مظلة دوليَّة لحقوق الإنسان

آراء 2019/02/11
...

محمد صادق جراد 
 
ما زلنا نتابع انتهاكات لحقوق الإنسان في العديد من الدول، بالرغم من القوانين والمعاهدات الدولية التي دعت الى احترام هذه الحقوق وحماية الإنسان من التجاوزات التي يتعرض اليها على يد المتطرفين والقوميين والسياسيين في مجتمعات يتباين فيها مستوى فهم وتطبيق مفاهيم حقوق الإنسان حسب المستوى الثقافي وحسب ظروف البلد السياسية والاجتماعية، فتلك الانتهاكات تصل إلى ذروتها في الدول التي تعيش مجتمعاتها في ظل حكومات تعاني من صراعات داخلية او دول تعاني من مشكلات طائفية وسط وجود أفكار متطرفة تدعو للتصفية العرقية والطائفية التي وصلت الى مستوى نزاعات يدفع الإنسان البريء وصاحب الفكر والرأي ثمناً لها  . ولقد دفع الكثير من دول العالم ضريبة هذه النزاعات وقدمت آلاف الضحايا في انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.
وفي ظل هذه الانتهاكات، لابد من الإشارة الى حقيقة مهمة للغاية وهي ان انتهاكات حقوق الإنسان اليوم لم تعد شأناً داخلياً ولم يعد أحد قادراً على قتل الناس او سحق الجموع وراء الأسوار العالية أو في سجون تحت الأرض في ظل التطور الكبير في وسائل الإعلام وسرعة وصول المعلومة الى الرأي العام . وتعاني الكثير من الشعوب في العالم انتهاكات كثيرة في حقوق الإنسان على مختلف المستويات، الأمر الذي يجعل الحاجة قائمة إلى إجراءات وقوانين يتم من خلالها تسييس وتدويل مبادئ حقوق الإنسان لتكون هذه القوانين سلاحاً للضغط على الأنظمة وعلى الجهات التي تمارس هذه الانتهاكات ضد الإنسان في كل مكان.
وعندما نطالع معظم ما جاء في الدساتير التي كتبها الإنسان على مدى العصور نجد أن هذه الدساتير لا تخلو من نصوص ومواد حقوق الإنسان والحرص على حمايتها من قبل الدولة، إلا أن تلك النصوص ليست أكثر من مواد دستورية كتبت لتزيين تلك الدساتير ولم تمنع الأنظمة من ارتكاب الكثير من الانتهاكات بحق الحريات والحقوق، ما جعلنا نشهد في العقود الأخيرة نشاطاً ملحوظاً للمنظمات المطالبة بتطبيق مبادئ حقوق الإنسان وإيقاف التجاوزات التي يتعرض لها الإنسان على يد المتطرفين من السياسيين والقوميين والمتدينين في جميع بقاع الأرض.
ولقد جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) 1948 في 30 مادة كحدث تاريخي ونقطة تحول في تاريخ البشرية، ولقد طلبت الجمعية العامة من جميع الدول الأعضاء أن تدعو لنص الإعلان وأن تعمل على نشره وتوزيعه وقراءته وشرحه، لا سيما في المؤسسات التربوية في محاولة لتوعية القاعدة الشعبية بالمفاهيم التي جاء بها الإعلان لحماية الحقوق الفردية والجماعية لكي يدرك المواطن أن له حقوقاً منتهكة ومغتصبة أهمها الحق في الحياة والحرية والأمان والحق في التعبير، وحق تقرير المصير، ولا بد له من المطالبة بها وان هذا الإعلان كوثيقة دولية سيساعده في هذا الأمر من خلال تدويل وتسييس مبادئ حقوق الإنسان وجعلها وسيلة وسلاحاً للضغط على الجهات التي تنتهك هذه الحقوق.