سلام مكي
أباح الدستور العراقي، تعدد الجنسية، وحسب نص المادة 8 رابعا، فإنه بإمكان العراقي ان يمتلك بجانب جنسيته العراقية، جنسية اية دولة أخرى، ولم يضع الدستور قيدا على تعدد الجنسية، الا في حالة واحدة وهي: ان يتولى العراقي منصبا سياديا او امنيا رفيعا، اذ على من يتولى منصبا سياديا او امنيا رفيعا ان يتخلى عن تلك الجنسية. وهذا القيد لابد من وجود قانون ينظم أحكامه، وليس الاكتفاء بالنص الدستوري. وبالعودة الى نص الفقرة رابعا من المادة 8 من الدستور، نجد انها تنص: يجوز تعدد الجنسية للعراقي، وعلى من يتولى منصبا سياديا او امنيا رفيعا التخلي عن أية جنسية أخرى مكتسبة وينظم ذلك بقانون. اذا: لابد من وجود قانون ينظم حالات التخلي عن الجنسية المكتسبة والا فإن هذا النص يعد معطلا ولا يمكن الركون اليه في اتخاذ الاجراءات القانونية الخاصة بمحاسبة من يتولى منصبا سياديا او امنيا دون ان يتخلى عن جنسيته المكتسبة، ان دور القانون المفترض تشريعه لمعالجة هذه الحالة، يتمثل اولا: بتعريف المنصب السيادي وطبيعته، وان يحدد على سبيل الحصر المناصب السيادية التي يجب على من يتولاها ان يتنازل عن جنسيته، وكذلك المنصب الأمني الرفيع، وان يتم تحديد مفهوم المنصب الأمني الرفيع. ثانيا: ان يضع الآليات القانونية التي يمكن من خلالها إلزام المسؤول عن المنصب الأمني والسيادي ان يتخلى عن جنسيته، وان توضع عقوبات بحق من يخالف ذلك القانون، في حالة عدم التخلي عن الجنسية المكتسبة. المحكمة الاتحادية بدورها، بينت في حكم سابق عام 2015 هذا المعنى، حين نص حكمها: لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا وجد ان تعبير(المنصب السيادي) او (الامني الرفيع) الذي تنص عليه المادة (18/رابعاً) من الدستور مناط تحديده الى التوجهات السياسية في العراق، والقائمون عليها هم من يحدد هذه المناصب ومدى تأثيرها في السياسة العامة للدولة وتنظم مدلولاتها وفقا لذلك القانون، وكذلك نظرت مؤخرا، دعوى اقيمت ضد تكليف رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بدعوى ان هذا التكليف غير دستوري، كون عبد المهدي يمتلك جنسية أخرى مكتسبة، ولم يتخل عنها، وهذا ما يخالف الدستور. المحكمة الاتحادية أكدت حكمها السابق، حيث ان الدستور ذكر عبارة: (المناصب السيادية) و (الامنية الرفيعة) ولم يبين كيفية ووقت التخلي عن الجنسية المكتسبة، وترك ذلك الى القانون الذي يصدر كما قضت بذلك وحيث لا يمكن اعمال حكمها الا بصدور ذلك القانون، المزاج السياسي الحالي، يمنع صدور القانون الذي ينظم أحكام التخلي عن الجنسية المكتسبة، ذلك ان المشرع نفسه، المتمثل بمجلس النواب غير قادر على إيجاد تيار برلماني مؤثر قادر على قيادة حملة لمواجهة رافضي القانون، كون وجود شخصيات سياسية تمتلك أكثر من جنسية تمارس تأثيرا في النفس التشريعي للبرلمان، وتشكل تيارا مواجها للتيار الرافض لتولي متعددي الجنسية المناصب السيادية أو الأمنية الرفيعة.