ويأكلون المال العام ...

آراء 2019/02/16
...

حسين الصدر 
 
- 1 -
 
هناك رجال عُرفوا بالنهم في الطعام، وهم يأكلون بمقدار ما تأكله جماعة من الناس ..
ومن هؤلاء:
(هلال بن الأسعر) – أحد شعراء الدولة الأموية-  قيل عنه:
 انّه كان (أكثر الناس أكلاً) 
الاغاني / ج3/72
 - 2 -
قيل له :
" ما أكلة أكلتها بَلَغتني عنك؟
قال:
جعتُ مرة ومعي بعيري فنحرتُه وأكلتُه الاّ ما حملتُ منه على ظهري .."
المصدر السابق /69
ومن الواضح:
انّ البعير يكفي العشرات من الناس ..بينما انفرد هلال بأكله كاملاً غير منقوص .
وضرب بذلك مثلاً لا يُنسى عن النهم الأكول ..!!
- 3 -
وجاء في ترجمته انه:
( مرّ على رجل من بني مازن بالبصرة وقد حمل من بستانه رطبا في زواريق (جمع روزق) فجلس على زورق صغير منها ، وقد كَثَبَ  (اي جُمع) الرطب فيه، وغطّي بالبواري،
قال له :
(اي قال للمازني) 
يا ابن عم:
آكل من رُطبك هذا ) 
قال:
نعم 
قال:
ما يكفيني؟
قال:
ما يكفيك 
فجلس على صدر الزورق وجعل يأكل الى أنْ اكتفى ثم قام فانصرف، فكشف الزورق فاذا هو مملوء نوى، قد أكَلَ رُطبَهُ، وألقى بالنوى فيه "
انّ اخبار أكله المفرط معروفة مشهورة ...
- 4 -
ومهما كانت قدرة (هؤلاء) على الأكل كبيرة فانها لم تكن تتعدى أكل بعير، أو أكل رطب يملأ زورقا من الزوارق .
وأين هذا ممن يأكلون المال العام ولا يشبعون ..؟
- 5 -
ان (العراق الجديد) يتصدر قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم – للاسف الشديد – والفساد المالي والاداري لا يقل خطراً عن الارهاب وهما متلازمان ومتعانقان لا ينفك أحدهما عن الآخر .
وقد ابتلينا بهما، غير أنَّ الله سبحانه وتعالى أنزل النصر على التكفيريين الارهابيين المجرمين ،بعد أنْ تصدى الابطال في القوات المسلحة العراقية – جيشا وشرطة – والحشد الشعبي المبارك، وقوات العشائر العراقية الاصيلة، وتم دحر تلك الشراذم المجرمة والقضاء عليها ..
أما الفساد المالي والاداري فما زال قائما حتى هذه الساعة..!!
- 6 -
ان المال العام وهو ما يجب أنْ ينفق على المواطنين العراقيين، عَبْرَ المشاريع الحيوية النافعة لهم، واشباع حاجاتهم الضرورية، ويغطي رواتب العاملين في مختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها ...
ولا يجوز ان يتسرب الى جيوب المختلسين والقراصنة، الذين لا يُعنون الاّ بتهدل كروشهم، وتضخم أرصدتهم في المصارف الأجنبية، وعلى روؤس المواطنين التراب..!!
- 7 -
ان الفتور والتراخي في محاسبة كبار الحيتان شجّع أصحاب الضمائر الميتة على المضي في درب الخيانة ...
ولن تقوم للعراق قائمة حتى تُنتزع تلك المنهوبات الضخمة من سرّاقها عبر احالتهم الى المحاكم، ولابُدَّ من تشريع القوانين الصارمة التي تحاسب العاملين في القطاع العام عن ثرواتهم وأرصدتهم وطرق الحصول عليها، فما كان منها مشروعاً لم تشبه الشوائب بُورك فيه ، وأما غير المشروع فلا بد من انتزاعه منهم واحالتهم الى المحاكم لينالوا جزاءهم العادل ...
- 8 -
انّ سراق المال العام يأكلون الناس ..!!
بينما الأكولون الموصوفون بشدة الأكل، يأكلون ما يقدرون عليه من الأطعمة المختلفة، وهي لا تُقاس بالمال العام لا من حيث القيمة ولا من حيث الدوافع اللئيمة ...