لا اعرف لماذا شعرت برغبة قوية لتصفح موقع فني يعرض لوحات للرسام ادوارد هوبر حين قرات خبرا مفاده ان هناك من يعارض قيام المجلس الاعلى لمكافحة الفساد.كما ان هناك
مؤيدين له.
ربما لانني اردت ان ابحث عن وجهي في لوحات ذلك الرسام الذي كان يرسم اشخاصا منعزلين يفكرون وحدهم، وينعزلون عن الاخرين، فكرت ان الفساد يفرض علينا جدرانه الاسمنتية العالية ويعزلنا عن الراحة، والامل بالمستقبل، فكرت بهذه الطريقة بعد قراءتي لبعض الاخبار عن معارضة بدأت تظهر ضد تفعيل المجلس الاعلى للفساد.
لكن ما استوقفني في هذا الخبر، ولم استطع فهمه هو كيف يمكن ان يعارض بعض السياسيين مثل هذه النية السياسية
الجديدة.
اظن ان ما قد يزعج البعض من وجود مجلس غير تقليدي هو وجود محكمة وقوة امنية اضيفتا للمجلس لاعطائه مصداقية اكبر، وحسم في ملفات بالغة التعقيد، انا اتساءل هل هناك من يسعى لتجريد مجلس مكافحة الفساد من جناحيه اللذين لن يطير بدونهما واعني بهذين الجناحين المحكمة والقوة الامنية، لذا انا اركز الان حديثي على نقطة واحدة مهمة جدا وهي لو ان المجلس المذكور استنسخ على غرار السنوات السابقة ترى هل كان سيجد معارضين له.؟
هذا السؤال يطرح مشكلة صعبة نعاني منها منذ سنوات وهي موجة قوية من فساد يتحدث عنه الجميع بصراحة تامة، لكن دون ان نجد فاسدا واحدا عوقب.
ولعل ما يجعلنا نتساءل ايضا هو وجود هذا المجلس منذ عام 2007 دون ان نحس بوجوده، وها هو اليوم يظهر للعلن برئاسة عبد المهدي مع منحه اي المجلس سلطة واضحة تعكس توجها حقيقيا بكل معنى الكلمة، ولا اعتقد ان احدا لا يتمنى تحقيق هذا التطور في عمل الحكومة، لكن هل المهمة
سهلة.؟
لا اظنها كذلك الا ان فكرة المحكمة والقوة الامنية تعني ان هناك اضافة جدية حقيقية لعمل المجلس، وبدون هذه الاضافة لن يكون للمجلس حضور قوي ومؤثر في الحد من الفساد واسقاط
اركانه.
اذن هل اقترب السيد رئيس الوزراء من المنطقة الملتهبة حين قرر ان يغير من وضع مجلس كان موجودا بالاسم فقط، وكنا نسمع عنه في الاعلام ككيان بلا ملامح.
يبدو ان خطوة عبد المهدي اثارت لدى بعض القوى السياسية هواجس لم افهمها حتى الان، وارجو ان تعلن لنعرف وجهة نظر كل معارض لطريقة عمل المجلس بروحه الجديدة، اعني هل ستكون لدى من لا يتفق مع رئيس الوزراء وجهات نظر خاصة تمس حياة الناس وحريتهم
مثلا.
شخصيا سيكون يوم سعادتي الاكبر حين اشاهد اول حكم تصدره المحكمة وتنفيذ هذا الحكم من قبل القوة الامنية المعينة لهذا الغرض، اذا حدث هذا الامر فسنكون دخلنا حقا في حرب لن تطول لان الفاسدين ليسوا ابطالا وانما جبناء، وتكمن القدرة على محاربتهم في ادانتهم بالوثيقة.