كما في كل عام، مازال العراق في اسفل قائمة الدول النزيهة، او في "قمة" الدول الفاسدة.
فقد اعلنت منظمة الشفافية العالمية، وهي منظمة غير ربحية تعمل في اكثر من 100 دولة بمبادرة شخصية وليس حكومية، ان العراق احرز 18 درجة من اصل 100 في اختبار الشفافية، وهي الدرجة التي تضعه في المرتبة 168 من اصل 180 دولة شملها مؤشر الشفافية لهذا العام. مع ملاحظة ان العراق تقدم بدرجة واحدة فقط عن العام الماضي حيث احرز 17 درجة، وفي العام الذي سبقه احرز 16 درجة. ما يعني ان العراق يتقدم درجة واحدة فقط في العام الواحد رغم كل ادعاءات محاربة الفساد التي تدعيها الحكومات المتعاقبة، ودعاة الاصلاح المزعومون!
مظاهر الفساد المشمولة
يشمل مؤشر الفساد النقاط التالية فقط:
1. الرشوة
2. اختلاس المال العام
3.انتشار ظاهرة المسؤولين الذين يستغلون المناصب العامة لتحقيق مكاسب شخصية في ظل الإفلات من العقاب.
4. قدرة الحكومات على الحد من الفساد وفرض آليات فعالة لتكريس مبدأ النزاهة في القطاع العام.
5. عبء الإجراءات الروتينية والبيروقراطية المبالغ فيه الذي من شأنه أن يزيد من فرص ظهور الفساد.
6. المفارقة بين التعيينات القائمة على الكفاءة والتعيينات القائمة على المحاباة في الوظيفة العمومية.
7. ملاحقات قضائية جنائية حقيقية لمسؤولين فاسدين.
8. قوانين كافية تتعلقُ بالتصريح بالممتلكات والذمة المالية ومنع تضارب المصالح في صفوف الموظفين العموميين.
9. توفير الحماية القانونية للمبلغين عن الفساد والصحفيين والمحققين لدى تبليغهم عن حالات الرشوة والفساد.
10. السيطرة على الدولة من قبل أصحاب المصالح الشخصية الضيقة.
11. قدرة المجتمع المدني على النفاذ إلى المعلومة فيما يتعلق بالشؤون العامة.
ولا يشمل المؤشر النقاط التالية:
1. مدركات المواطنين أو حالات الفساد التي يتعرضون لها.
2. التهرب الضريبي.
3. التدفقات المالية غير المشروعة.
4. ميّسرو الفساد (مثل المحامين، المحاسبين المستشارين الماليين، وغيرهم)
5. تبييض الأموال
6. فساد القطاع الخاص
7. الاقتصادات غير الرسمية والأسواق غير المنظمة.
اجراءات عادل عبد المهدي
في هذه الاثناء، اعلن رئيس مجلس الوزراء الاخ عادل عبد المهدي حزمة قرارات اجرائية في اطار تفعيل او تشكيل المجلس الاعلى لمكافحة الفساد تضمنت مايلي:
1. الاسراع باكتمال المنظومة القانونية لمكافحة الفساد ودعوة مجلس النواب ، ومجلس الدولة لاخذ ادوارهما ومسؤولياتهما بهذا الشأن ، من خلال استكمال الاجراءات لإصدار القوانين المقتضية.
2. الالتزام الصارم بافصاح المسؤولين المكلفين عن ممتلكاتهم، وخلال مدة لا تتجاوز اسبوعاً واحداً.
3. التزام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بوضع برامج وخطط عمل لمدة 90 يوماً، لابرز الاولويات للمشاريع الخدمية والاعمار، وتتولى الاجهزة الرقابية مهمة المتابعة والرصد وتقييم البرامج والسياسات والخطط المذكورة، لتحديد المسؤوليات والادوار والمقصرية للوزارة او الجهة غير المرتبطة بوزارة
ازاءها.
4. التزام الاجهزة الرقابية (هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية الاتحادي ) باستكمال متطلبات اعمالها سواء الاطار القانوني او المؤسساتي او العملياتي وتقييم ادائها واعادة مراجعة سياساتها وبرامجها بما يتناسب وحجم التحديات والمسؤوليات.
5. الاسراع في اعداد المؤشر الوطني للنزاهة (قياس الفساد ) ودعوة هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية الاتحادي الى انجاز المشروع خلال فترة مناسبة لقياس الاداء الحكومي ومساءلة ومحاسبة القادة والاداريين عما يفرزه المؤشر من مظاهر فساد في الوزارة او التشكيل.
6. الزام الوزارات بالاشراف والتوجيه الميداني لمشاريعها وتحديد واقع تلك المشاريع والتغلب على العقبات ازاءها ورفع تقارير الى الجهات الرقابية.
7. الاسراع في اعادة ستراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفساد تشترك فيها مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية ومؤسسات المجتمع المدني، بحيث تكون شاملة عامة ، واقعية ، قابلة للقياس، وتتولى هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية الاتحادي مهمة اعدادها. (ملاحظة مني: سبق ان وضعت هذه الستراتيجية).
8. تفعيل اجراءات استرداد الممتلكات العراقية المنهوبة في الخارج، وتقديم هيئة النزاهة الملفات المهمة للتواصل مع الدول المعنية لاجل استردادها.
9. تفعيل ( من اين لك هذا ) ودعوة البرلمان للاسراع بتشريع قانون الكسب غير المشروع.
10. دعوة الاجهزة الرقابية ( هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية الاتحادي ) للعمل بروح الفريق الواحد في رصد ومتابعة وتقييم السياسات والبرامج الحكومية وتقديم الحلول والمقترحات بما يضمن التطبيق الامثل لمبادرات مكافحة الفساد في الوزارات وتشكيلات الدولة وتقييم تلك المبادرات.
11. الالتزام الصارم باستقلالية وعمل القضاء وحظر اي تأثير او تدخل باعماله.
12. دعوة الاجهزة الرقابية الى مراجعة وتقييم عمل مكاتب المفتشين العموميين بضوء الامر التشريعي رقم 57 لسنة 2004، وتقديم دراسة بالنتائج لمدة لا تتجاوز شهراً واحداً.
ويستطيع القارئ الحصيف ان يقارن بين هذه الاجراءات وبين النقاط المشمولة بمؤشر الفساد ليرى مدى ارتباط الاجراءات بالقضاء على منابع الفساد، وبالتالي معرفة مدى نجاعتها وفعاليتها في تحقيق هذا الغرض.
ويلاحظ ان الفساد المقصود امر يتعلق بالموظفين العموميين الذين يشكلون الجهاز التنفيذي والتشريعي للدولة، ابتداءً من اعلى المناصب الحكومية (رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان) وصولا الى اصغر موظف حكومي في ادنى درجة وظيفية في سلم الوظائف الحكومية. فكل هؤلاء يمكن ان يُفسدوا في الدولة،
باية نقطة من النقاط الواردة اعلاه، ويفترض ان تعالج خطة مكافحة الفساد كل النقاط المذكورة بما يناسب كل واحدة منها.
والخطوط العريضة لهذه الخطة الستراتيجية تتضمن المحاور التالية:
اولا، المحور التربوي وتتولاه وزارة التربية من خلال المنهج التربوي الحضاري الحديث.
ثانيا، المحور القانوني
ثالثا، المحور الاعلامي والثقافي
رابعا، المحور الاداري والاجرائي
خامسا، المحور العقابي
ولكل واحد من هذه المحاور تفصيل اتركه لمقالة ثانية.
تغطي اجراءات رئيس الوزراء بعض هذه المحاور، لكنها اغفلت محاور اخرى، ما يجعلها اجراءات ناقصة لابد من استكمالها بالمحاور المتبقية.