توفي الملك غازي بحادث سيارة مثير للشك، فنشأت على اثره أزمة حكم طرفها الأول الوصي عبد الاله ونوري السعيد "مؤيدو الاتفاقات مع البريطانيين" والثاني رشيد عالي الگيلاني ومعه "العقداء الاربعة" صلاح الدين الصباغ، وفهمي سعيد، وكامل شبيب، ومحمود سليمان، بتأييد من رئيس أركان الجيش الفريق الركن حسين فوزي، معارضو التواجد البريطاني والاتفاقات. فتكونت أزمة، نتج عنها خلاف شديد حول مسائل تقديم بعض التسهيلات العسكرية للبريطانيين في الحرب العالمية الثانية التي بدأت مع الالمان، وعلى اثرها تطور الموقف باتجاه الاضطراب، زادته توجهات العقداء للانحياز الى الالمان، مما حدا بالوصي الى تكليف الفريق الركن طه الهاشمي برئاسة الوزارة اعتقاداً بقدرته على التعامل مع الجيش والتأثير في العقداء، مما دفع رشيد عالي الذي يتزعم المعارضة البرلمانية الى التدخل للحيلولة دون حدوث هذا الاجراء، الذي يفضي عند حصوله الى تنحية الاربعة عن مناصبهم القيادية التي يستقوي بها على خصومه
السياسيين.
متفقاً مع رئيس اركان الجيش وكالة، وبالتنسيق معهم على التحرك عسكرياً لتنحية الوصي والحكومة، فكانت حركة بدأت في شباط 1941 واستمرت لغاية 2 مايس نفس العام. طوقَ الجيش فيها القصر الملكي وأجبر الهاشمي على الاستقالة، ومن سيطر على البلاد، ودعم رشيد عالي لتشكيل حكومة، دون الرجوع الى البرلمان، محملاً الوصي المسؤولية والتجاوز على الدستور، وطلب من البرلمان اقالته، وتنصيب وصي جديد بدلاً منه هو "الشريف شرف"، فصوت بالإجماع خوفاً، وهرب نوري السعيد، والقادة السياسيون المؤيدون له الى
الاردن.
نقل البريطانيون الوصي عبد الاله من البصرة الى الاردن، ليبدأ معهم ونوري السعيد، قيادة صفحة القتال السياسي والعسكري بالضد من الحكومة الانقلابية التي لم يعترفوا بها وجيشها الذي يدعم وجودها، وسارعوا الى ادخال قوات بريطانية الى العراق دون الاستئذان بدخولها، فزادت من تأزيم الموقف، وبالمقابل ضغط العقداء لاتخاذ اجراءات تصعيدية، دفعت بريطانيا الى القيام بعملية انزال في البصرة، ومن بعده في الحبانية، وضغطوا باتجاه دفع الحكومة لإعلان الحرب على بريطانيا التي اتخذتها ذريعة للتحرك السريع باتجاه اعادة الوضع الى ما كان عليه قبل الحركة، ضماناً لموقف عراقي مؤيد لحربها.
فحصلت الحرب ودارت معارك بين الطرفين قريباً من الحبانية، كانت غير متكافئة سميت بسن الذبان، انتهت بخسارة الجيش العراقي، وتقدم البريطانيون الى بغداد، وهروب الگيلاني للسعودية والعقداء لإيران التي سلمتهم الى العراق وحوكموا واعدموا جميعاً.
لقد سجل العقداء بتحركهم هذا، تدخلاً في السياسة، وان أدرجَ تحت عناوين الوطنية، الا انه تدخل اقحم الجيش في قتال لم يكن متهيئاً له، مع جيش دولة عظمى لا يمكن ان يكون نداً لها، وهو تدخل اتمم ما بدأه بكر صدقي، فاتحاً الباب الى انضمام الضباط للأحزاب السياسية، وتكوين خلايا، مهدت الى جر البلاد الى مزيد من توجهات حكم العسكر للسياسة التي أسهمت في
تدميرها.