رؤية العراق لعلاقاته الستراتيجية مع الولايات المتحدة

آراء 2019/02/19
...

عبد الحليم الرهيمي
 
خلال (حوار تفاعلي) دعا اليه المجلس الأطلسي على هامش الاجتماع الوزاري لدول التحالف الدولي لمحاربة وهزيمة داعش ، الذي عقد مؤخراً في واشنطن ، اكد وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم الذي شارك في هذا الاجتماع بأن بغداد مهتمه بالحفاظ على الطابع الستراتيجي للعلاقة مع واشنطن . وفي بيان له نشرته (الصباح) في العاشر من شباط الجاري ، اشار الوزير الى ان الحكومة لديها رؤية اقتصادية واجتماعية وسياسية وخطة شاملة لمحاربة الفساد واعادة النازحين الى مناطق سكناهم ، وأكد في الوقت نفسه اهمية العلاقات الستراتيجية التي يتمتع بها العراق مع كل دول العالم والتي تقوم على اساس الاستقلال والابتعاد عن المحاور ولن يكون طرفاً في اي صراع مشدداً في الوقت ذاته (على ضرورة تعزيز العلاقات العراقية – الاميركية في ضوء المصالح المشتركة لكلا البلدين على المستويات كافة ) .
هذه الرؤية الرسمية التي تحدد ثوابت السياسة الخارجية للعراق تجاه بلدان العالم وخاصة لعلاقات العراق الستراتيجية مع الولايات المتحدة وعبر عنها وزير الخارجية امام محفل دولي مهم انما هي تعبير عن رؤية الدولة العراقية بمؤسساتها الرئيسة حيث عبر عن مضمون هذه الرؤية بعدد من التصريحات والمواقف بمناسبات مختلفة رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان ، باعتبارها تصب في مصلحة العراق الوطنية وسيادته واستقلاله وتخدم كذلك الأمن والاستقرار في العراق الذي يعتبر محورا اساسيا في دعم الاستقرار بمنطقة الشرق الاوسط والعالم ، كما عبر الوزير الحكيم عن ذلك في بيانه .
وبالطبع  فإن تحديد هذه الثوابت لرؤية العراق لسياسته الخارجية يمكن اعتبارها استكمالا وتطويراً لذات السياسة التي انتهجتها الحكومة السابقة على هذا الصعيد تحت شعار (النأي بالنفس) عن الصراعات الاقليمية والدولية التي تنعكس سلباً على العراق والتي لم تغفل او تتجاهل الآراء والمواقف المعارضة والمعترضة عليها من سياسيين وكتل لها رؤية مختلفة على الوجود العسكري الخارجي وخاصة الاميركي وتعترض حتى على اتفاقية الاطار الاستراتيجي وتطالب بتعديلها او الغائها لكنها معنية في الوقت ذاته على تفهم واحترام ما تراه وتقرره الدولة بمؤسساتها ، حيث حددت رؤيتها على ضوء المعطيات الواقعية ومصالح العراق الستراتيجية القائمة على المواقف المتوازنة والنأي بالنفس عن الصراعات الاقليمية والدولية وبتمتين العلاقات الستراتيجية مع الولايات المتحدة التي قادت وتقود التحالف الدولي الداعم للعراق وشعبه في محاربة داعش وهزيمته .
أما المعطيات والوقائع التي حددت الدولة وسلطتها التنفيذية ثوابت رؤيتها إنما تستند اساساً الى تقدير امكانات العراق العسكرية وظروفه السياسية والمالية وموقعه الجغرافي – السياسي ، اما تقدير استمرار الحاجة الى التواجد العسكري الاميركي في التدريب والتجهيز والدعم اللوجستي والاستخباري ، فضلاً عن العلاقة الستراتيجية مع حكومة الولايات المتحدة فانما تحدده القيادات العسكرية والأمنية الميدانية ، التي لا تنظر او تتحسب فقط لمحاربة فلول داعش الآن وفي المستقبل القريب ، انما تنظر ايضاً لهذا الدعم والعلاقة الستراتيجية مع واشنطن من منظار الحاجة الدائمة للجيش والقوات المسلحة الى التسليح والتدريب المتطور على احدث الاسلحة وصنوفها المتجددة والمبتكرة من اجل بناء جيش وطني عراقي قوي ومتمكن وقادر على الدفاع عن العراق وشعبه .
ان اعداء العراق في الداخل والخارج وفي مقدمتهم اسرائيل التي بدأت اخيراً تهدد بقصف العراق والعدوان على شعبه ، هم الذين لا يريدون ابداً اعادة بناء الجيش وتقويته وتجهيزه بأفضل الاسلحة والمعدات المتطورة وأحدثها ، كما هو حال كل جيوش بلدان العالم .