تنظيم العلاقة بين القطاعات العام والخاص والمختلط يعدُّ حجر الأساس للتنمية المتناغمة من خلال تحقيق هدف التنمية المتمثل بتفعيل الشمول المالي وتوطين الرواتب من خلال تنسيق آليات عمل البطاقة الذكيّة وبين مصرفي الرافدين والرشيد خصوصاً في هذه المرحلة.
يتشارك المصرفان في توزيع رواتب المتقاعدين، بالبطاقة الذكية بدون عمولة التاجر كما يذكرها في شريط الراتب، ما يعني انه ينافس وكلاء ومنافذ شركة الكي كارد وهذه تعدُّ مجرد مزاحمة غير مفهومة مالياً واقتصادياً وإدارياً.
لا شك هذه ثغرة ومجال للمساومة لدرء مراجعة المصرف المزدحم أو البعيد، والمستفيد كبير السن لا يسره كثيراً، لا سيما أنه ليس موضع إغراء للشمول المالي حيث لا يلتقي بإدارة المصرف ليرى عروضه وترويجه للشمول المالي؛ لذلك لا بدَّ أنْ يقتصر دور المصرف الأم على المراقبة فنياً ومالياً ومتابعة وكلائه وضبط الاستقطاع وزرع الثقة بالوكيل وتأهيله لكي يكون أداة ترويج للشمول المالي والتسليف الأصولي والتحويل.
وهذا يذكرنا بالتشبيه الذي يقول إنَّ تدخل القطاع العام في تفاصيل المستفيد الأخير من الخدمة أو السلعة كالفيل الذي نحشره في مخزن زجاج؛ فاذا كان المصرف يسعى لتوطين الرواتب ويخدم جمهوره داخل مراكز المدن والمحافظات فمن يخدم النواحي والمناطق النائية؟، لذلك لا بدَّ للمصرف أنْ يتخلى عن مثل هذه التفاصيل لأنَّ شياطينها يتناسلون.
فالشمول المالي يستدرج الاكتناز ويتم بالتكامل والمشاركة الواسعة المضمونة قانونياً من خلال إعادة هيكلة الجهات ذات العلاقة وتوحيد مهامها حسب تخصصها بعيداً عن الازدواجية، كازدواجية مصرفي الرافدين والرشيد اللذين يتنافسان بمعزل عن بعضهما بما يعرقل عملهما في التعامل مع شركة كي كارد التي تدير الجانب الفني في توزيع الرواتب؛ أما القطاع الخاص الذي يحول بعضها للمهاجرين شهرياً فإنَّ الازدواجيات تدفعه للتكيف مع الأمر الواقع.
فالذي يسعى للشمول المالي بتوطين الرواتب لا بدَّ له من حل ازدواجيات وتداخل العمل وتشابكه بتنافسات معرقلة، لا سيما أنَّ الشمول المالي يبدأ من المشاريع الصغيرة.
شركات الصيرفة التي دعاها البنك المركزي مؤخراً للتوحد كشركات رصينة وزيادة كفاءتها، قد انتشرت كالفطر وتعمل بضوابط تقليديَّة لا تنسجم مع النقلة النوعيَّة المزمع القيام بها من خلال المنهاج الوزاري.
بالإمكان زج هذه الشركات بتغطية النشاط المصرفي في المناطق الخالية منه كوكلاء في التوطين الى جانب المصارف الأهلية، التي لم تبادر غالبيتها في تقديم عروض التوطين ومنتجاته المتوقعة، إذ ما زالت تراوح بين سوق العملة والتحويل الخارجي، رغم أنَّ الحسابات المصرفيَّة للسكان ارتفعت من 11 بالمئة الى 25 بالمئة أي تحول بعض الاكتناز الى الادخار، ما يعكس حالة صحيَّة، كما أنَّ سعر الصرف مستقرٌ ويشجعُ على التحويل المعاكس.