المرجعية الدينية صوت الواقع

آراء 2019/02/15
...

محمد حسن الساعدي 
مثلّت المرجعية الدينية وعلى طول وجودها، الإمتداد الطبيعي للنبوة والإمامة وما دامت تدور في دائرة أهل البيت عليهم وآلهم أفضل الصلوات، فان عملها يسير وفق خطاهم ومواقفهم، فلقد تقلدّت المرجعية الدينية وظائف وواجبات عديدة جعلتها تحمل أمانة الرسالة المحمدية، ومارست الأدوار التي فوضها دورها للقيام بها، وأعلنت مواقفها المهمة من كثير من حركات الانحراف مثلما مارسها أهل البيت.
المرجعية الدينية ومن خلال خطب الجمعة ،كانت ومازالت مصرة على نهجها في تقييم وتقويم المجتمع بجميع أبعاده، وستظل في كل خطبها تضع النقاط على الحروف، وتعلن موقفها بكل حزم ووضوح، سواء في الجانب السياسي أو الاجتماعي، وعندما تنبه لأمر فإنما يأتي هذا التدخل من حرصها وشعورها، بأهميته ومساسه بمصالح الوطن والمواطن العليا، فتضع هذا الموقف أمام الرأي العام لكي يقرأه الجميع دون استثناء، ومنذ سقوط النظام البائد عام 2003 وهي تسعى إلى تصويب العمل السياسي في البلاد وبما يحقق الأمن والأمان للشعب العراقي، فقد تحملت أعباء كبيرة وكثيرة، وكانت لها مواقف وبيانات منعت فيها الكثير من القرارات القاتلة للعراق وشعبه، وسعت بكل ما تملك من وسائل متاحة الى أن تكون صوت العراقيين دون استثناء، وما الزيارات التي يقوم بها ممثلو الأمم المتحدة إلا تأكيد على مكانتها ورؤيتها السديدة في إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي تعصف بالبلاد. 
اللقاء الأخير الذي جمع مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة السيدة بلاشمارت مع سماحة السيد السيستاني في النجف الأشرف، حمل معه كثيراً من الرسائل المهمة، حيث أكد سماحته في هذا اللقاء "أن الكتل السياسية إذا لم تغّير من منهجها في التعاطي مع قضايا البلاد، فانه لن تكون هناك فرصة حقيقية لحل الأزمات الراهنة " ما يعطي انطباعاً لدى المراقب ان المرجعية وجهت تحذيراً مباشراً لهذه الكتل السياسية بأنكم ستكونون في دائرة الاستهداف الشعبي، ولن تكون أمامكم فرصة أخرى للنجاح، ما لم تكن البلاد والعباد من أولى مهامكم التي اختارتكم الناس لأجلها ، وفوضتكم في الدفاع عن حقوقها لا سرقتها ونهب خيرات 
البلاد.
 أكد سماحة المرجع الأعلى في هذا اللقاء أيضا، على أن العراقيين دفعوا ثمناً باهظاً في دحر الإرهاب الداعشي تمثل بأعداد الشهداء والجرحى والمعاقين، إلى جانب الخراب الذي لحق بالمدن التي احتلها، الأمر الذي يحتاج إلى جهود كبيرة في اعمار هذه المدن وضرورة الاهتمام بعوائل الشهداء والجرحى، كما أكد سماحته في اللقاء على أن العراقيين هم الأقدر والأجدر، على اتخاذ القرارات المناسبة والتي تضمن حماية بلدهم ومصالحهم ورفض في الوقت نفسه التدخل بشؤونه الداخلية، واتخاذ قرارات من جهات خارجية تمس امن وسيادة دول أخرى، الأمر الذي يعطي إيحاء برفض المرجعية الدينية تصريحات الرئيس الأميركي ترامب، بان العراق سيكون قاعدة لمراقبة إيران، وهو أمر مرفوض من المرجعية الدينية، إضافة إلى الرفض الشعبي في أن يكون العراق تحت الوصاية الأميركية.
المرجعية عودتنا أن لا تتدخل في الجزئيات والتفاصيل الصغيرة، بل ولا حتى في مواقف من مسؤولية الأمة أو الحكومة، إلا إذا تطلب الأمر ذلك.. لكنها إن تدخلت قوت ورسمت طريقا واضحا لا لبس فيه.