العدالة الاجتماعية.. واقعٌ مؤلمٌ

اسرة ومجتمع 2019/02/26
...

ميادة سفر
يحتفي العالم في العشرين من شهر شباط من كل عام، باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، والذي اعتمد اعتباراً من الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2008، حيث تعتبر العدالة الاجتماعية مبدأ أساسياً من مبادئ التعايش السلمي بين الأمم، ومن أهم العوامل التي تساعد في تحقيق المساواة والعدالة في توزيع الثروة، وتأمين فرص عمل متساوية لكل الأشخاص دون تمييز على أساس الجنس واللون والعرق، كما إنها تلعب دوراً مهماً وأساسياً في تحقيق وتعزيز الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي 
وغيره.
“العمل لأجل العدالة الاجتماعية طريقنا للسلم والتنمية”، انطلاقاً من هذا الموضوع يبدأ العام 2019  للأمم المتحدة في سعيها لتحقيق العدالة الاجتماعية في العالم، وفقاً لتقديرات منظمة العمل الدولية، فإن حوالي ملياري شخص يعيشون في أوضاع هشة متأثرة بالنزاعات، منهم أكثر من 400 مليون تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة.
من جهة أخرى أعلنت منظمة أوكسفام العالمية في تقرير لها نشر في 18 شباط 2019، تحت عنوان: “الصالح العام أم الثروات الفردية”، أن الفوارق تزداد بشكل يومي بين الأغنياء والفقراء، فقد زادت ثروات أصحاب المليارات بنسبة 12 بالمئة في العام الماضي، أي ما يعادل 2.5 مليار دولار يومياً، في حين انخفضت ثروات 3.8 مليار إنسان، أي نصف تعداد البشرية الأكثر فقراً بنسبة 11 
بالمئة.
سلط التقرير  الضوء على الفجوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء، فقد أوضح ان عام 2018 شهد ظهور ملياردير جديد كل يومين، الأمر الذي يقوض أية جهود تبذل في محاربة الفقر وتلحق الضرر بالاقتصاد.
كما ستؤدي إلى سخط لدى الرأي العام في مختلف أنحاء العالم، كما لفت التقرير إلى دور الحكومات في انعدام المساواة وذلك من خلال انقاص تمويل الخدمات العامة كالرعاية الصحية والتعليم، وعدم فرض ما يكفي من الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء، وأشار إلى أن النساء هن الأكثر تضرراً اقتصادياً من انعدام 
المساواة.
في الوطن العربي يغدو الوضع أكثر مأساوية، ففي ظل الحروب المتعاقبة التي تعرض لها الكثير من الدول العربية، والدمار الذي حلّ بها وازدياد أعداد المهجرين والحصار الاقتصادي، فضلاً عن السياسات الحكومية غير الناجعة وغير المفيدة، كلها أسهمت في انعدام العدالة الاجتماعية في الوطن العربي، ما انعكس بدوره على انعدام الاستقرار الأمني، فالمرأة لا تزال تعاني من التمييز على أساس الجنس، تحرم من حقها في التعليم وتأمين فرص عمل متكافئة، وبعيدة عن امتلاك الثروة، فقد أشارت التقارير الى أن معظم أثرياء العالم هم من الرجال، وأن دخل النساء أقل بنسبة 23 % من دخل الرجال، ويمتلك الرجال 50 % أكثر من مجموع ثروات النساء،  ولا يزال عدد كبير من الاطفال محرومين من حقهم  في التعليم والعيش بظروف أكثر 
إنسانية.
إننا اليوم بحاجة ماسة إلى تحركات جدية في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية لمختلف أفراد المجتمع، لكي لا ندع الأغنياء يأكلون على حساب الفقراء، لذلك لابدّ من ضمان العدالة في فرض الضرائب، وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، وتأمين فرص عمل متكافئة، وحياة أفضل للأطفال، خطوات كثيرة أخرى لا يتسع المجال لذكرها،  بها سنكون قد بدأنا بسد الفجوة القائمة على أساس الجنس والعرق، لنتمكن من التوصل لمجتمعات أكثر عدلاً 
ورفاهية.