غفران حداد
عبرت السينما المصرية على مدى تاريخها الطويل في كثير من الأفلام عن مهن مختلفة، تركت أثراً في عشاق الفن السابع. ومن أهمها مهنة الصحافي وبشخصيات متباينة بين الصحافي الباحث عن الحقيقة، ويسعى لكشفها لخدمة المجتمع، وبين الأناني الذي لا يرى سوى مصالحه الشخصية، الذي يتملق للمسؤولين في السلطة من أجل مواصلة الصعود في تحقيق طموحاته.
قدمت السينما المصرية مهنة الصحافي في عدة أفلام ففي العام 1952 ، أخرج أحمد بدر خان فيلم مصطفى كامل بطولة الفنان أنور أحمد، والذي تناول حياة الزعيم مصطفى كامل وأنشأ جريدة حملت عنوان اللواء، وينشر فيها جميع مقالات الوطنيين والثوّار المطالبين بالاستقلال من الاستعمار.
كذلك قدمت السينما الصحافي رمزا للنضال الوطني بعدة أفلام مثل شخصية علي طه (عبد العزيز مكيوي) في فيلم « القاهرة 30» (1966)، وشخصية عباس صفوت (شكري سرحان) في فيلم أنا حرة (1959).
أيضا قدمت شخصية الباحث عن الحقيقة في فيلم «الغول»(1983)، حيث قام الصحافي عادل عيسى(عادل إمام ) وفهمي الكاشف (فريد شوقي) تربطهما قضية صراع بين الحق والباطل. فالصحافي عادل هو الشاهد الوحيد على جريمة قتل ارتكبها نجل فهمي، الذي يحاول أبوه شراء سكوت الصحافي بأمواله، لكن عادل صاحب مبادئ لا يشترى بالأموال ليستمر بسعيه لكشف الحقيقة، من خلال نزاهة القضاء والذي يمثّل مرآة حقيقة ووجها مشرقا لجلالة السلطة الرابعة.
وكان للمرأة الصحافية عدة أدوار في السينما، ففي فيلم «سوق النساء» (1994) للمخرج يوسف فرنسيس، وبطولة حسين فهمي ومحمود حميدة، وكانت الصحفية نادية (شريهان)، تبحث عن أسرار مقتل شقيقتها، وايضا دور الفنانة الراحلة ماجدة الخطيب في فيلم « زائر الفجر» (1975). حيث قامت الخطيب بدور صحافية تحارب رؤوس الفساد.
أيضا كان هناك فيلم «الإرهاب» الذي أنتج عام(1989) للمخرج نادر جلال، حيث تتعاطف الصحفية عصمت (نادية الجندي) مع عمر الصناديلي (فاروق الفيشاوي) الهارب من وجه العدالة وتعلقت به بعد أن مثَّل عليها دور الحب.
وكشفت الصحفية عصمت في ما بعد أن عمر يستعد لنسف الطائرة من خلال صندوق به ديناميت، عُدَّ لتفجير على وفد مصري لحضور مؤتمر دولي في أبي ظبي، فتبلغ عصمت الشرطة وتتعاون معهم للقضاء عليه .
وتعد الفنانة الراحلة فاتن حمامة أول من قدمت شخصية المرأة الصحافية في السينما المصرية، وذلك من خلال فيلم «موعد غرام»، وتدور قصة الفيلم حول الصحافية نوال (فاتن حمامة) وسمير (عبد الحليم حافظ) الشاب ذي العلاقات الكثيرة، وتنشأ بينهما قصة حب، وقامت الفنانة حمامة بدور محررة لزاوية «بريد القلب» لحل المشكلات العاطفية للقراء.
وكثيرة هي الأفلام السينمائية، التي تناولت مهنة الصحافة، ولكن أكثر الأفلام قرباً للمشاهد العربي، تلك التي اقتبست عن روايات كتّابها كانوا يعملون في بلاط صاحبة الجلالة مثل فيلم «اللص والكلاب»، مأخوذة عن قصة لنجيب محفوظ وفيلم «جفت الدموع» عن رواية ليوسف السباعي، كذلك رواية «زينب والعرش» للكاتب والصحافي فتحي غانم، وقد تحولت لمسلسل تلفزيوني أنتج العام 1979 وعرض للتلفزيون سنة 1980 ، بطولة كمال الشناوي، محمود المليجي وهدى سلطان، حيث عبّر الكاتب فتحي غانم عن عالم الصحافة في الكثير من أعماله وخصص لها اثنتين من أهم رواياته هما» زينب والعرش» و» الرجل الذي فقد عقله». أما في العراق لا توجد لدينا تجارب سينمائية، نافست شباك التذاكر نرفع لها القبعة، لم تكن سوى تجارب فردية هنا وهناك، واما في الدراما، بالرغم من محاولات الخروج من السبات الطويل لركود الدراما بضع سنوات، ورغم محاولة قطاع الإنتاج في تقديم غزارة الأعمال خلال الموسم الرمضاني وتعرض عبر الفضائيات، لكنها أعمال لم تخرج من شرنقة المحلية على الرغم من محاولة الكتّاب والمخرجين لإشراك نجوم عرب في بطولتها.
واما بتناول شخصية ومهنة الصحافي، فقد كان ظهوره خجولا فيها، حيث شاهدت في السنوات الأخيرة دورا للفنان علي عادل السعيدين الذي قدم شخصية الصحفي رياض في مسلسل «علي الوردي» وكان يتولى مهمة الدفاع عن أفكار وطموحات الوردي.
عدا هذا الدور لا اعرف ان كانت هنالك شخصيات قدمت من خلالها الدراما الصحافي ونضاله في تقديم الحقيقة، رغم الظروف التي واجهته خلال الثورات والأزمات الانقلابات السياسية، التي عاشها الشعب العراقي على فترات متعاقبة.
مهنة الصحافي تستحق التوثيق الفني سواء في السينما أو الدراما التلفزيونية، فهي مرآة للمواطن والأحداث المختلفة التي يعيشها المجتمع العربي اليوم.