نافع الناجي
أضحت جائحة (كورونا) واقعاً يفرض وجوده بعد عامين من الضيافة الثقيلة، فلم يعد من الحكمة التنصل من وجودها، بل التعايش معها ولاسيما في مجال العمل وطلب الرزق. هكذا كانت الخلاصة التي توصل اليها، أصحاب المطاعم وبعض محال المعجنات وصناعة الحلويات بعد شهور من الاغلاق الاضطراري الذي كبّدهم خسائر اقتصادية باهظة، لكن ثمة أملا بايجاد بدائل تولدها الحاجة للمضي في العيش ومواصلة كسب الرزق.
يبدأ منذر بتجهيز الطلبيات العديدة التي تصل الى مطعمهم، لغرض إيصالها الى الزبائن بدراجته النارية التي تحمل صندوقاً في الخلف كتبت عليه علامة (لوغو) للمطعم الذي يعمل فيه، اذ يقول «نلتزم بكل الإجراءات الوقائية والصحية الضرورية التي تبدأ من ارتداء الكمامات والقفازات الطبية ولا تنتهي بتعقيم صندوق الدراجة في كل رحلة توصيل نقوم بها»، خدمة التوصيل (الدليفري) مهنة ليست جديدة في العالم الغربي، لكنها جديدة على مجتمعنا العراقي، وفرضتها الظروف الحالية، لاسيما مع فترة الاغلاقات التي طرأت إبان تفشي موجات الجائحة خلال العامين الأخيرين، وتتمثل بقيام المطاعم أو متاجر الحلويات والمعجنات والمخبوزات وغيرها، بتوصيل الوجبات والطلبات الى بيوت وعناوين الزبائن وتجنيبهم الخروج من منازلهم، «بالرغم من ايجابياتها الكثيرة فهي لا تخلو من العوائق»، هكذا كشف لنا منذر، ويسترسل «عانينا كثيراً من المشكلات مثل معرقلات السيطرات أيام حظر التجوال أو حينما تصلنا بعض الطلبات ويكون العنوان خاطئاً، فضلاً عن تأخر المواطن علينا للخروج واستلام وجبة الطعام وما شابه».
خطوط لتسلم الطلبات
وحول كيفية تلقي الطلبات يقول صاحب أحد المطاعم، الحاج مهدي «تبدأ عملية الطلب عبر تطبيق خاص اسمه طلباتي أو عن طريق الاتصال المباشر بالهاتف، اذ يخصص كل مطعم أرقاماً لهذا الأمر أشبه بـ (الكول سنتر)، تتم تلبيتها من قبل موظفي خدمة متخصصين يقومون بتدوين عناوين الزبائن ونوع الطلبات وملحقاتها».
ويوضح أن الجائحة أثرت عليهم بشكل كبير لاضطرارهم لغلق مطاعمهم شهوراً طويلة، وفقدانهم لنسبة ليست قليلة من عملاء وزبائن المطعم، الأمر الذي اضطرهم الى الاعتماد على هذه الخدمة ومعاودة الانخراط في سوق العمل من جديد بعد توقف ليس بالقصير.
خدمة سهلة وآمنة
«عباس» صاحب مطعم آخر قال لنا «لا يمكننا وضع أيدينا على خدودنا والاكتفاء بالانتظار، كان لابد أن تعود الحياة الى طبيعتها مع كورونا أو بدونها»، لافتاً الى أنهم تكبدوا مبالغ طائلة وفواتير وبدل ايجارات وضرائب، بالرغم من اقفال مصادر رزقهم.
ويضيف «خدمة التوصيل هي خدمة طلبات سريعة فبمجرد أن يتصل الزبون، ندوّن تفاصيل طلبه ونرسله له لباب منزله بشكل سهل ونظيف وآمن، فما يهمنا المحافظة على أرواح الناس من الإصابة بالفيروس أولاً والاستمرار بحياتنا وأرزاقنا ثانياً»، وزاد عباس «خدمة التوصيل انعكست بالإيجاب لدى عامّة الناس وصارت تلقى رواجاً وتقبلاً سريعاً، فهي وفرت لهم الوقت وضمنت تفادي التجمعات في المطاعم والأماكن العامة درءاً للملامسة أو الإصابة بالعدوى وغيرها من المميزات».
تغيير العادات
بشير صاحب أحد متاجر الحلويات يقول مشيراً بيده الى احد أركان متجره «كانت هذه الصالة تمتلئ عن آخرها كل مساء، فنحن نقدم تشكيلة واسعة من أجود الحلويات شتاء والكريب والمثلجات والفواكه والعصائر صيفاً»، مضيفاً «كما ترى فالناس أصبحت قليلة الحضور لمتجرنا ولمتاجر أخرى كثيرة بسبب جائحة كورونا وعاداتهم تغيّرت ولا نلومهم طبعاً»، مشدداً «كان يجب أن نساير عادات الناس وأمزجتهم بتغيير طريقة عملنا، فاخترنا أن نفتح خطوط اتصال معهم ونستقبل طلباتهم هاتفيا أو من خلال تطبيقات الهاتف الذكية ونقوم بتلبيتها»، ولفت بشير الى أن «بعض الزبائن صاروا يأتون بسياراتهم لتلك النافذة لتسلم الطلبات التي حجزوها أو نقوم بإرسال عامل خدمة التوصيل لعناوين الزبائن أو بيوتهم أو أماكن عملهم
أحياناً».
بطاقات صحيَّة
بدورها فقد اسهمت دوائر الصحة العامة في بغداد والمحافظات بتفهم الظروف العامة للبلد أثناء جائحة كورونا، فأصدرت بطاقات صحية لكل العاملين في المطاعم وخصوصا في خدمة التوصيل لكونهم يتعاملون مع مادة غذائية ما يؤثر في صحة المواطنين إجمالاً.
وأوضح الدكتور عقيل عبد راضي لـ «الصباح» أن «الظروف العامة لتفشي الجائحة أفقدت الكثير من أصحاب المهن لمصادر رزقهم جراء استمرار الحظر لفترات ليست قصيرة، لكن العالم أجمع عاود فتح الاقتصاد وتعايش مع ظروف الجائحة»، مضيفاً «بهذا الصدد وافقت خلية الأزمة ووزارة الصحة على عودة فتح المطاعم والكافيهات ومحال المرطبات والنوادي الرياضية وقاعات الاحتفالات والمناسبات لكن بشروط صحية صارمة كتوفير منافذ التهوية الدائمة ووسائل التعقيم وتقليل عدد الزبائن في الصالات وتشجيع تقديم خدمة التك أوي او الدليفري»، مشيراً الى «اصدار شهادات صحية للعاملين في خدمة التوصيل (الدليفري) بعد استيفاء الشروط اللازمة كاستخدام الكمامات والقفازات الطبية والتعقيم بشكلٍ مستمر وعدم ملامسة الزبائن أثناء تسليم الطلبات والحفاظ على مسافة أمان بحدود ستة أقدام أو مترين».