مصطفى منير
تصوير: نهاد العزاوي
منذ تأسيس شارع المتنبي في أواخر العهد العباسي وصولا إلى اليوم، ظل الشارع أيقونة تراثية وثقافية لرواده من الشرائح الاجتماعية المختلفة، فلقد زاره الاف من الوفود الأجنبية، إضافة إلى العديد من رؤساء الدول، ليكون طقساً أسبوعياً للزيارات وهو يعج بالمكتبات التي تختلف كتبها بين العلم والأدب والتقني وعلوم الحياة، إضافة إلى أدب الأطفال، وكذلك يشهد صباح كل يوم جمعة فعاليات متنوعة يصل عددها إلى الخمسين.
فالواجب الوطني يدعو إلى تحويله لمدينة سياحية، كما قال العديد من المثقفين والمتخصصين الأكاديميين، فقد تباينت الآراء بأن المدينة السياحية ستكون إضافة معمارية جديدة لتاريخ العراق المعاصر، بينما قال آخرون بأنه يعد انتهاكا لروح التراث القديم.
ترميم وإعمار
«يجب أن تنظم هذه الفعاليات الثقافية في شارع المتنبي، فضلاً عن ترميم الصرح الثقافي ترميما يلائم التراث القديم في العهد العباسي»، هذا ما ابتدأ به الخبير القانوني طارق حرب مواصلاً حديثه : «لا بد من إعلاء شأن الثقافة عن طريق الاهتمام بشارع المتنبي لذلك نجد أمانة بغداد باشرت بإعادة الإعمار، لكن هل ستستمر إلى مستوى نطمح له؟».
دليل سياحي
بينما يوضح الدكتور عقيل مهدي عميد كلية الفنون الجميلة السابق في جامعة بغداد: «يعد شارع المتنبي رئة الثقافة العراقية لانه جامعة شعبية متاحة للجميع، ويجب أن تكون هنالك تحفيزات لجذب القراء والمثقفين، وأضاف مهدي «بيع المقتنيات والفهارس والتوجيهات وكتب عن معالم بغداد، فضلاً عن دليل سياحي للمرافق السياحية للاستدلال عليها والإفادة منها وتطويرها من خلال إقامة المهرجانات واستخدام المهارات التسويقية، كلها ستصب في خدمة المجتمع وتنمية البيئة وانتعاش السياحة في بلدنا الحبيب».
أنشطة وفعاليات
وحدثنا كريم حنش صاحب مكتبة الحنش في شارع المتنبي قائلا: «يمثل شارع المتنبي واجهة سياحية حقيقية وفعالة تثبت الهوية العراقية»، ويكمل حديثه بالقول: «من الممكن تحويل شارع المتنبي إلى مدينة سياحية، من خلال الأنشطة التي تعكسها حضارة سومر وبابل وأكد وآشور والحضارة العربية الإسلامية».
ويتفق معه بالرأي حسين كاظم، صاحب بسطية لبيع المستلزمات المدرسية في شارع المتنبي، إذ يقول: «أصبح شارع المتنبي مكانا اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياحيا، ويحتاج إلى دعم حكومي وإحياء الأنشطة التراثية».
منتجع سياحي
علاء خضير، محلل سياسي، تحدث لـ «الصباح» فقال: «شارع المتنبي الذي تبلغ طوله 700 متر ويمتد بين شارع الرشيد والضفة الشرقية لنهر دجلة، منتجع راق لكل الكرنفال العراقي لأنه متنفس لكل العراقيين في الوقت الحاضر».
مستدركا «إنشاء كازينوهات قرب القشلة، والاهتمام بالمرافق السياحية وتطويرها وتقديم الخدمات للزائرين، كلها ستساعد على أن يكون شارع المتنبي منتجعاً سياحياً بصورة صحيحة».
وفي الخصوص نفسه قال الشاعر لبيد هاني «لو كانت هذه الابنية التراثية في اي بلد آخر لكانت معلما سياحيا والدولة تعتمد عليه كمصدر اقتصادي، لكن الآن نرى الابنية شبه مهدمة، وموضوع تحويله إلى مدينة سياحية يحتاج الى جهد معماري وخطط مدروسة ليكون محطة عالمية
لزواره ومرتاديه».
أبنية تراثية
ويسرد المحلل السياسي محمد هاشم «ان موقع شارع المتنبي ودوره المتميز في مجال نشر الثقافة والمعرفة والوطنية، حالة يختلف بها العراق عن الكثير من الدول العربية والعالمية»، مبيناً «لا يجب أن نبقى أسرى التراث، وعلينا أن نهتم بالحداثة ونغير الكثير من المعالم حتى يصبح شارع المتنبي جاذبا ومستقطبا للكثير من الوفود الأجنبية، لكن هذه الخطوة تحتاج إلى رعاية واهتمام وترتيب للمرافق السياحية إلى البناء
الحديث».
بينما اختلف الموسيقي محمد العطار، مدير بيت العود في بغداد، فقال: «لا يمكن تحويله إلى مدينة سياحية لأنه مكان اثري يجسد الحضارة العراقية، والذائقة الفنية في قلق مستمر بسبب ما سيصل اليه إعمار الشارع وتضرر الأبنية التراثية التي كان يتميز بها، وأتمنى أن يكون كما هو».
علامة فارقة
«بالإمكان صنع مرفق سياحي في اي مكان إذا تم وضع شروط وقواعد هندسية تجعل منه مكانا سياحيا»، بهذه العبارة ابتدأ الفنان المسرحي طه المشهداني حديثه، معللاً إجابته بالقول: «أستبعد تحويل شارع المتنبي إلى مدينة سياحية لاحتياجه إلى ترميم وإعمار وخلق خريطة معمارية جديدة، لتأسيس مدينة لها مواصفات عالمية لتكون علامة فارقة في تاريخ العراق
السياحي».