سالم مشكور
مؤلم جدا أن تسمع نائباً يطلق تصريحاً يكشف جهلا كبيراً بطبيعة مؤسسات الدولة واليات عملها، فيوجه اتهامات أو لوماً الى وزارة أو جهة رسمية غير معنية اساساً بالموضوع الذي يتحدث عنه. مثلا يتحدث عن تردّي خدمة الاتصالات التي تقدمها شركات الموبايل ويتهم وزارة الاتصالات بعدم متابعتها. هو يعرف ان الموضوع يتعلق بالاتصالات وهذه الكلمة واردة في اسم وزارة موجودة فيربط بينهما. هذا النائب لم يسمع بهيئة دستورية مختصة بتنظيم الاتصالات ومتابعة جودة الخدمة التي تقدمها هذه الشركات، وإن الوزارة غير معنية بهذا الامر. أو تجد مسؤولا "رفيعا" يتحدث بأسلوب ركيك ويشخصن الأمور بطريقة لا تليق بمن يتبوّأ موقعه.
هذه التصرفات تؤثر سلباً في هيبة المواقع السياسية وبالتالي تؤثر في هيبة الدولة وما يتبعه من تراجع ثقة الجمهور بها، وهذا يشكل أرضية للتمرد والازدراء لما يصدر عن هذه المؤسسات الدستورية وعن السلطات الدستورية ككل.
أفهم أن النواب ليسوا كلهم محيطين بالسياسة وطبيعة مؤسسات الدولة وعملها، وبعضهم من فئة عمرية صغيرة، لكن واجب الأحزاب والكتل والافراد أنفسهم أن يرفعوا من مستوى ثقافتهم السياسية لكي يستطيعوا ممارسة مهامهم بالشكل الصحيح. فالحزب الذي يرشح أفرادا لمواقع تشريعية أو تنفيذية، عليه أولا أن يختار من يملك هذه الثقافة، فان لم تتوفر، توجب عليه إخضاع مرشحيه الى دورات مكثفة تمكنه – في الأقل - من معرفة ما يدور حوله، وكذلك كيفية التحدث بأسلوب يبتعد عن الضحالة التي تبدو في أحاديث البعض. في النهاية فان ما يبدر من السياسي، التشريعي أو التنفيذي سيعود على سمعة وحيثية الجهة التي ينتمي اليها، ومن مصلحة هذه الجهة أن تقدم من يحفظ لها هيبتها. الافراد أنفسهم سيكونون في الواجهة وسمعتهم وهيبتهم تكون على المحك. ينبغي لهم أن يبادروا الى توسيع ثقافتهم السياسية ليؤدوا عملهم بالشكل الصحيح وليكسبوا ثقة الجمهور الذي سيكون رصيداً انتخابياً لهم في المراحل اللاحقة. أعرف اننا سنصطدم بالأنفة الفارغة التي تحكم ثقافة العراقي بشكل عام، فتدفعه الى الاستنكاف عن التعلّم من الغير ولو كان ذلك لمصلحته
المباشرة.
لا يفترض بالنواب أن يكونوا بمستوى سياسي وعقلي واحد لكن مسؤولية الكتل والأحزاب والنواب أنفسهم هي رفع مستوى الثقافة السياسية والرقي في الكلام والسلوك، لمن يفتقد ذلك منهم، لكي يؤدوا عملهم بالشكل الصحيح ولكي يحفظوا للدولة هيبتها وللناس ثقتهم بالدولة والتزامهم بقوانينها.