أين الخلل ؟

الرياضة 2021/10/13
...

خالد جاسم
 
المدة القليلة الماضية التي شهدت واحدة من أسوا الصفحات الفنية في تاريخ اتحاد كرة القدم العراقي منذ تأسيسه في عام 1948, رسمت مؤشرا سيئا جديدا حول جوهر المنظومة الكروية المتجسدة في أزمة القيادة ... نعم لم يكن ما حدث مشكلة فنية متعلقة بتسمية مدربين لهذا المنتخب أو ذاك، بل هو نتاج غياب القيادات المؤهلة في فن الادارة وكيفية التعاطي مع مختلف الملفات الادارية والفنية والمالية, وهنا أستذكر مقولة الفنان الروسي الشهير ستان سلافسكي: ( امنحني مسرحا , أعطك شعبا مثقفا ), ولا نحتاج هنا الى التذكير بحال الفنون ومنها المسرح، لكي يمكن لنا المقارنة ورؤية مدى امكانية تطبيق فلسفة الفنان الروسي على واقع الحال العراقي, لكننا في حال الكرة يمكن لنا أن نقول: ( أعطني اختيار القيادة وأمنحك كرة قدم صحيحة ), لذلك فإن ما نشاهده من مسلسل متواصل من الفوضى والفشل والإخفاقات ما هو الا نتاج سوء الإدارة وغياب العقلية القيادية التي تنتج قرارات صحيحة وتضع الأمور في سياقها الموضوعي السليم . ولكي لا نبتعد عن مضمون الكلام, نجدد القول ان ما شاهدناه من انفلات تدريبي وصراخ وعويل وتصريحات بركانية بلغت حد التهديدات والويل والثبور, وتسابقت الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية في اذاعتها ونشرها، ليرى العالم كم نحن متخلفون حتى في طريقة الدفاع عن حقوقنا وفي طرح وجهات نظرنا، ما هو إلا انعكاس مباشر وطبيعي ليس لغياب القيم والمفاهيم النبيلة والكوابح الأخلاقية, بل وسيادة منطق الجهل والاستهتار بالقيم وضرب الأخلاق عرض الحائط، بعد أن صار الكل مدربين، وكل منهم يرى في نفسه صاحب الحق والجدارة في أن يكون مديرا فنيا أو مدربا أول بل وحتى مستشارا لهذا المنتخب أو غيره, وهو أمر متوقع الحدوث وعلينا توقع الأسوأ طالما تدار مقاليد الرياضة ومنها كرة القدم بعقليات تحركها الغريزة المادية، وتتحكم في خيوطها أدران وأمراض الواقع السياسي، تفرض معايير لا تمت الى الخبرة والكفاءة والعلم والخلق الرياضي بصلة . نعم .. لو كانت هناك قيادات جديرة بقيادة عباد الله, لما شاهدنا تلك الفصول المضحكة – المبكية التي تضاعف بؤس واقع الحال وتؤشر لمستقبل حالك السواد، اذا ظلت دورة حياة الرياضة تدار وفق الاليات والوسائل التي لا ينفع معها نظام أو قانون ولا هم يحزنون .
نعم هناك مدربون تتوافر فيهم مؤهلات الاستحقاق في العمل مع المنتخبات الوطنية تحت مختلف المسميات الفنية، سواء من هم مصنفون في خانة المدربين الكبار في الخبرة والكفاءة والشخصية الجيدة والسجل التدريبي الناجح، أو من هم من صنف المدربين الشباب الذين من الواجب منحهم الفرص الحقيقية. 
اذا ارتكزنا على المعايير التي وضعت من اللجنة الفنية أو لجنة الخبراء أو لجنة المنتخبات أو لجنة المدربين، وهذه كلها مسميات للجان حاضرة بشكل أو بآخر في اتحاد الكرة، ولا أحد يعرف بالضبط ما هو اختصاص كل منها ومدى صلاحياته, وهي معايير تعتمد الكفاءة والخبرة والشهادة والشخصية والسيرة التدريبية الحسنة, فسوف نجد حضورا لبعض من تلك المعايير في من وقع عليهم الاختيار بينما غابت هذه عن اخرين، لكنهم حجزوا أماكنهم في الملاكات التدريبية الوطنية بناء على مؤهلات من طراز مختلف, أما مقولة المدرب والخبير الانكليزي الشهير السير رون غرينوود التي قال فيها: ( أعطني مدربا جيدا, أمنحك فريقا جيدا ), فما عادت تنفع وغير صالحة للاستخدام في رياضة وطن أمسى شعارها محاربة الكفاءات ورمي العلم في سلة النفايات, وأضحت حقل تجارب لقيادات فاشلة بامتياز .