نُقل عن أيقونة "الذكاء الاصطناعي"، أندرو إن جي، قوله: إن الذكاء الاصطناعي هو الكهرباء الجديدة"، ولأننا جميعًا ولدنا في عصر الكهرباء، ولا ندرك حقًا كيف كانت الحياة قبل اكتشاف الكهرباء، فإننا قد لا نعي مقولة أندرو إلا بعد سنوات.
الكهرباء الجديدة
يُقال إن السنوات التي تلت اكتشاف الكهرباء كانت شبيهة بالسنوات الحالية، فيما يخص الذكاء الاصطناعي، إذ تحوم حول التقنية الجديدة الكثير من الشكوك. وعلى سبيل المثال، لا أحد يذكر كم الحرائق والإصابات وحتى الوفيات التي كانت تنتج عن سوء استخدام الكهرباء في السنوات الأولى لها، أمّا الآن فقد نُسي كل ذلك بعد أن فهم الإنسان طبيعة الكهرباء وأصبح يتقن الاستفادة منها في كل مناحي الحياة.
والآن تُثار الكثير من الشكوك بشأن تقنية الذكاء الاصطناعي، حتى أن شخصيات شهيرة جاهرت بمخاوفها من هذه التقنية، إذ قال رائد الأعمال الشهير إلون ماسك إن "الذكاء الاصطناعي يُعرّض الوجود البشري للخطر". ولكن إن نظرنا إلى الذكاء الاصطناعي بعين الحكمة، فيمكننا أن نُسخّر التقنية لخير البشر، ولكن يجب أن نتوخى الحذر منها في عدد من المجالات، وهي:
الذكاء العسكري
من أشد أخطار الذكاء الاصطناعي، التي يُخشى منها حاليًا، هو ذلك الذكاء الذي يدمج في الأسلحة، فمثلًا قد تخطئ الأسلحة الذكية في التمييز بين العدو والحليف. كما أنَّ الدول، خاصةً الولايات المتحدة والصين، أصبحت تخشى من اندلاع حروب ذكيَّة، حتى أن الصين قالت في وقت سابق من الشهر الحالي إنها تخشى من اندلاع سباق تسلح ذكي قد يؤدي إلى حرب مصادفةً دون أي تخطيط.
الهجمات الذكية
تأتي الهجمات الإلكترونية الذكية في درجة أدنى من الذكاء العسكري، ولكن يجب ألا يُستهان بخطورتها، إذ يمكن أن تؤدي إلى تدمير البنى التحتية للدول، أو حتى تعطيلها على أقل تقدير. كما تتمثل خطورة الهجمات الذكية في ذكاء الأشخاص الذين يقفون وراءها، إذ يمكنهم برمجة الفيروسات على التخفي، وبالتالي إحداث أكبر ضرر ممكن.
الذكاء التلاعبي
يوفر الذكاء الاصطناعي حاليًا إمكانية التواصل وطلب الاستفسار من برمجيات أو ما يُعرف بـ "بوت"Bot، سواء عن طريق الدردشة أو الهاتف، ولكن مع تطور الذكاء الاصطناعي لدرجة أصبح بالإمكان تطوير مقدمي أخبار بصوت وصورة مع دقة بلغت 100%، فإنه يُخشى أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي في التلاعب بمشاعر وقرارات الناس.
أشخاص ليسوا موجودين
من جانبه يكشف موقع "هؤلاء الأشخاص ليسوا موجودين" عن قدرة الذكاء الاصطناعي على الخلق والإبداع من خلال توليده لعدد لا متناهي من الوجوه البشرية الوهمية، والتي يصعب تخيل انها من وحي حسابات الخوارزميات.
ومع كل مرة يقوم فيها الزائد بتحديث واجهة الموقع، يقدم الاخير وجها نابضا بالحياة تم إنشاؤه عشوائيا.
وتختلف الوجوه من كبار السن إلى الرجال والنساء وحتى الأطفال.
وقد تظهر بعض الصور مشوشة أو غير واضحة في بعض المناطق، ولكن معظمها قد يجعلك تعتقد أن صاحب الوجه إنسان حقيقي.
وقال مهندس برمجيات في شركة أوبر فيليب وانغ
إنه بنى الموقع باستخدام الأبحاث التي نشرتها
شركة صناعة الرقاقات إنفيديا في العام الماضي لزيادة الوعي حول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وآثارها على المجتمع.
وقام باحثون من شركة إنفيديا ببناء خوارزمية باستخدام شبكة عصبونية تسمى " GAN"، والتي بإمكانها توليد وجوه ذات مظهر مخصص وواقعي.
وتستطيع الشبكة التعلم من مجموعات كبيرة من البيانات للبحث عن الأنماط وإنتاج بيانات جديدة، حيث جرى تزويدها بما يصل إلى 7 آلاف صورة وجه بشري من خدمة فليكر.وتعلمت الشبكة من خلال البدء بصور منخفضة الدقة، بحيث تمكنت من التعرف على المزيد من التفاصيل مع زيادة دقة كل صورة.
وجوه بشرية مزيفة
وجرى تدريب خوارزمية إنفيديا المسماة "StyleGAN" على توليد وجوه بشرية مزيفة عند الطلب بشكل عشوائي، لكن البرنامج قادر على توليد أي عدد من الأشياء عشوائياً، بدءًا من الحيوانات الوهمية وشخصيات الأنيمي والخطوط وحتى الوثائق المزورة.وأوضح فيليب وانغ أن الوجوه هي الأبرز في إدراكنا لأن أدمغتنا حساسة لهذا النوع من الصور لذا قرر وضع هذا النموذج المحدد مسبقًا لما له انعكاسات كبيرة على عالمنا المستقبلي، خاصة مع النمو الرقمي بشكل متزايد.وتقوم الشبكة بإنشاء صورة جديدة للوجه من نقطة الصفر من خلال 512 بعدًا كل ثانيتين، وتستغرق العملية بضع ثوان فقط قبل أن يظهر الوجه المزيف أمام المستخدم.وقال الباحثون في إنفيديا "يفكر مولدنا في الصورة كمجموعة من الأساليب، حيث يتحكم كل نمط في التأثيرات على نطاق معين. ومن خلال تحديد القوة بشكل مناسب، يمكننا الحصول على صور جيدة في كل مرة مع اختلاف طفيف قليلاً".
وأخيرًا: من الحكم المعروفة: "الإنسان عدو ما يجهل"، لذا يمكن القول بأن الخوف من الذكاء الاصطناعي مبرر، ولكنْ يجب أن نسير في هذا الطريق كما سرنا في باقي العلوم الإنسانية الأخرى، وإن نحن توخينا الحذر فقد يتكلم الناس بعد سنوات عن الفوائد التي جلبتها التقنية للبشرية كما نتكلم الآن عن أهمية الكهرباء والإنترنت.