قاسم موزان
يحتفل العالم بأجمعه سنويا في اليوم العالمي لمحو الامية، الذي يوافق في 8 ايلول المقرر من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، واقر في العام 1966 للتذكير به والعمل عليه بوصفه الدعامة الاساسية للمجتمعات الانسانية لإزالة آثار الجهل في الابجدية، سواء كانوا كبارا او يافعين او اطفالا في سن المدرسة و القراءة والكتابة، الذين سيصبحون بالنتيجة عرضة الى قبول الخرافات المتداولة والمنقولات اللفظية.
وهذا يعيق تقدم البلدان خصوصا البلدان النامية والفقيرة، التي تعاني من مشكلات مجتمعية كثيرة ومتعددة. وتقف الامية حجر عثرة ازاء أي فرصة لبناء الانسان واستثمار قدراته في التحول الاقتصادي والانتقال الى مرحلة اخرى، لما تمتلك بعض تلك الدول من ثروات طبيعية غير مستغلة، بسبب تفشي الأمية على نحو مقلق. وتشير احصائيات اليونسكو الى أرقام مرعبة في تزايد عدد الاميين في العالم، وضعف صريح في اكتساب الكفاءة المطلوبة في تعلم القراءة والكتابة. وهذا بحد ذاته يشكل اعاقة واضحة للتنمية المستدامة للنهوض في مستقبل البلدان، وتبقى ترجح تحت طائلة الجهل المستدام، ونقله الى أجيال مقبلة، وكأنه جزء من موروثها الاجتماعي. وفي عتمة جائحة كورونا التي عطلت تفاصيل الحياة اليومية وفرضت اشتراطاتها في التباعد المكاني وإلزام المنازل، لكن استمرت بعض الدورات القليلة في نشر التعليم الأبجدي عبر القنوات التلفزيونية والاذاعات والفضاءات الواسعة لتلقي برامج محو الامية.
اما في العراق فإن هناك أرقاما شائكة ومركبة في تصاعد الخط البياني لأعداد الأميين، وبشكل قابل للزيادة باستمرار، لأسباب كثيرة يقف في مقدمتها ضعف الاقبال على التعلم الأبجدي، خصوصا الكبار تحت ذرائع شتى التي لاتبدو مقبولة، اما صغار السن فانهم يتركون مقاعد الدراسة مبكرا ولا يجدون في أسرتهم من ينصحهم بالتعلم، لذا لا تخزن ذاكرتهم ما تلقوا من حروف اللغة وتصعب عليهم الابجدية اللغوية أو الصغير، الذي لا يذهب الى المدرسة وينفر منها بتأثير اقرانه واقناعه باللا جدوى في العلم والتعلم. ولعل الفقر والحاجة وسوء الظروف الأسرية تعجل في نزوله الى سوق العمل، ايا كان نوعه او وسائل كسبه، ما يعني أن الطفل سيقع فريسة سهلة في مافيات محترفة في التحايل في غياب واضع لرقابة الأهل لتصرفات أطفالهم.
شهد العراق في نهاية سبعينيات القرن الماضي حملة وطنية شاملة وإلزامية للقضاء على الأمية، فقد وضع برنامج حاد وصارم لتعليم من فاتتهم الدراسة، وذلك بجعل الدراسة الزامية لمن هم دون سن 45 عاما، وكذلك فتح المدارس الشعبية للدارسين المتفوقين من المدارس الامية لإكمال دراستهم، واكدت معظم الدراسات آنذاك خلو العراق من الامية، لكنها انتشرت مجددا في بدايات ثمانينيات و تسعينيات القرن الماضي وازدادت بعد التغيير 2003، بسبب إلغاء التجنيد الالزامي، لأن أكثر الطلاب كانوا يخشون ترك الدراسة، خوفا من الالتحاق بالخدمة العسكرية. بات من الاهمية من بمكان تعزيز التعليم في مختلف مراحله، خصوصا محو الامية باعداد معلمين اكفاء وفتح مراكز متخصصة لهذا الغرض.