بين المستقلة والتابعة للاحزاب.. منافسات المطابع في الانتخابات

ريبورتاج 2021/10/09
...

   علي غني 
 
 
شراء مطابع
عزا صاحب مطبعة البصري الكائنة في حي الاعلام السيد مستعين البصري، السبب الى أن بعض المرشحين لديهم نقص بالايرادات التي كانت تأتيهم من البرلمان نفسه، الى جانب ان بعض الكتل، وهذا تطور ملحوظ (والكلام للسيد مستعين) اشترت مطابع خاصة بها، وبذلك حققت التمويل الذاتي، واعتمدت على نفسها في ادارة الدعاية الانتخابية.
ولا اخفيك الحقيقة بان اغلب المرشحين لديهم تخوف كبير من تمزيق اللافتات عندما يضعونها مبكرا، بل ان الظروف الجوية قد تلعب دورا في تمزيقها، ولكن البعض يفضل الاعلانات في التلفاز، ويعدها اكثر انتشارا.
وعن عدد المرشحين الذين راجعوا مطبعته، أجابني: (اثنان فقط)، وطبع كل منها (10) اعلانات، وبمبلغ (80) الف دينار عراقي، في حين ان الانتخابات السابقة كان كل مرشح يطبع بمليون دينار، وربما تندهش اكثر اذا قلت لك ان الاعلانات الانتخابية قلت في هذه الدورة الانتخابية بنسبة (75 ٪)، وعندما قلت له، هل تعتقد أن عملك سيزدهر بعد شهر وهو موعد بدء الانتخابات، فقال، لا اعتقد، لأن اغلبهم لجأ الى مطابع السعدون لعمل (الكارتات الصغيرة)، فهي رخيصة، ولا تكلف المرشح غير (10) آلاف دينار.
ووصف صاحب مطبعة الجامعة السيد أحمد حسين، العمل بمطبعته بانه شحيح جدا، فمرشحة واحدة حتى الان جاءت لمطبعتي لعمل قطعتين، قيمة الواحدة (20) الف دينار واترك لك التصور!، وارجع السبب الى شراء اغلب الاحزاب والكتل السياسية للمطابع، وهناك (سوالف) كثيرة عن شراء (السيد؟!) عدة مطابع وهو يعمل بها ما يريد من الدعايات، كما ان هذه الدورة الانتخابية تميزت بكثرة المطابع، ففي كل منطقة توجد اكثر من مطبعة، وعلى سبيل المثال، فحي العدل وحدها توجد فيها (4) مطابع ومثلها في مناطق المنصور والعامل، وهكذا، لذلك انحسر عملنا الذي كان في الدورات السابقة (لا يوصف).
دعم مادي
بينما يرى الاستاذ سعد محسن امين سر نقابة الصحفيين، ان انحسار الدعاية الاعلامية للعديد من المرشحين، واقتصارها على اعلانات بسيطة سببه، عدم تيقن اغلبهم، لاسيما الذين يرشحون (لاول مرة) بالفوز بالسباق الانتخابي، وهذا (والكلام لمحسن)، لأن الحيتان الكبيرة من المرشحين هم المسيطرون على الدعاية الانتخابية لوجود دعم مادي كبير سواء أ كان من احزابهم ام من دول (خارجية)، كما ان انحسار تعليق اللافتات الانتخابية في بداية الحملة الانتخابية، جاء نتيجة لتوجه أغلبهم للاعلام الالكتروني لقلة التكاليف المادية.
وكشف (محسن) وهو العارف ببواطن الامور، بان بعض المرشحين الجدد يتخوفون من جهات (غير معروفة الاتجاه) تقوم بتمزيق الاعلانات التابعة لهم، وبما ان الامانة قد حددت الضوابط في وضع الاعلانات، لذا خلت الحيطان من كتابة اسماء المرشحين مثلما كان يحدث في السابق.
وواصل حديثه (امين سر نقابة الصحفيين): ان المرشحين الذين يملكون الاموال الكثيرة، احتلت لافتاتهم واجهات البنايات العالية وبحراسة خاصة، لانهم يعتقدون تماما بضمان فوزهم، كما اتجه بعضهم الى تجنيد مئات المروجين لهم في وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلق الدكتور عدنان خزعل الشمري على انحسار تعليق لافتات المرشحين، بان الناخبين عرفوا حيل المرشحين، وفهموا بان الانتخابات هي وسيلة للثراء وجمع الاموال والاستقواء بالسلطة.
ويرى الشمري ان الناخبين يرون أن جميع المرشحين لا يخدمون العراق وهمهم الاول والاخير الامتيازات، والمناصب، لذلك قل تعليق اللافتات لان اغلبهم يعرفون مسبقا انهم سيفشلون، وان ترشيحهم مجرد رغبة داخلية امام اصدقائهم أو اسرهم، فاستعانوا بطرق اخرى وذلك بتكليف مجموعات بالمنطقة للترويج لهم.
 
طريقة جديدة
سمعت (بأذني)، احد المرشحين للانتخابات الحالية يتصل بمدير عام  في الحكومة العراقية تابع لحزبه ويحثه على تحشيد موظفيه لحملته الانتخابية (كنت جالسا في مكتبه)، واعترف انه تصرف بذكاء مع هذا المرشح، وقال له: عليك أن تدخل لقلوب الناخبين عن طريق تقديم الخدمات لهم، فهو اسلم طريق للفوز بقلوب الناخبين، اما ان تقول انا من الحزب الفلاني، فعليك تحمل ما يقوله الآخرون عن حزبك وقال له خلال الهاتف، (اعتبر تعليق اللافتات)، اخر ما تفكر به، واذا اردت الترويج لنفسك عن طريق تعليق اللافتات فعلقها، قبل ايام قليلة من الانتخابات على أن تكون قريبة من مراكز الانتخابات.
هذا هو حال الاحزاب الان، كما يقول المواطن عدنان محمد، قلة في تعليق اللافتات، كتابة الاسم مع الوصف الانتخابي، بأنه (مستقل) الى جانب رقم القائمة، وتسلسل المرشح، وبداية ضعيفة على الرغم من طول المدة الانتخابية.
 
تمزيق اللافتات
المرشحة (ر. م) ترى أن العديد من العابثين من الشباب الذين يكلفون من جهات (معينة)، يقومون بتمزيق لافتات الدعاية الانتخابية، وهو ما حدث لي بعد ساعات من تعليق اللافتات، اذ مزق اغلبها، ولا اعرف الجهات التي تدعم هؤلاء، لكن أنا اكتشفت طرقا اخرى ساستخدمها عندما يقترب موعد الانتخابات (ولم تكشف عنها)، لكن أقول لهؤلاء الذين يمزقون اعلاناتنا، بان الجهات التي تدعمهم سوف نكتشفها، وان هذا التصرف يدفع الناخب الى العزوف عن المشاركة في الانتخابات، لانه سيفهم أن الانتخابات هي صراع على المناصب والغنائم لا ينتهي (وتلك مصيبة كبرى)، هذا ما اختم كلامي به وأقول (حسبي الله ونعم الوكيل).
 
غير متحضرين
ويعبر المرشح (س.ي) عن دهشته من تمزيق اعلانات المرشحين في غير مناطقهم وهو يقول: ان الذين يمزقون اعلانات غيرهم (غير متحضرين)، ويفهمون الانتخابات بانها فوز او خسارة من دون أن يسألوا صاحب الاعلان عن برنامجه الانتخابي، وتصوراته لحل مشكلات الدولة العراقية، كفى مثل هذه التصورات، نحن نريد أن نبني العراق، لنرفع شعار (أسال عن المرشح ولا تمزق اعلانه). 
ورأت المرشحة (ت): ان الدعاية الانتخابية لم تنحسر، لكن قل الاعتماد على اللافتات وتحولت الدعاية الانتخابية من دعاية لافتات الى تجمعات صغيرة في المنازل ودواوين العشائر، كما ان اهتمام المواطنين اتجه نحو الاعلام الالكتروني من خلال عرض السيرة والبرنامج الانتخابي، لكني أفضل المرشحين الذين يلتقون ناخبيهم وجها لوجه، لاقناعهم ببرامجهم الانتخابية وبجدوى الانتخابات.
 
الناصرية انموذجاً
اكثر من شهرين وشوارع محافظة ذي قار تخلو من صور المرشحين للانتخابات المقبلة، والترويج الانتخابي ينحصر بمواقع (التواصل الاجتماعي)، والندوات الخاصة، وحتى نتعرف الى الاسباب، فهذا المواطن جاسم محمد يقول: انا اعتقد أن انحسار الدعاية الانتخابية وعزوف المرشحين عن تعليق صورهم والافصاح عن برامجهم الانتخابية في الناصرية على الرغم من مرور اكثر من شهرين على بدء الدعاية الانتخابية في عموم العراق، ولجوء اغلبهم الى مواقع التواصل الاجتماعي والاجتماعات المباشرة، وعقد ندوات في القرى والارياف تجنبا لحدوث مشاحنات مع بعض الاطراف الرافضة للانتخابات، وعدم اقتناع الناس ببرامجهم الانتخابية، وفقدان الثقة بمرشحي الاحزاب.
بينما يرى المواطن سالم جمعة أن محافظة الناصرية لها خصوصية، لما شهدته من احداث مأساوية، واقول لك حقيقة يعتقدها الحراك الشعبي، ان النفوذ السياسي والجدوى الاقتصادية لم يتحققا في الناصرية، لذلك لا يستطيع اي مرشح تعليق صوره فوق صور الشهداء، لان دماء الشهداء اكثر مصداقية من كلام سياسي لا يتحقق على ارض الواقع او حتى على الورق.
بينما يعلق المواطن محسن سعد آماله على المرشحين المستقلين في التغيير في الناصرية التي افتقدت الى اعمار حقيقي يلبي طموح أهالي الناصرية، ومأساوية الاحداث التي مرت بها.
 
شباب الشوارع
قلت لاختم جولتي بسؤال بريء للشباب الذين يتجمعون قرب نقاط التفتيش او الاشارات الضوئية، فهذا (ن، م) يقول: ان الانتخابات لا تهمنا، فلا أحد يعطينا من جيبه، فكل ما نجمعه من تعبنا (جهدنا الخاص)، اما بشأن اعلانات المرشحين، فنحن ننتظر (نهاية الانتخابات)، عسى أن يكلفنا احد ما بجمعها لاسيما تلك التي تعلق باعمدة الكهرباء او الاماكن الخاصة، لنستفيد منها ماديا، فهذا هو المغنم الوحيد لنا، ولا يهمنا من يخسر او يفوز، وليس لنا علاقة بتمزيق اي اعلان انتخابي، وهذا رأينا جميعا، واذا اردت التأكد، فكل الشباب الذين يتجمعون قرب نقاط التفتيش او الاشارات الضوئية، لا يفهمون معنى الانتخابات، ومن هو المرشح الافضل ليتم اختياره.