مرتضى صلاح
زكاة الفطر يجب إخراجها على المسلم قبل صلاة عيد الفطر بمقدار محدد على كل نفس من المسلمين؛ وذلك بدلالة الخبر المشهور لدى الفقهاء أن رسول الله (ص) فرض زكاة الفطر من صيام شهر رمضان على الناس بمقدار صاع من تمر أو صاع من شعير على كل مسلم، حرا كان أم عبدا، ذكرا أو أنثى. ومن المشهور أن صيام المرء يبقى معلق القبول ما لم تدفع
هذه الزكاة.
وأجاز عدد من الفقهاء إخراجها قبل وقتها بيوم أو يومين، ولا مانع شرعا من تعجيل زكاة الفطر من أول دخول رمضان؛ لأنها تجب بسببين: بصوم رمضان والفطر منه، فإذا وجد أحدهما جاز تقديمه على الآخر.
وزكاة الفطر تخرج للفقراء والمساكين وكذلك باقي الأصناف الثمانية التي ذكرها الله تعالى في آية مصارف الزكاة، وهم الفقراء والمساكين وابن السبيل والعاملون عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله، ويجوز أن يعطي الإنسان زكاة فطره لشخص واحد، كما يجوز له أن يوزعها بين أكثر من شخص، والتفاضل بينهما إنما يكون بتحقيق إغناء الفقير فأيهما كان أبلغ في تحقيق الإغناء كان هو الأفضل.
فالشرع الشريف يميل الى تنويع الإنفاق في الخير، والحض على التكافل والتعاون على البر، ولهذا تم تشريع الزكاة كركن للدين، وهناك تأكيد بالحث على التبرع، وعلى هذا فإن إفطار الصائم ومنه موائد الإفطار المنتشرة لا يمكن اعتبارها جزءا من زكاة الفطر، وإن كانت هذه الموائد تعبر عن مظاهر الخير والتكافل بين المسلمين، بوصفها مظهرا يجمع الفقير والغني؛ لأن هذه الأعمال تأتي من باب البر والاحسان وبذل الصدقات لعامة الناس، ولا ينطبق عليها التخصيص القرآني بالمشمولين بهذه الزكاة تحديدا، حيث إن الله تعالى قد حدد مصارف الزكاة في الأقسام المذكورة في اية شريفة تحدد المشمولين بها، فجعل في صدارتها الفقراء والمساكين؛ لبيان أولويتهم باستحقاق الزكاة.
والزكاة العامة تنطبق أحكامها على زكاة الفطر المتعلقة بصيام شهر رمضان المبارك.
أما نوع مادة الزكاة المستخرجة من الصائم فيجوز اخراجها مادة عينية من طعام السوق المشهور أو إخراجها مالا، وهو الأقرب إلى تحقيق مقصود الشرع فى التوسعة على الفقراء وإغنائهم يوم العيد.
والضابط في جنس زكاة الفطرة ان يكون قوتا شائعا لأهل البلد، يتعارف عندهم التغذي به وان لم يقتصروا عليه، سواء أكان من الأجناس الأربعة (الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب) أم من غيرها كالرز والذرة، كما يجب ألا تخرج الفطرة من القسم المعيب، ويجوز اخراجها من النقود عوضا عن الأجناس المذكورة، ومقدار الفطرة هو صاع بحسب ميزان زمان النبي (ص) ويقدر بأربعة أمداد، والمد الواحد نحو ثلاثة أرباع الكيلوغرام، ويكفي فيها اعطاء ثلاثة كيلوغرامات من المادة الغذائية أو ما قيمته من النقود، بحسب مختلف الفقهاء. وقد ذكر بيان لمكتب السيد علي السيستاني حفظه الله، بأن أقل مبلغ يمكن اعتباره زكاة عن فرد واحد هو 1500 دينار، كما ذكر بيان للمجمع الفقهي في جامع الإمام ابي حنيفة أن مبلغ 2500 دينار يعد مبلغا كافيا للبدل النقدي لزكاة الفطرة. أما إذا رغب المسلم بزيادة مبلغ الزكاة ففي ذلك خير كبير يدل على الإحسان الذي يحمله صاحبه في نفسه، فالله تعالى يحب المحسنين.