلية للسلع الزراعية العراقية للدخول للأردن في المواسم التي يشح فيها إنتاج الأردن لهذه السلع، وهذه فرصة للزراعيين العراقيين في زيادة الانتاج وتصدير الفائض الى الاردن، وهذا له فوائد اقتصادية تتمثل في تعدد مصادر رفد موازنة العراق بالأموال، بدلاً من اعتمادها الكلي على النفط".
وبينت التجارة، أن "الاتفاق يتضمن إنشاء منطقة صناعية حرة بين البلدين وفي هذه الحالة سيستفيد العراق من الحصول على اعفاءات جمركية للسلع والبضائع التي ينتجها ومزايا اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها المملكة الأردنية الهاشمية مع دول العالم، مما يسهل دخول البضائع الى السوق العالمية وبلدان يصل تعدادها الى مليار شخص، كما أن انشاء هذه المنطقة سيساهم مساهمة فعالة في تقليص البطالة التي يعاني منها العراق، كما ان الاتفاق سيساعد على سرعة دخول البضائع والسلع بين البلدين وهو ما يجعلها تحافظ على جودتها، بدلا من الاجراءات الروتينية التي تقلل من جودة البضائع، نتيجة بقاء الشاحنات التي تنقلها لأسابيع في المنافذ الجمركية".
عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية علية الامارة، قالت في تصريح صحفي: إن "العراق وبعد الانتهاء من مرحلة داعش وتحرير جميع المناطق، أصبح بحاجة الى البدء بمرحلة الاعمار والتنسيق مع الدول لاستكمال هذه المرحلة الضرورية"، مبينة أن "الحكومة تعمل وبشكل سريع بغية تحقيق نتائج على الارض لإثبات رغبتها بتقديم الخدمات للشعب".
وأضافت الامارة، أن "الاتفاقيات المبرمة بين العراق والاردن نجد فيها مصالح مشتركة"، موضحة أنه "في الوقت الذي سيقدم فيه العراق خصما ودعما لاسعار النفط المقدم الى الاردن فإن الاخيرة ستقدم خصما للعراق 75 بالمئة عن البضائع الداخلة من ميناء العقبة الى العراق"، وعدت " تطوير الطيران والتدريب ودعم النقل الجوي وتبادل الطاقة الكهربائية من بين الفوائد التي سيحصل عليها العراق وهي جميعا اتفاقيات تصب بمصلحة البلدين".
 
تأييد برلماني
وفي المواقف البرلمانية المؤيدة، أكد النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني بشار الكيكي، دعمه لخطوة الاتفاقية التجارية مع الاردن بإطارها العام، عادّاً إياها "نتيجة منطقية لعلاقات متواصلة بين البلدين، وبالتالي هي بمثابة تتويج عن علاقة مسؤولة وناضجة"، مبينا أن "الجانب السياسي من هذا الاتفاقية سيفتح آفاق المجتمع الدولي أكثر أمام العراق".
وأضاف الكيكي في تصريح لـ"الصباح"، أن "الاقتصاد العراقي مازال ريعياً بعكس الأردن، ومن المؤكد ستعود المنفعة التجارية على العراق، وقد تكون هناك منفعة أكثر للجانب الاردني في جوانب معينة".
وأشار إلى أن "وضع العراق الاقتصادي يتطلب الانفتاح على العالم بسبب تعرض الصناعة العراقية للأزمات جراء الحرب ضد الإرهاب"، مشيراً الى أن "هذه الاتفاقية تقوي العلاقات السياسية والاقتصادية ويتم من خلالها تسهيل الكثير من المتعلقات في الجانب المالي وسيستفيد العراق منها بشكل أو بآخر"، وأضاف، أن "الاتفاقية ستشجع الآخرين على الدخول إلى السوق العراقية وهي خطوة لبناء علاقات استثمارية منفتحة على العالم".
من جانبه، بين النائب عن كتلة المحور عبد الله الخربيط، أن "الاتفاقية الاقتصادية مع الاردن ستكون بصالح العراق"، وأضاف في تصريح لـ"الصباح"، أن "الاتفاقية مع الاردن هي اختيار منطقي وحكيم، لأنها لا تستطيع أن تغطي 20 بالمئة من احتياجات العراق وبالتالي لن تؤثر في الانتاج المحلي".
ولفت الخربيط، إلى أن "الاتفاقية ليست دائمية وليست قانوناً، وإنما حالة مؤقتة لإعفاء بعض المواد، وأهم من ذلك هو الاستفادة من المنفذ الاردني احتياطيا في حال حدث أي طارئ في مضيق هرمز".
وأشار إلى أن "انفتاح العراق على العمق العربي واجب مهم جداً، والعراق مازال متأخرا بهذا الجانب، لذلك نشد على يد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، لأنها خطوة بالاتجاه الصحيح ولا تدعو لترك الحلفاء القدماء ولكن لزيادة عددهم".
بينما لفت رئيس كتلة ائتلاف الرافدين النيابية عمانوئيل خوشابا، إلى أن "الاتفاقية التجارية يجب أن تتجه الى خلق توازن فعلي بين المستورد والمنتج لأن العراق بحاجة الى تعظيم الموارد المالية ودعم الاقتصاد الوطني". وأكد في تصريح لـ"الصباح"، أن "الاتفاقية التجارية مازالت غير واضحة الاسس التي بنيت عليها، لذلك على الحكومة دراسة الاتفاقية إضافة الى دعم الاقتصاد الوطني من اجل النهوض بالصناعة العرقية"، مبدياً تأييده لـ "خلق ميزان عادل والانفتاح والتجارة مع العالم ودول الجوار، لكن بما يدعم المنتج المحلي وينهض بالصناعة العراقية".
وشهدت محافظة الأنبار دخول عشرات الشاحنات الأردنية المحملة بالسلع المختلفة بعد ساعات من افتتاح منفذ طريبيل الحدودي غربي المحافظة، كما بدأت الشاحنات العراقية بالتحرك صوب الأراضي
الأردنية.