صباح محسن كاظم
في التخطيط الستراتيجي ترتبط الصناعة بالزراعة، فالزراعة عماد التطور الصناعي، فادارة المشروعات باستثمار الموارد الزراعية للاكتفاء الغذائي، تدخل بمختلف الصناعات الغذائية، فضلاً عن سلامة البيئة بالقضاء على التصحر، فالعلاقة وطيدة بين التطور الصناعي ومحيطها البيئي.
لا ريب أن بلاد مابين النهرين كانت سلة الغذاء بكل الحضارات لشعوب وأقوام عاشت بجواره، لكن ما يجري الان من تجريف البساتين، القضاء على المناطق الخضراء والتغيير الطوبوغرافي للأرض له سلبياته التي
لا تنحصر.
إنَّ تعزيز الاقتصاد العراقي بتنويع استثمار الجوانب السياحية الآثارية،والدينية وتنمية القطاعات الزراعية لزيادة الناتج القومي، والحصول على إيرادات لدعم الميزانية الإستثمارية والتشغيلية، لم يعتمد، وللاسف، على عشرات المعاهد والكليات الزراعية والطب البيطري، وهي تبحث الآن عن استثمار تلك الطاقات بحفر الآبار الارتوازية واقامة محميات زراعية، وإعادة زراعة النخيل يُسهم بحل مشكلة البطالة ويعزز الصناعة الخضراء .
إنَّ الصناعة الخضراء تسد الحاجة المحلية لو حَسُنَ استثمارها، فالطلب المتزايد على المنتجات الزراعية يعني رفع الرأس المال لجميع المزارعين، والحفاظ على العملة الصعبة بحالة الاستيراد، وبالطبع الإنتاج الزراعي والصناعة الخضراء بواقعهما الحالي لا يسدان كل احتياجات السوق العراقية، لذلك نرى تدفق السلع من كل دول
الجوار.
وكلما تمتد الأراضي الزراعية للصحراء التي تحيط بمدننا تقل التأثيرات الحرارية اللاهبة، والزوابع الترابية، هناك أمثلة واقعية تتمثل بزراعة الواحات بالصحراء، مثلا التي وفرت للسعودية مردودات مالية كبيرة، وصدرت لدول الخليج، كذلك زراعة الزيتون في تونس على طول الصحراء لتثبيت الكثبان الرملية، فيما الأردن، الذي يشكو شح المياه العذبة والأنهار، يزرعون الطماطم والخيار والخضار
بالتنقيط.
إنَّ التنوع الطوبوغرافي للأغراض العراقية يوفر لنا السلع الزراعية المختلفة، ومن هنا السؤال: لماذا لا نحقق الاكتفاء بطرق الري الحديثة التي بامكانها زراعة صحراء الانبار والسماوة والناصرية والبصرة، لتسد السوق العراقية وتخلق بيئية خضراء، لما لها من مردودات إيجابية في تحسين البيئية، و توفير الأمن الغذائي ،وتجاوز أي محنة تواجه البلد، كما ان ذلك من شأنه الحفاظ على توازن الناتج القومي والدخل القومي، وعدم الاعتماد كلياً على الاقتصاد أحادي
الجانب.