فجر محمد
عادة ما تكون التجارب الناجحة واصحابها محط انظار واعجاب من الكثيرين، وكم من انموذج نسائي ناجح لامرأة شقت طريقها بنفسها، وما زالت تمتلك الكثير من خلاصات التجارب ودروسها المفيدة وتتطلع لايصالها لنظيراتها في العالم اجمع، وفي الآونة الاخيرة وضعت المرأة قدميها على سلم الاستثمار المستدام، الذي لا يهدف الى الربح المادي فقط، بل تحقيق الاستدامة للبيئة والمجتمع ككل.
قد يراودك تساؤل وانت تتصفح مواقع الانترنت وصفحات التواصل الاجتماعي اذا ما وجدت مفردة الاستثمار المستدام متداولة بشكل واسع، خصوصا في السنوات المنصرمة وصولا الى يومنا هذا، ويعرف المختصون هذا المصطلح بانه استثمار ذو مردود اجتماعي ولكنه يراعي الضوابط البيئية والاجتماعية ويسعى الى تطوير المجتمعات، ولا يهتم بالربح المادي فقط بل يطور من اصحابه والمحيطين بهم.
بذرة اولى
برزت فكرة تأسيس مؤتمر عالمي يناقش المرأة وقضايا الاستثمار المستدام كوسيلة لتحديد شكل العلاقة بينهما، وايضا لتشجيع المختصين على ايجاد حلول لمشكلة ضعف التمثيل النسائي في مجال الاستثمار مع غياب وجود منصة عربية او عالمية تسلط الضوء على مساهمة النساء في هذا الجانب، وفي منتدى المستثمر العربي العالمي وعلى مدار دوراته السابقة والنجاحات التي حققها من وجهة نظر الخبراء والمختصين، اصبح الدور اليوم على النساء ليتشجعن ويخضن غمار الاستثمار المستدام، وطرح التحديات التي تواجههن في هذا المجال.
ستراتيجية
ان ايجاد مجتمع عربي وعالمي يقدر الاستثمار الذي تقوم به النساء، ويساندهن في مواجهة التحديات والتغلب عليها هو غاية اساسية لمنتدى المستثمر العربي والعالمي، مع ضرورة وجود منصة حراك عربي وعالمي مؤثرين وايجابيين لدعم وتكريم النساء في الاستثمار المستدام، والتركيز على الدول الاضعف في مساهمة المرأة بهذا المجال، ولذلك تم التركيز على تحديد اسباب الفجوة الجندرية في الاستثمار، واهم التحديات التي تواجه النساء ووضع الحلول لها.
تمكين ومتابعة
مديرة الدار العراقية للازياء سابقا الدكتورة ابتهال خاجيك تكلان كانت من ضمن المشاركين في الجلسة التحضيرية للمؤتمر المزمع عقده في الفترة المقبلة، وهي ترى أن وضع المرأة يختلف من مكان الى آخر في العالم، اذ توجد نساء يشغلن اماكن ومواقع مهمة في المؤسسات الحكومية، فضلا عن المجتمع المدني وكم من امرأة كان لها تجربة قيادية ناجحة، وفي ما يخص البلدان النامية لابد الا يقتصر الامر على تمكينها وحسب بل من المفترض تذليل العقبات والصعوبات التي تواجهها، لكي تتمكن من اداء رسالتها الانسانية والاجتماعية بصورة صحيحة ومثمرة.
وتقول تكلان: "ان المشاركة الفاعلة التي تضمنت حضور العديد من الشخصيات العربية والعالمية المستثمرة في قطاعات مختلفة وحيوية، اغنت الجلسة الافتتاحية الافتراضية وسلطت الضوء على التحديات التي قد تعترض سبيل المرأة المستثمرة".
تجارب مضيئة
ان التركيز على الاستثمار الذي تديره نساء من الدول ذات الفجوات الجندرية الكبيرة، من شأنه أن يشجع نظيراتهن في كل مكان، لاسيما مع طرح نماذج تفوقت في هذا الحقل، فضلا عن محاولة كسر الصورة النمطية التقليدية للمرأة في الاعمال، وابراز النماذج النسوية الناجحة في الاستثمار بالوطن العربي والعالم، ليصبحن قدوة ومثالا يحتذى به وهناك دعوات كثيرة الى ادماج المرأة في التكنولوجيا والبحث العلمي، فضلا عن الفن والثقافة ومجتمع المعرفة والاقتصاد ايضا، ومن ضمن التوجهات التي تطرح باستمرار ضرورة أن تشغل المرأة مناصب عليا في القطاع الصحي، خصوصا وان نسبة العاملات في هذا القطاع بمنطقة شمال افريقيا تتراوح بين 50الى 70 %، وفي دول اخرى تصل نسبة العاملات في مجال التمريض الى اكثر من هذه النسبة، ولكنهن لا يشغلن مناصب قيادية في القطاع الصحي.
صوت النساء
وضع المؤتمر الخاص بالنساء والاستثمار المستدام امامه صيغا واهدافا يسعى للوصول اليها، ومنها توصيل صوت النساء المستثمرات الى صانعي القرار، لتطوير بيئة استثمارية جاذبة ومساندة للمرأة، فضلا عن طرح حلول لردم الفجوة الجندرية من خلال الاهتمام بقضايا التمكين المعرفي والتعليمي والتكنولوجي، ومساعدة المرأة المستثمرة في تجاوز العوائق والتحديات التي تواجهها في هذا المجال، ولم يستثن الدور الفاعل والمهم الذي يتمتع به الاعلام من محاور هذا المؤتمر، خصوصا وانه سيكون بمثابة رافد معزز لصناعة صورة المرأة المستثمرة الناجحة، فضلا عن طرح مبادرات المجتمع المدني لدعم ومساندة المرأة ومشاركتها الفاعلة في الاستثمار، وفي جلسات المؤتمر السابقة كان هناك تركيز على ايقاف العنف المستشري في المجتمع الذي ادى بدوره الى زيادة حالات الانتحار، فضلا عن امراض القلق والاكتئاب بين الفئات العمرية المختلفة من
النساء.
التفاتة ذكية
اشارت منظمة الامم المتحدة في العام الماضي الى أن الاستثمار في قضايا المرأة يعد التفاتة وخطوة ذكية، اذ ان تمكين المرأة ودعمها في الحياة السياسية والصحة والتعليم من شأنه أن يسهم في تحسين وضعها مع الزام الدول الموقعة على اتفاقية سيداو بأن تهتم بالنساء بصورة عامة، وعلى وجه الخصوص المسنات والمهاجرات والريفيات وحمايتهن من العنف والتمييز العنصري، وحصولهن على العدالة وتمكينهن سياسيا
وتعليميا.