مكافحة الإجرام: اعتقال وتفكيك شبكات للاتجار بالبشر
العراق
2019/03/03
+A
-A
بغداد / هدى العزاوي
بناء على ما اقره مجلس النواب وطبقا لاحكام البند (اولا) من المادة (61) واحكام البند (ثالثا) من المادة (73) صدر قانون الاتجار بالبشر رقم (28) لسنة 2012، وشكلت بموجب الامر الديواني (75) لسنة 2012 اللجنة المركزية لمكافحة الاتجار بالبشر مع ممثلي الاقاليم والمحافظات والجهات ذات العلاقة لتحقيق اهداف هذا القانون.
ويقول مدير قسم مكافحة الاتجار بالبشر التابع لمديرية مكافحة اجرام محافظة بغداد العميد علي عبد الرزاق في تصريح خاص لـ”الصباح”: ان “جهود منتسبي قسم مكافحة الاتجار بالبشر في بغداد ومكاتبه في المحافظات ماعدا اقليم كردستان، اثمرت نتائج ايجابية في تفكيك عدد من الشبكات الاجرامية والقاء القبض على اغلب المتهمين والمتورطين بهذه الجرائم واحالتهم على القضاء واصدارالاحكام بحقهم”.
واردف انه “تمت احالة الكثير من الضحايا الى دور الايواء وتقديم المساعدة لهم والتمكن من تحديد هوية عدد ليس بالقليل منهم”، مشيرا الى انه “وضمانا لحقوق الانسان من خلال مواصلة التطبيق الفعال لقانون مكافحة الاتجار بالبشر، توجد حزمة كبيرة من الاجراءات والتعليمات التي نقوم بها والواردة في نص الفقرة سادسا من المادة (3) القانون رقم (28) لسنة 2012 والمتضمن قيام حملات توعية وتثقيف للتحذير من مخاطر جرائم وشبكات الاتجار بالبشر بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الاكاديمية والدينية ومراكز البحوث”.
ونوه عبد الرزاق بأن “الخطة السنوية لدائرة العلاقات والاعلام في وزارة الداخلية تسلط الضوء على الجانب الاعلامي بشأن حملات التثقيف والتوعية، اذ تم عقد سلسلة واسعة من اللقاءات التلفزيونية والاذاعية مع تخصيص الخط الساخن المجاني (533) الخاص بمديرية مكافحة الاجرام على مدى 24 ساعة لتسلم وتلقي التبليغات عن الحالات والجرائم”.
وتابع بالقول: “التعاون مهم على المستوى الدولي باعتبارها من الجرائم غير الوطنية والعابرة للحدود ومن خلال التنسيق مع الشرطة العربية والدولية (الانتربول) في وزارة الداخلية والسعي لعقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية”.
القانون العراقي والدولي
ممثل اللجنة المركزية للقانون الدولي الانساني في وزارة الداخلية الفريق الحقوقي هادي رزيج كسار، ذكر أن “جريمة الاتجار بالبشر من الجرائم المحرمة من الناحية الشرعية والقانونية ويحاسب عليها القانون سواء كان القانون العراقي او الدولي”، منوها بانه “في السابق كنا نعمل وفق قانون العقوبات العراقي بما حدده قانون احوال المحاكمات الجزائية عن ارتكاب هذه الجريمة، بيد انه وبعد انتشارها وازديادها اصبحت جريمة دولية، اذ شرع مجلس النواب العراقي قانونا خاصا بالرقم 28 لسنة 2012 وقد عرفت المادة الاولى منه (الاشخاص الذين تتم المتاجرة بهم عن طريق استقبالهم او ايوائهم او استغلالهم باي شكل من الاشكال سواء كان عن طريق التسول او الدعارة او الاستغلال الجنسي او المتاجرة بالاعضاء
البشرية)”.
ولفت الى ان “القانون الخاص رقم 28 لسنة 2012 شدد بالاحكام وفق المواد القانونية: الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة، بأحكام مختلفة وبغرامات مالية، اذ حددت من خمسة أعوام الى 15 عاما بل وصلت بعضها الى الاعدام في حال ادت الجريمة الى موت المجني عليه”، مشيرا الى “ان محافظة الانبار لم تسجل اي حالة اتجار بالبشر من خلال الاحصائيات الجنائية لعام 2018 ، بينما سجلت بقية المحافظات 362 قضية و413 موقوفا بمختلف القضايا المتعلقة بالاتجار
بالبشر”.
واضاف كسار ان “اكثر هذه القضايا والاحصائيات متعلقة بالتسول المنظم او المتاجرة بالاعضاء البشرية سواء كان بالداخل او الخارج، علاوة على تسجيلها لعمليات اختطاف الاطفال حديثي الولادة ببعض المستشفيات حتى اصبحت هذه الجريمة يحترفها اشخاص وعصابات منظمة”، داعيا القوات الامنية الى “مكافحة هذه الجريمة لاسيما جريمة التسول المنظم القائم على نشرهم بالمناطق والشوارع العامة والتقاطعات”.
معلومات استقصائية
ويرى الناطق باسم المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر احمد هادي في تصريح خاص لـ”الصباح”: انه “ وبحسب المعلومات التي حصل عليها موثقو المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر، فان العراق يعتبر منطقة رائجة، اذ يعد مصدرا ومستوردا ومنطقة عبور لانواع الجرائم”، مفصحا عن “وجود ارقام (مخيفة) للجرائم تحدث يوميا في بغداد والمحافظات كلها تقع ضمن اشكال الاتجار بالبشر، كتجارتي الجنس والأعضاء البشرية، والعبودية المنزلية، واستغلال العمالة الاسيوية، وشبكات التسول، وعبودية العمل في المؤسسات الاهلية، والزواج القسري، وزواج الفصلية”.
وافاد بأن موثقي المرصد الذين يعملون بطريقة حذرة و(سرية) لاستحصال المعلومات وتوثيقها، مع مراعاة الجانب القانوني لجميع خطوات الحصول على المعلومة، فضلا عن الحفاظ على خصوصية المعلومات التي يقدمها الضحايا، ولتجنب اي خطورة ومضايقات قد تترتب على عمل الفريق، ودعا المرصد وزارة الداخلية لتقديم التسهيلات اللازمة بغية تسهيل مهمته.
ضحايا الاتجار
ويؤكد هادي ان “لدى المرصد شبكة موثقين ينتشرون في بغداد وغالبية محافظات البلاد يستقون معلوماتهم بطريقة استقصائية ويعملون بشكل سري، اذ تمكنوا من اختراق عدة شبكات”، مشيرا الى ان “هناك منصات الكترونية تتسلم من خلالها بلاغات ومعلومات ودلائل من اشخاص وقعوا ضحية لعصابات الاتجار بالبشر، منهم الضحية (فتاة /25 سنة) هربت من احدى محافظات الجنوب، يستغلها ثلاثة اشخاص، وفروا لها سكنا في المنصورغربي بغداد مقابل ان يتسلم كل واحد منهم حصته من عملها، اذ تعمل نهارا متسولة ومساء في ملهى ليلي بمنطقة الكرادة وسط العاصمة، وضحية أخرى، باع كليته بـ(500 الف دينار)، بعد ان استدرجته عصابة في كردستان قادما من محافظة بابل، ووعد باعطائه 7 ملايين دينار، ليجد نفسه بعد عملية الاستئصال على حدود الإقليم وترك معه مبلغ 500 الف دينار فقط”.
ويضيف هادي: “وصلتنا 19 حالة ابلاغ خلال الشهرين الماضيين من ضحايا ابرزها تتعلق ببيع اعضاء بشرية لافراد تعرضوا الى عمليات نصب واحتيال وابتزاز وتهديد، وحالات اخرى تتعلق بمحاولات لتجنيد نساء في سوق الجنس، فضلا عن حالتي ابلاغ لفتاتين من “تنزانيا” تعرضتا الى تعنيف في منزل تعملان فيه في الجادرية وتم ارسالهما الى منظمة معنية بحقوق المرأة”.
قوانين صارمة
ويعلق هادي ان “الحكومة غائبة تماما عن هذه الجرائم، والقوانين الخاصة بجرائم الاتجار بالبشر، غير مفعلة وشبه متوقفة، مثل قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012، فضلا عن عدم تفعيل قانون تنظيم زراعة الأعضاء البشرية ومنع ومكافحة الاتجار بها رقم 11 لسنة 2016، اضافة الى عدم وجود عقوبات رادعة للمجرمين المتورطين بهذه الجرائم، كذلك غياب الوعي المجتمعي، فكثير من الضحايا يحتاجون الى معرفة ووعي بانهم وقعوا بأيدي عصابات للاتجار بالبشر، وعليهم الإبلاغ عنها، ولا بد من أن توفر الحكومة ملاذات آمنة للضحايا”.
المحامي جعفر اسماعيل الموسوي، يوضح في تصريح خاص لـ”الصباح”، ان “المادة الخامسة من قانون الاتجار بالبشر 28 لسنة 2012، يعاقب بالسجن المؤقت وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين دينار كل من ارتكب احد الافعال المنصوص عليها في المادة 1، كتجنيد الاشخاص او نقلهم او ايوائهم او استغلالهم بواسطة التهديد بالقوة او استعمالها او غير ذلك من اشكال القسر”، مبينا ان “العقوبة تكون بالسجن مدة لا تزيد على 15 سنة وبغرامة لا تزيد على عشرة ملايين دينار، كل من ارتكب جريمة الاتجار باستخدام اي شكل من اشكال الاكراه كالابتزاز او التهديد او حجز وثائق السفر او المستمسكات الرسمية، واستخدام اساليب احتيالية لخداع الضحايا او اعطاء او تلقي مبالغ مالية او منافع للحصول على موافقة من له السلطة او الولاية
عليه”.