ملاحظات بشأن تعديل قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة
اقتصادية
2019/03/03
+A
-A
أ.د.محمد حلو الخرسان
من المعروف ان الثبات على القوانين على قدر كبير من الأهمية وخاصة التي تهم عددا كبيرا من أصحاب المصالح، لأهمية ذلك الثبات في وضوح فقرات تلك القوانين والتعامل معها على هذا الأساس، سواء ما يتعلق منها بالشروط العامة والمتطلبات الأساسية لتأسيس الشركات قدر تعلق الامر بقانون الشركات الذي نحن بصدد الحديث عنه، وكذلك ما يتعلق بزيادة رأس المال او تخفيضه او انضمام وانسحاب شريك، فضلا عن طبيعة التحاسب الضريبي وسعر الضريبة لكل نوع من الشركات.
ولكن أهمية الثبات على القوانين المشار اليها لا تعني الركود والجمود لتلك القوانين وعدم تعديلها بما يتناسب مع المتغيرات المتسارعة في البيئة المحيطة بشكل عام والاقتصادية والمالية منها بشكل خاص، وبذلك يحقق تعديل القوانين الغاية المرجوة منه والتي تتركز على المصلحة العامة للدولة والمواطنين دون المساس او التأثير السلبي الكبير على أصحاب المصالح المتعاملين بشكل مباشر في ذلك القانون.
وفي العراق كان قانون الشركات السابق هو القانون رقم 36 لسنة 1985 ولكن هناك أسباب موجبة في وقتها أدت الى إحلال القانون الحالي رقم 21 لسنة 1997 بدلا من القانون السابق، وقد أجريت تعديلات على هذا القانون من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة (ممثلة بشخص بول برايمر) بعد التغيير الذي حصل في العراق 2003.
ولكن الملاحظ على هذا التعديل انه لم يراع مصلحة الدولة العراقية بشكل مباشر وانما كان يهدف الى خدمة رأس المال الأجنبي على حساب رأس المال الوطني وتهدف التعديلات كذلك تحقيق رغبة المستثمر بتحقيق الأرباح دون النظر الى المصلحة العامة ونوع النشاط ومدى اتفاقه مع خطط التنمية وحاجة السوق العراقية لذلك النشاط، ويمكن الاستدلال على الغاية من التعديل عند معرفة انه قد تم بشكل سريع جدا بعد التغيير في العراق.
وسيتم استعراض اهم التعديلات التي أجريت على القانون وبيان الهدف منها بالمقارنة مع نص المادة القانونية التي تم تعليقها او تعديلها.
المادة (1) النص القديم (يهدف هذا القانون الى تنظيم وتوثيق الشركات وتطوير نشاطها وفق مقتضيات خطط التنمية ومستلزمات مرحلة البناء الاشتراكي).
النص المعدل (يهدف هذا القانون إلى:
1 – تنظيم الشركات.
2 – حماية الدائنين من الاحتيال.
3 – حماية حاملي الأسهم من تضارب المصالح ومن سوء تصرف مسؤولي الشركة ومالكي أغلبية الأسهم فيها والمسيطرين على شؤونها فعليا.
4 – تعزيز توفير المعلومات الكاملة للملاك المتعلقة بقرارات تؤثر في استثماراتهم وشركتهم.
ونلاحظ ان التركيز يكون على حماية الدائنين وحاملي الأسهم وتوفير المعلومات لهم دون الاهتمام (بتنظيم وتطوير نشاط الشركات وفقا لخطط التنمية والبناء الاشتراكي)، وبالمناسبة ان سلطة الائتلاف قد ازالت مصطلح او كلمة الاشتراكي من جميع فقرات القانون المعدل، ويبدو انها تعتقد ان ذلك من مخلفات وأفكار النظام السابق دون ان تعي انه قطاع مهم ضمن تنظيم الشركات والاعمال في العراق.
المادة (2) تم تعليق العمل بها.
• النص القديم للمادة:
تتحقق اهداف القانون وفق الاسس الاتية:
• اولا -تشجيع استثمار رأس المال الوطني في الشركات ودعمها ورعايتها وفق ضوابط ومؤشرات خطط التنمية والقرارات التخطيطية.
• ثانيا -ضبط نشاط الشركات بما يضمن اداء دورها في التنمية الاقتصادية المخططة.
وهنا نتساءل ان كان من مصلحة الدولة والشعب العراقي تعليق تلك المادة التي تدعو لتشجيع رأس المال الوطني وضبط نشاط الشركات ضمن التنمية الاقتصادية المخططة، او ان المهم بالنسبة لسلطة الائتلاف هو رأس المال الأجنبي وان يكون النشاط في أي مجال سواء اكان مهما او غير مهم بالنسبة للعراق بقدر أهمية تحقيق أرباح للأجنبي صاحب الأموال.
• المادة (12) النص المعدل:
• اولا - للشخص الطبيعي او المعنوي، اجنبيا كان ام عراقيا حق اكتساب العضوية في الشركات المنصوص عليها في هذا القانون كمؤسس لها او حامل اسهم او شريك فيها، ما لم يكن ممنوعا من مثل هذه العضوية بموجب القانون او نتيجة قرار صادر عن محكمة مختصة او جهة حكومية مخولة.
• ثانيا -تعلق.
• ثالثا -تعلق.
النص القديم للمادة:
اولا - للعراقي حق اكتساب العضوية في الشركات التي نص عليها هذا القانون، مؤسسا او مساهما او شريكا، ما لم يكن ممنوعا لشخصه او لصفته، من عضوية الشركات بموجب قانون او قرار صادر عن الهيئات المختصة في الدولة.
ثانيا -يعامل مواطنو الاقطار العربية من المقيمين في اقطار الوطن العربي معاملة العراقي فيما يخص اكتساب العضوية في الشركات العراقية المساهمة والمحدودة، مع مراعاة القوانين النافذة.
ثالثا - لا يجوز للأشخاص المعنوية عامة كانت او خاصة، ان تكتسب العضوية في شركة عراقية ما لم تكن هي الاخرى متمتعة بالجنسية العراقية .
ويبدو واضحا القصد من التعديل والذي أصبح يساوي بين العراقي والاجنبي في حق اكتساب عضوية الشركة، وكذلك تعليق النص الخاص بعدم جواز اكتساب الشخصيات المعنوية غير العراقية العضوية في الشركات العراقية، وكان من نتيجة ذلك ان أصبحت المصارف الكبرى العائدة لدول العالم الأخرى مشاركة في شركات الصيرفة في العراق وحققت أرباحا طائلة من خلال تحويل العملة الأجنبية خارج العراق، ونفس الكلام يقال بالنسبة لشركات الاتصالات والنقل والاستخراج وغيرها.
• المادة ( 13 ) النص المعدل
يعد المؤسسون عقدا للشركة موقعا من قبلهم او من قبل ممثليهم القانونيين، ويتضمن العقد كحد ادنى:
اولا: اسم الشركة ونوعها، ويضاف الى اسم الشركة كلمة مختلط إذا كانت شركة من القطاع المختلط، ويضاف لاسمها كذلك أي عناصر اخرى مقبولة.
ثانيا: المركز الرئيسي للشركة، على ان يكون في العراق.
ثالثا الغرض الذي تم من اجله تأسيس الشركة، والطبيعة العامة للعمل الذي ستؤديه.
رابعا -تعلق.
خامسا -رأس مال الشركة وتقسيمه الى أسهم او حصص
سادسا -كيفية توزيع الارباح والخسائر في الشركات التضامنية
سابعا -عدد الاعضاء المنتخبين في مجلس ادارة الشركة المساهمة الخاصة
ثامنا -اسماء المؤسسين وجنسياتهم ومهنهم ومحلات اقامتهم الدائمة وعدد اسهم كل منهم او مقدار
حصته.
وعند التمعن في النص القديم للمادة وبالتحديد في البند ثالثا والبند رابعا الذي تم تعليق العمل بهما نلاحظ:
• النص القديم للمادة:
• يعد المؤسسون عقدا للشركة، موقعا منهم او ممن يمثلهم قانونا، يحتوي على:
اولا -اسم الشركة المستمد من نشاطها، يذكر فيه نوعها مع اضافة كلمة مختلطة ان كانت مختلطة واسم أحد اعضائها في الاقل ان كانت تضامنية او مشروعا فرديا، وتجوز اضافة اية تسمية مقبولة ان كانت مساهمة او محدودة.
• ثانيا -المركز الرئيس للشركة على ان يكون في العراق
• ثالثا -هدف الشركة المؤكد لدورها في انماء جانب من جوانب الاقتصاد الوطني وفق خطط التنمية
• رابعا - نشاط الشركة المستمد من هدفها، على ان يكون ضمن أحد القطاعات الاقتصادية وأي من القطاعات الاخرى ذات العلاقة بنشاطها
حيث نجد ان البند أولا المعدل كان يربط بين اسم الشركة المستمد من نشاطها، في حين تم الغاء ذلك بالتعديل واقصد الغرض من ذلك واضحا.
وفي البند ثالثا تم الغاء هدف الشركة المؤكد لدورها في انماء الاقتصاد الوطني وهنا أيضا يطرح الاستفسار بالهدف من الغاء ذلك ولماذا تحرص سلطة الائتلاف في التعديل على ابعاد الشركات عن تنمية الاقتصاد العراقي ولمصحة من يكون ذلك التعديل.
ونفس الكلام يقال بالنسبة للبند رابعا والذي علق العمل به بموجب التعديل علما انه يشير الى ضرورة توافق نشاط الشركة من هدفها والذي يفترض ان يكون ضمن أحد القطاعات
الاقتصادية.
ويتضح مما تقدم حرص سلطة الائتلاف في تعديلها لقانون الشركات الحرص الشديد على ان تسلخ الشركات بموجب هذا القانون عن دورها المهم ونشاطها في بناء الاقتصاد العراقي. ويبدو مما تقدم ان ذلك كان سببا في الاعتراض على المادة 14 في قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2019 وليس الاعتراض على مشاركة القطاع الخاص العراقي المعروف بالوطنية وسلامة الاهداف والحرص على المصلحة العامة.
التكملة في الأجزاء القادمة
جامعة ذي قار
عضو فريق المستشارين في وزارة المالية