مشروع تعزيز مشاركة المرأة.. القيادة وعملية صنع القرار

ريبورتاج 2021/10/13
...

  بدور العامري
 
 تصوير: نهاد العزواي
إن تبني منظمة الأمم المتحدة لقرار (1325) الخاص بدعم مشاركة المرأة بعمليات صنع القرار في المؤسسات الوطنية والاقليمية في أوقات السلم، واحترام حقوقها ومشاركتها في إحلال الامن والسلام الدوليين في مناطق النزاعات والصراع، وحث جميع الدول الأعضاء وانظمتها السياسية على تطبيقه وتنفيذ بنوده بمتابعة ودعم المنظمات الدولية المتخصصة، دفعا بالحكومات في الدول النامية والشرق الأوسط ومنها منطقتنا العربية الى العمل بالتعاون مع تلك المنظمات لتحقيق الأهداف المرجوة على ارض الواقع.
الحكومة العراقية بدورها اكدت في اكثر من مناسبة أن ملف المرأة وقضاياها الرئيسة هو من أولويات الحكومة في الوقت الحاضر، هذا ما تحدثت به مديرة دائرة تمكين المرأة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء الدكتورة يسرى كريم محسن خلال كلمتها في مؤتمر خاص بدعم مشاركة المرأة بالانتخابات وحضرته «الصباح»، موضحة أن النهوض بواقع المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية يتطلب تضافر الجهود والتعاون بين مؤسسات الدولة الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، اضافة الى التنسيق المستمر مع الوكالات الدولية المتخصصة والمهتمة بشؤون المرأة، للعمل على تذليل ومواجهة جميع المعوقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تحد من دور المرأة كفاعل أساسي وشريك حقيقي في خلق التنمية الوطنية على جميع
الأصعدة.
 
خطط داعمة
يمثل تمكين المرأة من التمتع بحقوقها السياسية في المشاركة في إدارة الشؤون العامة ومباشرة حقها في الترشيح للانتخابات والاقتراع بكل حرية وتحت حماية القانون احد اهم الحقوق التي نصت عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية، كما انه يمثل مسارا أساسيا من اجل تحقيق التنمية العادلة والشاملة، اذ كشفت مديرة دائرة تمكين المرأة عن تبني دائرتها لخطة عمل داعمة لمشاركة المرأة السياسية في الانتخابات عن طريق تشكيل لجنة عليا مهمتها التنسيق والتعاون مع جميع الجهات القطاعية المسؤولة عن التنفيذ، إذ استقبلت هذه اللجنة مقترحات منظمات المجتمع المدني وتمت مناقشتها لاستيعاب جميع التوصيات التي من شأنها تعزيز ودعم مشاركة المرأة في الانتخابات، ومنها الزام الأحزاب بتوفير الدعم الكامل للنساء على مستوى المشاركة السياسية في الانتخابات لتحقيق العدالة في فرص التقدم، إضافة الى تشجيع الكفاءات النسوية في تنمية قدرات نساء اخريات لزيادة المشاركة السياسية للمرأة وزيادة البرامج الإعلامية التي تسهم في خلق وعي كامل بأدوار النساء، بعيدا عن الأدوار النمطية وتغيير الصورة المجتمعية المقولبة عنهن.
 
العنف الانتخابي
من جهتها شاطرت الدكتورة أحلام الجابري مستشارة مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مديرة دائرة تمكين المرأة بالرأي، في ضرورة حماية المرأة من العنف الانتخابي والهجمات المجتمعية، مبينة ان المفوضية اتخذت عدة إجراءات وخطوات للحد من هذه الهجمات، متمثلة بتنفيذ فقرات قانون الانتخابات والتعليمات واللوائح الخاصة بالتجاوز على المرشحات وحملاتهن الدعائية، داعية الجهات المعنية الى ضرورة الاشراك الكامل للمرأة في مختلف ميادين الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وهذا ما ايدها فيه اشرف عبد الكريم الدهان المدير العام للمنظمات غير الحكومية في مجلس الوزراء، بقوله «يجب على المرأة ادراك هويتها النسوية والمواطنية السياسية، عن طريق الانخراط في العمل المدني والاجتماعي والسياسي لجميع القضايا المصيرية التي تمس المواطن، لغرض تشكيل قاعدة عريضة ومؤثرة في المجتمع من دون التقوقع بقضايا تخص المرأة
فقط».
 
التمييز ضد المرأة
ان التهيئة لقيادة واعدة وصحيحة للمرأة، تبدأ من التنشئة الاجتماعية الرصينة داخل الاسرة وفي المؤسسات التربوية اللاحقة، بحسب رأي اشرف الدهان الذي يقول: «على الرغم من كل الجهود المبذولة والداعية الى توسيع مشاركة المرأة في الحياة السياسية يجب أن نعترف بحقيقة أهمية المراجعة وتصحيح الأخطاء التي تعرضت لها المرأة خلال الفترات الماضية»، اذ يرى الدهان ان القضاء على كل اشكال التمييز ضد المرأة والعمل على ترجمة الاتفاقيات الدولية التي تدعو الى تساوي الفرص بين الجنسين وتضمينها في التشريعات الوطنية، عند ذلك سنجد زيادة نسبة المشاركة للمرأة والقدرة على التأثير في الحياة السياسية والحزبية والمجتمع بصورة واسعة.
 
مستوى الوعي
 لا شك أن جميع البرامج والستراتيجيات التي تعمل عليها الان منظمات المجتمع المدني والجهات الساندة لها، ستسهم بإضافة نوعية لقضايا المرأة وتبني فكرة مشاركتها في الحياة السياسية بأدوار أساسية وفاعلة في بناء سياسات الدولة والقيادة وصنع القرار بما يحقق الرفاهية للمجتمع بصورة عامة، وهذا ما أكدته رئيسة جمعية نساء بغداد المهندسة  ليزا نيسان حيدو، مشيرة الى هدف الجمعية الاساسي الذي رسمته منذ بداية عملها عام(2004) وهو الارتقاء بواقع المرأة في شتى الميادين، بدءاً من رفع مستوى الوعي واستحقاقاتها المرحلية والستراتيجية، وما عقد اللقاءات والمؤتمرات التي تهدف الى توسيع ادوار المرأة من المجتمع الى السياسة الا لاثبات أهمية دور المرأة اجتماعيا وسياسيا، اذ تعتقد المهندسة ليزا حيدو ان وسائل النقاش والحوار المنتج والمثمر يمكن أن توصل الى مخرجات وآليات عمل وخطط مستقبلية بما يحقق خطوة نوعية ومهمة الى الامام في مجال قضايا المرأة.
 
البيئة الاجتماعية
إعادة بناء الأساس الثقافي للمجتمع العراقي عن طريق ادراج مفاهيم الديمقراطية ضمن المناهج الدراسية ووضع برامج انتخابية ذات فعالية إعلامية بغية التأثير الاوسع في فئات مجتمعية مختلفة، كانت من بين التوصيات التي خرجت بها مساهمة الباحث والأستاذ في العلوم السياسية الدكتور محمود عزو حمدو ومساعده الدكتور عبد الكريم الجربا، بعد تحليلهما لنقاشات مستفيضة في تقييم واقع مشاركة المرأة في الأعوام الماضية (التحديات والدروس المستفادة) ومن ثم دراسة موضوع (البيئة الاجتماعية وتأثيرها في المرأة ومدى تقبل المجتمع للمرأة في السلطة)، اذ تم تسليط الضوء على اهم المعوقات التي تقف امام مشاركة المرأة في الحياة السياسية ووضع المعالجات والحلول لها في الوقت
 نفسه. 
 
دروس
لقد اعتمدت الدراستان اللتان نفذتا في عشر محافظات عراقية في جنوب ووسط وشمال العراق في منهجية البحث على الاستبيان والمقابلات واستطلاع الرأي عن طريق مجاميع العمل المتواجدة ميدانيا، اذ تقول مديرة المشروع الباحثة والمحامية رشا خالد :»بعد جمع المعلومات وتحليلها وتقسيمها الى دروس مستفادة وتوصيات ستتم طباعتها وتوزيعها بين الجهات المعنية لغرض العمل بها».
وتابعت الباحثة رشا خالد حديثها عن مشروع تعزيز مشاركة المرأة في القيادة وصنع القرار الذي تبنته جمعية نساء بغداد بدعم من مساعدات الشعب النرويجي ورعاية دائرة تمكين المرأة وهو ضمن حملة (اسرتنا نحميها)، المكون من 25منظمة مجتمع مدني من شبكة النساء العراقيات وتحالف القرار (1325)، اذ تم اتخاذ ثلاثة توجهات في عمل الحملة، تمثل المحور الأول ببناء القدرات ورفع الوعي بمفاهيم النوع الاجتماعي الذي استهدف العاملين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، إضافة الى الناشطات النسويات والنائبات في البرلمان العراقي، وكذلك الشابات المنخرطات حديثا في العمل المدني والسياسي وتمكينهن سياسيا.
 
برامج وتوصيات
تجريم خطابات التمييز ضد المرأة والعنف الاسري وإقرار السياسات التي تسهم بتمكين النساء على مستوى صنع القرار والمشاركة الفاعلة فيه، من اهم المقترحات والتوصيات التي خرج بها الحاضرون في ما يتعلق بتطوير نتائج الدراستين الخاصتين بتمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في الحياة السياسية وصنع القرار وبحسب رأي الباحثة رشا خالد وما لمسته من مستوى الحضور والتفاعل في النقاشات الذي ينم عن زيادة حجم الوعي والادراك لأهمية دور المرأة في الحياة السياسية، إضافة الى عدد آخر من التوصيات التي عدت كبرامج دعم واسناد لمشاركة المرأة في العملية الانتخابية بمختلف مراحلها، سواء كانت ناخبة او مرشحة، وبخصوص التوجهات التي سلكتها حملة (اسرتنا نحميها) اختتمت المحامية رشا خالد بايجاز عن التوجه الثاني المتمثل بالضغط على صناع القرار في الحكومة العراقية لايصالهم الى رؤية داعمة للمرأة ومستجيبة للنوع الاجتماعي، بينما ركز المحور الثالث على فعاليات التأثير بالجمهور كالمؤتمرات الموسعة والأنشطة الإعلامية مثل الحلقات التلفزيونية والاعلانات الاذاعية ونشر اللافتات والمطبوعات المتضمنة رسائل عن حقوق المرأة في الأماكن
العامة.