يمثل القطاع الخاص أهمية كبيرة في الاقتصاديات المتقدمة، فهو ركيزة أساسية في نجاح الاقتصاد الوطني لما له من دور كبير في النشاطات الاقتصادية المتعددة في الكثير من المجالات التي يمكن ان تعمل على توفير فرص عمل بأعداد كبيرة تتفاوت حسب مدى نشاط هذا القطاع وحجم اعماله ومقدار الدعم المقدم له.
فنشاطات القطاع الخاص تمتد الى الكثير من المجالات سواء الزراعية او الصناعية او الخدمية او التكنولوجية وغيرها من القطاعات الاقتصادية الأخرى وهو ما يتطلب ايدي عاملة في هذه القطاعات والتي تشكل جزءاً كبيراً من العمالة في البلد، تكون في الدول الصناعية هي المشغل الأساس للأيدي العاملة متفوقة بمعدلات كبيرة على القطاع العام في نسب التشغيل لها وهو ما يمثل امتصاصاً للبطالة التي تتعرض لها العمالة، وهو ما يُوجِد الكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المصاحبة لهذه الظاهرة السلبية في المجتمع.
وفي بلدنا، الذي اعتمد لعشرات السنين على القطاع العام محركاً اساسياً للنشاط الاقتصادي في المجتمع، والذي أدى الى تكدس الايدي العاملة في مشروعات صناعية او زراعية او خدمية بأعداد كبيرة جداً من دون تقديم المردود الاقتصادي والانتاجي المناسب لهذه الاعداد، بفعل الكثير من العوامل مثل قلة التدريب والتأهيل المطلوبين وتدني نوعية المنتج المقدم، وطغيان ظاهرة البطالة المقنعة للكثير من الايدي العاملة في المشاريع، ما جعلهم عالة على المشروع الاقتصادي وعرضة لخسائر متوالية من دون تقديم إنتاجية توازي ما يحصل عليه من أجور مالية نظير توظيفه.
كما ان البيروقراطية المتفشية في هذه المشاريع اعاقت في غالب الأحيان تحسين الواقع الإنتاجي من نواحي الكم والنوع وأدت الى تحجر الهيكلية الوظيفية للمشروع الاقتصادي وحولته الى مؤسسة فضفاضة لا تؤتي المردود الاقتصادي المرجو منها بالشكل الصحيح.
لذلك فإن هذه المشاريع لم تؤد الى توظيف الايدي العاملة بالصورة الاقتصادية المثلى وأدت الى هدرها كما أدت الى هدر المبالغ المالية التي كلفتها هذه المشاريع؛ وفي المقابل فإن اهمال القطاع الخاص وعدم توفير الدعم الملائم له أدى الى تراجع دوره في الناتج القومي ومن ثم تراجع اعداد القوى العاملة في هذا القطاع الى أدنى مستويات التشغيل.
إن توفير الدعم الملائم والكافي للقطاع الخاص سيؤدي الى تحريك العجلة الاقتصادية في البلد عن طريق إقامة العديد من المشاريع الاقتصادية في المجالات الزراعية والصناعية والخدمية والتجارية والسياحية والصحية والتعليمية وغيرها من المشاريع الاقتصادية التي يمكن ان تسهم في إيجاد الآلاف من فرص العمل والتي يمكن ان تسهم بدرجة كبيرة في القضاء على ظاهرة البطالة الموجودة في بلدنا فيمكن العمل على وضع خطة متكاملة من قبل الجهات المختصة يتم فيها وضع سبل دعم القطاع الخاص ووضع الأولويات لهذا الدعم وتقييم الجدوى الاقتصادية والتشغيلية من هذه المشاريع ومدى مساهمتها بالتقليل من معدلات البطالة في البلد عن طريق معرفة حجم الايدي العاملة التي يمكن توظيفها والاختصاصات التي يمكن ان تعمل فيها ومدى مساهمتها في دعم الاقتصاد الوطني بصورة
عامة.
بالامكان تقديم قروض ميسرة لمشاريع القطاع الخاص سواء كانت زراعية او صناعية او خدمية او غيرها من أنواع المشروعات الاقتصادية الأخرى وبالشكل الذي يمكنها من الاستمرار في الأسواق التجارية ويفترض عند تقديم هذه القروض مراعاة اذا ما كان المشروع في طور التأسيس او اذا ما كان مشروعاً قائماً وله خبرة في المجال الاقتصادي الذي يعمل به وحجم الإنتاجية التي يوفرها للأسواق وغيرها من الاعتبارات الأخرى، فضلاً عن تقديم إعفاءات ضريبية او تخفيضات لغرض تشجيع هذه المشاريع على العمل ويمكن كذلك توفير مواد أولية لها بأسعار مخفضة وتوفير الدعم لمنتجات وسلع هذه المشاريع عن طريق فرض ضرائب على المنتجات والسلع المستوردة من اجل توفير فرص التنافسية لها في الأسواق المحلية.
كذلك يمكن للجهات المختصة ان تعمل على تنظيم دورات تدريبية وتطويرية للأيدي العاملة في مختلف أنواع الاختصاصات من اجل تهيئتهم للعمل في المجالات الاقتصادية المتعددة وبما يحسن من فرص حصولهم على العمل. فضلاً عن الكثير من الإجراءات الأخرى التي يمكن ان تسهم بدعم القطاع الخاص ومشاريعه المتعددة.
توفير الدعم للقطاع الخاص وفسح المجال له للتوسع في الأسواق الاقتصادية في بلدنا يسهم بدرجة كبيرة في التخفيف من معدلات البطالة وذلك من خلال توظيف العديد من الايدي العاملة في هذه المشروعات وكلما زادت هذه المشروعات زادت تبعاً لذلك اعداد العاملين في هذه المشروعات وهو ما يسهم في التخلص من مشكلة كبيرة (البطالة) ويسهم في دعم الاقتصاد الوطني في الوقت نفسه.