الموارد: هدفنا الوصول إلى اتفاقية ثنائية مع تركيا

ريبورتاج 2021/09/30
...

   سها الشيخلي 
تعد معضلة المياه مع دول الجوار والمشاركة في نهري دجلة والفرات كبيرة وخطيرة، وتفاقمت بظهور عوامل مساعدة اخرى، كما ان كلا من تركيا وايران صارتا تبنيان السدود العديدة إذ تحرمان العراق من تدفق مياه هذين النهرين العظيمين، والبلد يشكو الشحة المتزايدة خطورة يوماً بعد آخر. 
 
 
غياب الاتفاقيات
 تحدث لـ «الصباح» المهندس عون  ذياب، خبير الموارد المائية عن بناء تركيا لسدود عدة على نهر دجلة فقال: لا توجد اتفاقية ثنائية مع تركيا لبناء السدود على نهر دجلة، ولكن لدينا هدفاً ورغبة في الوصول الى هذه الاتفاقية، والسبب في عدم تنفيذ هذه الرغبة يعود للجانب التركي، فهو يعمل على عنصر الزمن ولا يريد أن يعطي التزاما على نفسه قبل أن ينجز جميع مشاريعه التي خطط لها، ويهدف الى تطويرها بانتاج الطاقة وهدفه ايضا فيه جانب سياسي ويريد أن يعزز الجانب الاقتصادي في جنوب الاناضول.
 
سدود على دجلة
ويلفت الى أن الجانب التركي اقام سدودا عديدة رئيسة على نهر دجلة  يصل عددها الى (7) سدود، اهمها سد اليسو ومجموعة من السدود الصغيرة، والغاية منها كما يقول انها من اجل توليد الطاقة الكهربائية، لكن لدينا توقعاً انه يعمل على خزن المياه لغرض تغذية المياه الجوفية، كما لديه مشاريع واسعة جدا لزراعة الغابات، ولديه وزارة تسمى وزارة الغابات، وهناك مشاريع صغيرة عدة على مساحات شاسعة على حوض نهر دجلة لم تكن موجودة سابقا وهي من ضمن مشروع سد الكاب، فهم سيأخذون جزءاً من مياه دجلة لاستثمارها داخل تركيا، ولهذه الاسباب بدأت المياه تتناقص تدريجيا وهذا يحتاج الى وقفة، اذ هدفنا التوصل الى اتفاق ثنائي مع تركيا بالنسبة لقسمة المياه على دجلة، وللاسف حتى الان تركيا هي صاحبة الارادة في هذا الجانب، ولا تريد أن نصل الى نقاط
محددة. 
 
المركز البحثي المشترك
ويشير الى أن «لقاءاتنا مع تركيا ولدت المركز البحثي المشترك منذ اكثر من سنتين، اذ يهدف الى القيام ببحوث مشتركة حول المياه في نهري دجلة والفرات لتسليط الضوء اكثر على هذه المشكلة، وهذه البحوث تخدم العراق بجوانب عديدة، منها استخدام المياه في الزراعة، وبحوث الري الحديث وتطويره وفق اساليب حديثة، وتركيا بالرغم من وفرة المياه عندها تحولت الى الري الحديث، وتأمين المياه بدون خسائر وبشكل مثالي وعقلاني، ولدينا في العراق بحوث في هذا الجانب وكنا سباقين بين دول المنطقة بادخال الطرق الحديثة بالري منذ السبعينيات، لكن ظروف العراق والحروب اخذته الى جانب آخر، وخسرنا فرصا عدة، اذ ان هذا المركز هدفه بحوث المياه في مجالات عديدة، ونريد به الاستفادة من خبرة الاتراك وارواء اكبر مساحات ممكنة بكميات محددة من المياه». 
 
المركز الوطني للمياه
تحدث لـ «الصباح» المدير العام للمركز الوطني لادارة الموارد المائية المهندس حاتم حميد فقال: موضوع تجاوز دول المنبع على حوضي دجلة والفرات ليس وليد اليوم بل منذ الستينيات والسبعينيات، وكان هناك عمل تجريبي، فالوضع السياسي والاقتصادي لهذه الدول جعلها تتسارع لانشاء المشاريع الاروائية والسدود في وقت ان العراق منذ الثمانينيات يعاني من مشكلات اقتصادية وحروب وازمات وحتى الان المشكلة الاقتصادية خصوصا في مجال الامن المائي  واضحة، اذ ان الوزارة اعدت دراسة ستراتيجية للموارد المائية عام 2014 وقد وضعت هذه الدراسة جميع المشاريع التي تخص المياه لجميع الوزارات، ومنها (الكهرباء، البلديات، الاسكان، النفط، الزراعة) ووضعت الوزارة المشكلات والحلول وكيفية تجاوزها منذ 2015 ولغاية 2035، ولكن لم يخصص للوزارات المذكورة سوى اقل من 1 % بينما كان من المفروض أن يخصص مبلغ (20) مليار دينار لكل الوزارات وليس فقط للموارد المائية، فالجانب البلدي وكذلك الزراعي كبير جدا، فاذا ما تمت هذه المشاريع لغاية 2035 سيكون للعراق فرصة للتكيف مع التغير المناخي، اضافة الى المشاريع التي اوجدتها دول المنبع التي تقلل المياه باتجاه الاراضي العراقية، اما سؤالك لماذا برزت هذه المشكلات فالسبب هو ان ايران لم تكن لديها مشاريع لاستهلاك المياه، اذ كانت المياه تأتي الى العراق وتسبب الفيضانات، وذلك لان مشاريع دول الجوار كانت ضعيفة جدا، ولكن خلال العشر سنوات السابقة نشطت وبدا استهلاكها واضحا، فمثلا نهر الكارون كان خلال 2009 يجري نحو شط العرب ولا توجد مشكلات، ونهر سيروان في ديالى الى ما قبل اربع سنوات كان يجري في ديالى وبدأت ايران تطور مشاريعها بانشاء سدود على نهر الكارون، وتطلق مياهاً قليلة الى شط العرب وفي نهر سيروان بنت ايران نفق تحويل نفذ في العام الماضي، وصار يحول المياه الى نهر آخر وهذا يخالف القانون الدولي، لان المشاريع على نهر مشترك، ويجب أن تأخذ موافقة الدولة المشتركة معها، اضافة الى التغير المناخي، اما الحلول، فهناك حلان الاول على المستوى الداخلي، والاخر على المستوى الخارجي، فالذي على المستوى الداخلي يجب أن يكون مضمونا، لكن التخصيصات المالية غير متوفرة ومثل هذه المشاريع تتطلب (100) مليار دولار لجميع الوزارات لكي تتكيف مع نقص الايرادات المائية المحتم، نتيجة التغيرات المناخية، وتطوير المشاريع في دول الجوار، اما على المستوى الخارجي، فيجب على الحكومة أن تسند وزارة الموارد المائية، وتم وضع فريق للتفاوض برئاسة الوزير وعضوية وزارة الخارجية والوزارات القطاعية الاخرى، والعمل جار مع تركيا وسوريا والاجتماعات متواصلة، ولكن مع ايران نرى عدم تقبل لعقد الاجتماعات والتفاوض. 
 
الخزين المائي
يوضح لـ «الصباح» المهندس علي راضي المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية عن الخزين المائي قائلا: لا يمكن اطلاق المياه بشكل عشوائي بل يجب أن تكون ضمن خطة مدروسة، فعند انخفاض المياه من الشهر الرابع الى السادس كانت ضمن هذه الخطة وحافظنا على الخزين المائي، وعلى الرغم من قلة الايرادات المائية استطعنا أن نؤمن احتياجات الموسم الصيفي، هذا من جانب والجانب الآخر هو المحافظة على المياه من التجاوز مع المحافظة على نوعيتها وعدم تلوثها، اضافة الى تحسين كفاءة الري واستخدام التقنيات الحديثة بالزراعة، واستخدام وسائل جديدة في نقل المياه والابتعاد عن القنوات الترابية المفتوحة واللجوء الى القنوات المبطنة والانابيب. 
ولفت الى أن هناك بعض الاجراءات التي يجب على الزراعة أن تقوم بها، ومنها استخدام التقنيات الحديثة مع انها مسؤولية مشتركة بين وزارتي الزراعة والموارد المائية، واللجوء الى نوعية المحاصيل ومغادرة الطرق التقليدية للارواء.
 
المياه الجوفية
واكد وجوب المحافظة على المياه الجوفية، كونها ثروة مهمة وخزينا ستراتيجيا للاجيال المقبلة، ولا نسمح أن تهدر، والتجاوزات التي تحصل على المياه السطحية تحصل ايضا على المياه الجوفية وبشكل غير مدروس، والموارد المائية هي المسؤولة عن ادارتها لما تمتلكه من خبرات مائية كبيرة متخصصة، ولديها احصائيات ودراسات، ولها جهد آلي ممتاز وخبرة، فقد حفرنا 150 بئرا في مناطق يصعب وصول المياه السطحية اليها كما في
النجف. 
 
دول الجوار
وبين «لدينا شحة مائية هذا العام وتعد هذه السنة شحيحة باعتبار قلة المياه في نهري دجلة والفرات بنسبة 50 % واثرت في الوضع المائي، والاسباب هي التغيرات المناخية التي عصفت بالعالم. 
وقد اثرت في دول المنبع ودول المصب، وادت الى قلة الايرادات المائية وعوامل اخرى، ومنها توسع دول المنبع بانشاء السدود والخزانات في كل من تركيا وايران، والنمو السكاني الكبير، وتأثرت دول المصب كثيرا وسيخسر العراق ما مقداره 10 - 11 مليار متر مكعب من المياه في عام 2035، لذلك يجب الحفاظ على الامن المائي وتسخير كل الجهود لتحقيقه واليوم يمكن تحقيق كل شيء الا المياه».
واشار الى وجود مفاوضات مع تركيا وسوريا واتفاقيات على انشاء مركز بحثي وتبادل الخبرات والبروتوكول العراقي يضمن تحديد حصة شهرية مائية للعراق، ومؤخرا اعلن الجانب التركي المصادقة على المذكرة، ونحن بانتظارها وفيها يلزم الجانب التركي بعدم الاضرار بحقوق العراق من الحصة المائية، وبالنتيجة يجب أن تترجم هذه كلها الى ارقام واتفاقية وتثبت، ويجب تقاسم الضرر في الشحة المائية لدول المصب وهذا ما نتحاور به مع
 تركيا.