لغز (العلامة) و (الصانع) يضمنُ التسويق ويحيّر المستهلك

منصة 2021/06/09
...

 إعداد: الصباح
لم تعد ماركة السيارة دليلاً على مصنعيتها والتكنولوجيا التي تقف خلفها. في معظم المصانع الضخمة للسيارات تصح هذه الحقيقة. كما لم تعد الماركات اليابانيَّة الشهيرة تعني أنَّ ما نراه من سيارة متقدمة لامعة وحديثة قد صنعتها اليابان.
أكثر من 54 علامة لسيارات شهيرة ولها تاريخٌ من التسويق، جرى استملاكها من كارتلات صناعيَّة ضخمة، وبدأت تنتج معظم سياراتها (وفي أحيان كثيرة التنوع يشمل الأجزاء)، في أماكن أخرى من العالم لا علاقة لها تماماً بأصل السيارة.
14 مجموعة عملاقة، تستحوذ بالخفية أو بالعلن، على 60 % من سوق السيارات العالميَّة التي تتجاوز20 مليون سيارة سنوياً. (فولكس فاغن) مثلاً، لم تعد تلك الشركة الألمانيَّة التي تنتج سيارة الشعب الخنفساء أبداً. هنا ينبغي أنْ نصحح انطباعاتنا. إنَّ هذه المجموعة اليوم تتكون من اتحاد 8 أصول صناعيَّة تضم (لامبورغيني الإيطالية، وبورشه الألمانيَّة، وبوغاتي الفرنسيَّة، وشكودا التشيكيَّة، وسيات الاسبانية، وأودي الألمانية)، فضلاً عن عضويَّة في سوق غير معلنة تختص ببيع وامتلاك براءات الاختراع الجزئيَّة المتعلقة بتفاصيل صناعة السيارات وتطويرها.
وحين تظهر ميزة جديدة في إحدى السيارات، (مثل تقنية رأس الدجاجة لامتصاص المطبّات – أو النقطة العمياء) وهي تقنية ظهرت أول مرة في السيارات الألمانيَّة، هذا لا يعني أنَّ التقنية نفسها ليست للبيع. وستصبح (الميزة) الجديدة معروضة للبيع (براءة الاختراع الخاصة بها) بالضبط مثلما تباع السيارة نفسها. ومنذ العام 2010، اكتشفت كبريات مجموعات صناعة السيارات أنَّ سوق البراءات (المخترعات الإضافية) لا تقل في أهميتها عن سوق السيارات نفسها.
تأتي الصين لتشكل مفاجأة للجميع، لكنها مرَّتْ عبر تطوّر مراقب بشدة من الآخرين. الصين اليوم هي المستهلك والمصنّع الأكبر للسيارات في العالم، بجم صناعة يصل الى 25 مليون سيارة مختلفة سنوياً. مقابل 8 ملايين سيارة تنتج في الولايات المتحدة، و8 ملايين سيارة تنتج في اليابان، و4 ملايين سيارة تنتج في ألمانيا، و3.5 مليون سيارة في كوريا الجنوبيَّة، و3.3 مليون سيارة في الهند، و3.2 مليون سيارة في المكسيك. وعشرات البلدان الأخرى بمعدل إنتاج أقل من 1 مليون سيارة سنوياً.
(OICA)، هي المنظمة العالمية لمصنّعي السيارات، والتي تأسست في باريس عام 1919، أصبحت اليوم خيمة منظمة وجامعة لأسواق السيارات وقوانينها وحتى حروبها، وبالتأكيد تقف الحكومات خلف كارتلات السيارات الضخمة، وصار دورها بما يشبه دور الفيفا في عالم كرة القدم. تضم في عضويتها 37 اتحاداً من اتحادات صناعات السيارات المحلية في كل دولة من دول كبار مصنّعي السيارات.
لكنَّ قيمة الصادرات والواردات في سوق السيارات العالمية تحكي قصة ثانية. تستورد الولايات المتحدة سيارات سنوياً بقمية 180 مليار دولار، بينما تستورد ألمانيا سيارات بقيمة 70 مليار دولار، وتستورد الصين بقيمة 47 مليار دولار سنوياً. وبريطانيا تستورد بقيمة 43 مليار دولار سنوياً. وكل دول الخليج والعراق والشرق الأوسط يستورد سيارات بقيمة 25 مليار دولار سنوياً. وإنَّ أسرع الأسواق نمواً هي (البريطانية والألمانيَّة والأوروبية عموماً).
الماركات العالمية (المملوكة من مجموعات متعددة الجنسيات) بدأت تبحث عما يسمى بالأسواق المدمجة (وهي الأسواق التي تنتج سيارات واطئة الكلفة والتقنية، وفي الوقت ذاته تستهلك هذا الإنتاج). لهذا نرى تدفق الاتفاقيات باتجاه الأسواق التركيَّة على سبيل المثال، لأنَّ تركيا تنتج بحدود 1.2 مليون سيارة سنوياً. وجمهوريَّة التشيك التي تنتج أكثر من مليون سيارة سنوياً بقليل. وماليزيا وبولندا ورومانيا، وهي دول تنتج بمعدل نصف مليون سيارة في السنة.
لم تعد السيارة عنواناً لصناعة دولة معينة، مثلما لم يعد إنتاجها حكراً على صانعين ينشدون الصورة الباذخة للسيارة، لأنَّ الأسواق العالميَّة صارت تستهلك بمعايير نفعيَّة خالصة، لهذا انتقلت أشهر الماركات القوية لتفتح خطوطاً إنتاجيَّة أو تجميعيَّة أينما أمكن لها ذلك في هذا العالم الفسيح.
* الأرقام أعلاه مبنية على بيانات OICA لعام 2020.