الامام الحسين واخلاق المعاملة

منصة 2021/08/18
...


اللواء الدكتور عدي الحساني
 
يستند النظام الاجتماعي على المبادئ الأخلاقيَّة الأساسيَّة، التي نمت وترعرعت عليها الأجيال داخل المنظومة الاجتماعيَّة، والحال تنطبق بإطلاقه على المجتمعات كافة، ومنها الوظيفيَّة والتي يدخل في تكوينها الموظف بصفته الأخلاقيَّة المجردة، أي أنَّه يعكس أخلاقه البيتيَّة في تعاملاته الوظيفيَّة، ولكون هذه التعاملات ذات اتجاهين أساسيين أولهما التعامل مع المواطن الذي يُعدُّ الأساس في إنشاء الوظيفة، والذي تقصده الخدمة والمصلحة العامَّة، وهنا يتطلب من الموظف أنْ يعكس الجانب المشرق لعملة، وبما يتناسب مع الواجبات الملقاة على عاتقه، والتي من أهمها احترام المواطن وإنجاز معاملاته بيسر وسهولة، لا سيما أنَّ الموظف يتلقى مقابل ذلك أجراً مجزياً، وهو حقٌ وظيفيٌّ، أي أنَّ هناك علاقة سببيَّة ما بين الحقوق والواجبات، والحال طبعاً ينعكس على المواطن ايضاً الذي ألزمه القانون والمبادئ والأعراف الأخلاقيَّة أنْ يُبدي احترامه للعاملين في الدوائر الحكوميَّة، وعدم التجاوز عليهم، ولعلَّ الحادثة الأخيرة التي تعرض لها مدير بلدية محافظة كربلاء المقدسة، وقد لاقت سخطاً واستياءً مجتمعين، لأنَّ هذا السلوك، إجرامي ولا إنساني واعتداء على موظف عام أثناء تأديته لواجبه الوظيفي.
أما الجانب الآخر فهو علاقة الموظف بزميله الموظف بمختلف المستويات والدرجات والمناصب، لا سيما أنَّه في جميعها يسمى موظف حكومي، عليه واجبات، أهمها إبداء الاحترام للعاملين في المجال الوظيفي الذين هم في مستواه أو أدنى أو أعلى منه، ففي جميع الأحوال ألزم المشرع الاحترام المتبادل والتعاون في ما بينهم من أجل ديمومة العمل الإداري واحتراماً للذات الوظيفي، وهذا ما نصَّتْ عليه التعاليم الدينيَّة والأخلاقيَّة التي جسدها بموقف أخلاقي وشجاع سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام، إذ ضرب للعالم أجمع، أروع الأمثلة الأخلاقيَّة بتعامله مع أهل بيته الأطهار صغاراً وكباراً ومع أصحابه الذين تحلوا بأخلاق الأبطال والشجعان، وكان لهم الأثر الطيب والذكر الحسن عندما أثبتوا أنهم أمامه ويذودون بأنفسهم من أجل أنْ تبقى راية الإسلام عالية، وبذلك كانت أروع رسالة قدمها إمامنا الحسين عليه السلام لتبقى سراجاً منيراً يستدل به من سار على نهجه وخطاه.
فهذه رسالة لتذكير كل العاملين في دوائر ومؤسسات الدولة لأنْ نكون متعاونين في ما بيننا من أجل عراقٍ موحدٍ مزدهرٍ، فبلدنا وشعبنا يستحقان أنْ نكون سباقين لعمل الخير وبما يخدم هذا البلد وشعبه.