حسين داخل الفضلي
ممارسة الشعائر حقٌ كفله الدستور العراقي بالنسبة للفرد في كل شرائح المجتمع من دون قيدٍ أو شرطٍ، وعلى الفرد ألا يتجاوز تلك الحدود التي تبدأ من حيث تنتهي حريته، وأنَّ هذه الشعائر هي بالتأكيد من تقوى القلوب إذا مارسناها بالشكل الذي يليق والمناسبة.
ولشعيرة عاشوراء وقعٌ خاصٌّ في نفوس المسلمين؛ لأنَّ عاشوراء الحسين «ع» دروسٌ وعبرٌ وتحديات وتضحيات في نهضة الشعوب المظلومة، لأنَّ الحسين «ع» ضحى بنفسه وعياله وأصحابه من أجل الكرامة والحرية والتحرر، فالحسين قبسٌ ينير طريق الأحرار ومحاربة الفساد والمفسدين والظلمة ونصرة المظلوم أينما كان حتى انتصر الدم على السيف، ما يكشف بوضوح عن أنَّ الحسين لم يُخلق لرقعة جغرافيَّة معينة أو شريحة بذاتها وإنما للإنسانيَّة جمعاء.
الإمام الحسين «ع» مرَّ في كربلاء بامتحان عسير، كان مخيرا فيه بين البقاء أو الموت، لكنه اختار الشهادة ليكتب له الخلود وتكتب له الكرامات حتى بقي متجذراً في سفر التاريخ ونفوس الناس ما بقي الليل والنهار ومهما تغيرت الأحوال.
الحسين لم يبحث عن منصبٍ أو موقعٍ اجتماعي، وإنما كان هدفه إصلاح أمة جده بعد أنْ رآها في حافة الهاوية. كل هذه الدروس وربيع الشهادة سؤال نطرحه على أنفسنا: لماذا لم نستنبط الدروس والعبر ونستلهم منها قيمنا وسلوكنا ومبادئنا التي تنسجم وهذه الشعيرة وعدم حرفها وتشويهها من خلال التصرفات اللامسؤولة
للبعض التي لا تمت للإمام الحسين بصلة.
ينبغي ممارسة تلك الشعيرة وبما يليق بالمناسبة حتى لا يتصيد العدو بالماء العكر ويطبل عليها، أنا أقول هل يعي بعض المسؤولين الذين يرفعون شعار (يا حسين) ويلوذون تحت هذا الاسم الذي هز عروش الطواغيت.
البعض من المسؤولين خدعوا الوطن والمواطن وخذلوه بالشعارات الرنانة المزيفة غير آبهين بما يطرحونه من شعارات حسينية وذلك لتحقيق مآربهم الشخصية، ما أسقط ورقة التوت لكشف عورة الكروش المنتفخة من أموال السحت بنهب أموال اليتامى والثكالى والفقراء. هل لهؤلاء من عبرة ودرس في هذه المناسبة الأليمة هذا من جانب.
أما الجانب الثاني فلماذا لم يتورع البعض من ممارسة هذه الشعيرة باحترام الشارع وعدم التجاوز عليه واحترام المؤسسات الحكومية والأهلية والمستشفيات من خلال نصب مكبرات صوت تزعج المرضى وأهالي الحي، فهل يقبل الإمام الحسين (ع) بهذا التصرف اللا معقول.. بالتاكيد كلا.
ينبغي علينا التحلي بقيم وأخلاق ومنهج وتضحيات الحسين الذي قاتل عنها بشراسة، لماذا نجعل الناس تنفر من هذا الخط الجهادي وتنتقده من خلال التصرف الخاطئ.
علينا البدء بأنفسنا ونظافة بيوتنا وشوارعنا ومدننا حتى يكون العراق نظيفاً من نفايات الفساد ونظيفاً من القمامة حتى يكون العراق صورة جميلة للعالم. وعدم التجاوز على الشارع العام والمساحات من الأراضي الخاصة للدولة، وعلينا في هذه المرحلة الراهنة أنْ نكون يداً واحدة لدحر الإرهاب والفساد والمفسدين لبناء هذا البلد الجريح مترجمين قيم ونبل ونزاهة وإيثار وشهادة الإمام الحسين عليه السلام.