شباب متطوعون في مواكب العزاء .. أنموذج حضاري لإيصال الرسالة الحسينيَّة بشكل آخر

ريبورتاج 2021/10/05
...

 زهراء جبار الكناني
كنت بين مجاميع غفيرة من الزائرين حينما استوقفني احد المشاركين في الاعمال التطوعية، اذ بان ذلك من هيئة ثيابه وهو يقف بمحاذاة منصتهم على قارعة الطريق، اذ ناولني بوستراً كتبت عليه عبارة (اقسم أن لا ارمي النفايات في الشارع) لأقوم بالتوقيع والتعهد على ذلك القسم الذي يعد صحوة للشخص حينما يتناسى ويرمي بقايا طعامه او ادوات شرابه في الطريق وليس في المكان المخصص له، هذا ما استهل به حديثه التدريسي رياض غانم، وهو احد المشاة من الزائرين قاصدا مدينة كربلاء لإحياء زيارة الاربعين، ووصف رياض موكب لمسة امل التطوعي بأنه انموذج حضاري لإيصال رسالة الحسين (عليه السلام) بشكل آخر.
 
وتابع قائلا: حتى إن لم تكن هذه المبادرة تستخلص ما يطمح له القائمون إلا انها ستسهم في تفعيل دور الاهتمام بالبيئة والنظافة وبث روح التعاون بين الافراد.
 
انموذج حضاري
في كل عام  ترسم لنا خطى الزائرين لوحة من الايثار لإحياء زيارة الاربعين وهم يسيرون في درب العشق غير مبالين بمخاطر الطريق، وكأن السكينة تحدو مع خطواتهم لانهم متجهون صوب الحسين (عليه السلام) وهذا الامر يكفيهم، وفي ذلك الطريق الكثير من المواكب التي تعتنق ايام الزيارة ليلا مع النهار لراحتهم، وحينما يصلون على مشارف ابواب كربلاء لابد أن تمر خطواتهم بذلك الموكب الصغير بأفراده والكبير برسالته الثقافية المنفردة ألا وهو موكب (لمسة امل) التطوعي، اذ تتوج هذا العام بخدمة الزائرين من خلال مشاركته المميزة في تعدد نشاطاته التي تبناها ثلة من الشباب الواعين ليشكلوا مجاميع تعمل لدعم الخير والاصلاح ومساعدة الاخرين، فما يبذلونه للحسين (عليه السلام) هو قطعا غاية الجود والسمو في هذه المراسيم العظيمة.
 
بطاقات تعريفية
من جانبها، شاركتنا ام جود برأيها، قائلةً: اشعر بالغبطة لمشاركة الشباب بهكذا مبادرات تتجلى فيها روح التعاون والشعور بالمسؤولية تجاه مدينتهم الحبيبة كربلاء ومساندة القوات الامنية والخدمية وحتى الصحية، وهذا يدل على نقاء سريرتهم في توحيد صفوف الزائرين لاستكمال طقوس الزيارة بصورة حضارية من دون تدليس لقدسيتها من قبل المغرضين.
مضيفة: انها حصلت على باج تعريفي لابنها وابنتها من قبل فريق لمسة امل، إذ اسهمت حملتهم بطبع بطاقات تعريفية يكتب عليها اسم الطفل ورقم هاتف احد ذويه ليتمكنوا من الوصول إليه إن فقدوه في الزحام بين الزائرين.
وتابعت: ان هذه الباجات تدعم الاسر البسيطة، فبعض الزائرين لا يجيدون القراءة، وبالتالي لم يسعوا لتلقين ابنائهم رقم الهواتف او كتابتها لهم على قصاصة ورق، أما بالنسبة لي فقد تناسيت هذه الفكرة وحينما استوقفني احد اعضاء الفريق سررت كثيرا بمبادرتهم.
 
مساهمات نيرة
تعد هذه المساهمات النيرة خطوات تساند القوات الامنية وفرق حفظ النظام التابعة للعتبات المقدسة.
«الصباح» التقت مؤسس موكب (لمسة أمل) عباس الخفاجي ليحدثنا عن نشاطات الفريق، قائلاً: هذا العام الرابع على التوالي ونحن نتشرف بخدمة الزائرين الكرام واحياء القضية الحسينية بشكل ثقافي وحضاري بعيد عن أي اهداف شخصية.
ويضيف: فقد كان فريق لمسة امل مجرد مبادرة انسانية على صفحة التواصل الاجتماعي لدعم المحتاجين إلا انها وبجهود ذاتية وتطوعية من قبل المتبرعين اصبحت اليوم مؤسسة خيرية تشرع ابوابها لفعل الخير.
واكد: اليوم نحن نسرد رسالة الاصلاح للحسين (عليه السلام)، وما نسعى اليه من خلال فريقنا هو تطبيق جزء بسيط من رسالته الأبية الخالدة.
مبينا: شارك عشرة اعضاء من الفريق في الحملة، وكانت باسم فريق لمسة أمل لخدمة الزائرين والمواكب الخدمية، وتضمن نشاطنا توزيع باجات تعريفية للأطفال وزيارة الاربعين وبروشورات لإرشادات صحية عن فيروس كورونا، كما اسهم الفريق بحملات تنظيف موسعة شارك بها اصحاب المواكب ايضا.
موضحا: وباشرنا بتوزيع المعقمات بين المفارز الطبية ومساحيق الغسيل لأصحاب المواكب وتوزيع مجموعة من الأحذية وغيرها، اضافة الى تحضير وجبات الافطار وتوزيعها بين الزائرين، كما اسهم الفريق بتشييد منصة تحمل بوستر (اقسم ان لا ارمي النفايات في الشارع) لجمع التواقيع لحث الزائرين والبائعين على الالتزام بإجراءات الوقاية والنظافة.
وتابع الخفاجي: لقد لاقت جميع النشاطات تأييدا واهتماما من قبل الزائرين واصحاب المواكب، كما ان بعض التجهيزات كانت بمساعدة فرق اخرى ومنظمات مجتمع مدني وبالتنسيق مع الدوائر الخدمية والبرنامج الانمائي للأمم المتحدة، اذ تم توفير المعقمات والمنظفات، والبعض الاخر بجهود ذاتية كطبع الباجات التعريفية والزيارة وغيرها. 
وختم حديثه: كل ما تم انفاقه نراه جهدا قليلا بحق الامام الحسين (عليه السلام)، والحمد لله الذي انعم علينا بتوفيقه لنقوم بهذه الخدمة.