غفران عبد العزيز الشمري
حياتنا تحكمها قوانين وأنظمة تضمن لنا العيش بسلام وهدوء ولكنْ ليس الجميع يسير بموجب هذه القوانين, فهناك من لا يعترف بها وهناك من هو خارج عنها, وأيضاً الخارق لها. وهذه الأصناف من الناس لا يمكن السيطرة عليهم إلا من خلال تطبيق القانون عليهم تطبيقاً صارماً, فيكونون عبرة لمن يفكر بالتمادي على القانون. قبل مدة من الزمن ليست ببعيدة وفي أجواء فرح وسرور تزوج شاب من فتاة أحبها, انتظرها طويلاً وتقدم لها أكثر من مرة حتى أقنع والد الفتاة بتزويج بنته له, لن أطيل عليكم, أثناء حفل الزفاف قام أحد أصدقاء العريس بإطلاق العيارات النارية بحجة التباهي والفرح وبحركه خاطئة منه خرجت رصاصة واخترقت صدر العريس, فتحول الفرح الى عزاء بسبب خطأ لم يكن بالحسبان. نُقِلَ الشاب الى المستشفى, لكنْ ومع الأسف فقد حياته قبل الوصول الى المستشفى, أُتُخِذَت الإجراءات اللازمة (من تشريح وشهادة وفاة...), وأُخذَ (للتشييع) وقد أعيدَ الخطأ نفسه فقاموا بالإطلاقات النارية بحجة تششيع الجثمان وأصيب والد العريس (المرحوم) في رأسه وأحد المشييعين أصيب بكتفه, (وصارت الفاجعة فاجعتين). لم ينته الأمر الى هذا الحد وإنما استمر الى النزاع العشائري إذ قامت عشائر المقتولين بما يسمى (الدكة العشائرية) لعشائر القاتلين، وكانت الأسلحة بمختلف الانواع والتي تعادل تقريباً ذخيرة
دولة. كيف وصلتهم هذه الأسلحة وبأي طريقة لا أحد يعلم ولكن تهاون السلطات المعنية مع هكذا أمور هو أكبر وسيلة لتهريب الأسلحة داخل وخارج الدولة. ما أريد قوله إنَّ السيناريو في حفل الزفاف تكرر نفسه في مراسيم العزاء. ونفسه في (الدكة العشائرية)، لو نظرنا للحوادث التي وقعت تقريباً في وقت واحد, نجد أنَّ السبب واحد (التخلف وعدم الالتزام بالقوانين), لهذا تُفجَع الكثير من الأسر بفقدهم بعض أفرادهم.
من أبشع الخروقات القانونية في بلدنا هو إطلاق العيارات النارية بشكل جنوني (مُخيف الى حد كبير) لأدنى سبب, فإذا تُوفي شخص كانت العيارات النارية أشبه بجبهة حرب, وكذلك إذا فاز المنتخب الوطني, وإذا تزوج أحد, وأيضاً الصراعات الحاصلة بين العشائر (الدكة العشائرية).
بعد سقوط النظام السابق أصبح السلاح بيد (كل من هَبَ ودَب) بيد الصغير وبيد الكبير وحتى النساء أصبحن يحملن السلاح.. أين السلطة عن هؤلاء الذين قتلوا ويتموا الكثير من الأسر؟.
لم يَفُت الأوان بعد فمن الممكن تقليص هذه الظاهرة السيئة من خلال حصر السلاح بيد الدولة فقط، ومحاسبة كل من يحاول التعدي على القانون للحد من الكوارث التي أصبحت (لا تعد ولا تحصى) الناتجة عن هذه الظاهرة.