الانتخــــابات فـــي العـــهد المــلكي

منصة 2021/09/07
...

 بغداد: الصباح
تولى الملك فيصل عرش العراق باسم فيصل الثاني بعد وفاة والده الملك غازي بحادث سيارة في 4/ نيسان/ 1939، ولما كان الملك الجديد لم يبلغ سن الرشد القانونية اصبح خاله الامير عبد الإله وصياً على الملك. كانت التقاليد تقضي بانسحاب هيئة الوزارة من الحكم عند انتقال العرش الى ملك جديد، فقدم نوري السعيد استقالة حكومته في 6/ نيسان/ 1939، وأعاد تشكيلها في اليوم نفسه، وكانت من أولويات أعمال الوزارة حل مجلس النواب، فأصدرت وزارة الداخلية أوامرها الى متصرفي الألوية للشروع بالانتخابات، فجرى انتخاب المنتخبين الثانويين فالنواب، وصدرت الإرادة الملكية بدعوة المجلس للاجتماع وانتخب النواب مولود مخلص رئيساً لهم.
 
اكمل المجلس المدة القانونية التي نصت عليها المادة 38 من القانون الاساسي، وهو اول مجلس أتم دوراته الأربع، وصدرت الارادة الملكية في 9/ حزيران/ 1943 بحله، وبدأت الاستعدادات للانتخاب، وتم انتخاب المنتخبين الثانويين في نهاية اب عام 1943م، وتم انتخاب النواب في 5/ تشرين الاول في العام نفسه، فكان معظمهم من النواب السابقين، اما الاعضاء الجدد فكان عددهم 26 نائباً، وعقد المجلس اجتماعه الاول في 9/ تشرين الاول/ 1943م وانتخب النواب حمدي الباجه جي رئيساً لمجلسهم. 
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية الذي تأثر العراق بظروفها، شكل توفيق السويدي وزارته الثانية، وكانت باكورة أعمالها تعديل قانون انتخاب النواب الصادر في عام 1924، حيث شكلت لجنة من كبار رجال الدولة، ووضعوا لائحة قانون جديد يجعل الدائرة الانتخابية أصغر مما كانت عليه، إذ كان اللواء يعد دائرة انتخابية واحدة، فقسم الى عدة دوائر، ورفع القانون الجديد عدد النواب في المجلس الى 138 نائباً، واقرها مجلس الاعيان ايضاً في 25 من الشهر نفسه.
وبعد مضي مدة وجيزة، والشروع في عمليات الانتخاب الاولى، ظهرت بوادر التدخل من بعض المسؤولين الذين استعملوا مراكزهم الرسمية ونفوذ الحكومة، للتأثير على سير الانتخاب..)، الا ان رئيس الوزراء اصر على انه لا يوجد اي تدخل للحكومة في الانتخابات، وحذت الاحزاب العراقية وهي حزب الاتحاد الوطني، حزب الاستقلال، حزب الوطني الديمقراطي، حزب الشعب، التي شاركت في الانتخابات حذو حزب الاحرار فانسحبت من الانتخابات احتجاجاً على التدخل السافر من قبل الحكومة لتأييد مناصريها وتضييق الخناق على الاحزاب ومضايقة مرشحيها.
انتهت الانتخابات وشكل مجلس النواب حسب رغبة الحكومة فعقد المجلس اجتماعه غير الاعتيادي في 17/ اذار/ 1947، وانتخب النواب عبد العزيز القصاب رئيسا لمجلسهم.
حل هذا المجلس في 20/ شباط/ 1948، وكان السبب في ذلك رغبة الشعب لاجراء انتخابات جديدة ليكون اكثر تمثيلاً لهم من المجلس السابق، وبدأت الاستعدادات للانتخابات، وتكررت صورة التدخل الحكومي لضمان فوز عناصرها المؤيدة لها، حيث حدثت بعض المعارك بين المتنافسين راح ضحيتها عشرات من القتلى وعكرت سير الانتخابات، وعلى كل تم انتخاب النواب والبالغ عددهم 138 وكان 71 نائباً منهم يتم انتخابهم لاول مرة وان الاحزاب السياسية القائمة تمثلت بأعداد ضئيلة جداً، بسبب تدخل الحكومة ومضايقتها للاحزاب بأي شكل من الاشكال لعدم ضمان فوزهم في الانتخابات، وانتخب النواب عبد العزيز القصاب رئيساً لمجلسهم.
أكمل المجلس مدته القانونية فوجب حلهُ، فصدرت الارادة الملكية بعد عودة الوصـــــــي عبد الإلــــــــــــه من سفره فــــــــي 27 / تشريــــــن الاول/ 1952 بحل المجلس والشروع بالانتخابات.
قدمت الاحزاب السياسية مذكرات الى الوصي عبد الإله تطالب فيه، باجراء اصلاحات سياسية واقتصادية وتعديل القانون الاساسي والاخذ بالانتخاب المباشر، واجراء انتخابات حرة لمجلس يمثل الشعب وتنبثق عنه حكومة وطنية ترتضيها اكثرية الشعب، واطلاق الحريات السياسية، وعندما بدأت الاستعدادات للانتخابات، ظهر للاحزاب السياسية ان فكرة تعديل قانون الانتخاب بعيدة المنال وان الحكومة لا تزال ترغب في جلب العناصر المؤيدة لسياستها، فقررت الاحزاب مقاطعة الانتخابات ودعت الشعب الى العمل على احباطها.
تأزم الوضع فرأت الحكومة ان تصدر بياناً رسمياً عاهدت فيه الشعب بأن تتبنى مبدأ الانتخاب المباشر وانها قررت تشكيل لجنة تضم رجالا من القانون والادارة وان يسهم فيها ممثلون من الاحزاب لتقوم بانجاز لائحة هذا القانون.
لقد عجل الاسراع في وضع قانون الانتخاب النواب بصورة مباشرة حادثة، وهي تظاهرة قام بها طلبة كلية الصيدلة والكيمياء حول اصدار قرار يعتبر فيه الطالب المعيد في بعض الدروس معيداً في المواد كافة، واشتدت التظاهرات حتى التحق بهم طلبة كليات الطب والحقوق والتجارة، وحصلت اصطدامات بين الشرطة والمتظاهرين أدت الى حدوث عدة إصابات سقط على اثرها عدد من القتلى والجرحى وتطور موقف الطلبة من الجانب العلمي الى الجانب السياسي، فقدموا مطاليبهم وأهمها وجوب الاخذ بالانتخاب المباشر كأساس للانتخابات القادمة والقيام بالاصلاحات الداخلية. 
تدهور الوضع الامني في بغداد فلم تستطع الشرطة انهاء الاضراب، وقدمت الحكومة استقالتها، فاستعان الوصي برئيس اركان الجيش نور الدين محمود الذي شكل الحكومة الجديدة، فأعلن الاخير الاحكام العرفية والغى اجازة الاحزاب وعطل الصحف، وشكل لجنة لاعداد لائحة قانون انتخاب النواب بصورة مباشرة، وبالفعل أتمت اللجنة مهمتها بعد اطلاعها على قوانين الانتخاب في كل من مصر ولبنان وسوريا وتركيا وصدر مرسوم رقم (6) لسنة 1952م في كانون الاول عام 1952.
جرت الانتخابات وفق المرسوم الجديد في 17/ كانون الثاني/ 1953.
عقد المجلس الجديد اجتماعه في 24/ كانون الثاني/ 1953، وانتخب النواب الدكتور فاضل الجمالي رئيساً لمجلسهم.
 
في عهد الملك فيصل الثاني
تولى الملك فيصل الثاني سلطاته الدستورية في 2 / أيار/1953، لبلوغه سن الرشد القانونية، واصبح الامير عبد الاله ولي عهده الذي تنافس مع نوري السعيد تنافساً قويًا في شؤون الحكم في البلاد، وكان مجلس النواب هو الذي يمنح السلطة لمن يسيطر على اعضائه، لذلك دأب نوري السعيد على ان تكون اكثرية مجلس النواب من أتباعه، ويبدو ان الامير عبد الاله في هذه المرة اراد ان يقصي نوري السعيد من المجلس ويخلق شيئاً من التوازن بين الكتل النيابية ليكون هو مركز الثقل، فأسند رئاسة الوزارة الى ارشد العمري، ولم تضم الوزارة اي شخص من الموالين للسعيد. 
كانت باكورة اعمال وزارة العمري حل مجلس النواب وإجراء انتخابات جديدة، فاستعدت الاحزاب السياسية لخوض الانتخابات وتجمعت المعارضة في جبهة وطنية.
عقد مجلس النواب اجتماعه في 26/تموز/1954، والقى الملك خطاب العرش شارحاً فيه الحالة السياسية في البلاد ومرحباً بالنواب الجدد، وانتخب عبد الوهاب مرجان رئيساً للمجلس. 
بعد انهاء الانتخابات وتشكيل المجلس قدم رئيس الوزراء ارشد العمري استقالت حكومته، وتشير المصادر الى أن للسفير البريطاني في بغداد يداً في ذلك حيث تكلم مع الامير عبد الاله بشدة قائلاً: ((لا بد من جلب نوري ليتدارك الوضع..)).
هذا يدل على أنَّ البريطانيين لم يرضوا عن الانتخابات التي قامت بها حكومة أرشد العمري وأن الوضع الجديد في المجلس لما يحمله من نواب معارضين كان خطراً على السياسة البريطانية في العراق.
لذلك اسندت الوزارة الى نوري السعيد، الذي اشترط تأليفها بحل مجلس النواب واجراء انتخابات جديدة، التي بدأت في 12/ ايلول/1954، فقاطعتها بعض الاحزاب وقرر الاسهام فيها البعض الاخر، اجتمع المجلس الجديد في 16/ ايلول/ 1954م، والقى الملك عند افتتاح المجلس خطاب العرش وبعدها انتخب النواب عبد الوهاب مرجان رئيساً لمجلسهم. 
 
انتخابات 1958
شهد العام 1958م قيام اتحاد بين العراق والاردن عرف بالاتحاد العربي، حيث تم تعديل القانون الاساسي العراقي من اجل السماح بقيام الاتحاد، وتنص المادة 119 من القانون،  ان اي تعديل بعد الموافقة عليه بحل مجلس النواب وينتخب مجلس جديد، وعليه صدرت ارادة ملكية في 27/ اذار/ 1958، بحل مجلس النواب واجراء انتخابات جديدة في 5/ أيار/1958، وتمت زيادة عدد النواب في المجلس الى 148 نائباً نتيجةً لزيادة عدد نفوس العراق.
جرت الانتخابات في الموعد المحدد لها، وفاز بالتزكية 118 نائباً من اصل 148 نائبا وجرى افتتاح المجلس في 10/ أيار/1958 وانتخب النواب عبد الوهاب مرجان رئيساً للمجلس، وهذا آخر مجلس نواب عراقي في العهد الملكي.