الفساد وتداعيات المديونية الاقتصادية

اقتصادية 2019/03/04
...

بغداد/ عماد الامارة
 
أكد الأكاديمي الاقتصادي الدكتور جمال العاني، أنَّ هناك جملةً من الحلول والمعالجات من شأنها تقليص حجم الفساد وتكون باعتماد الشفافيَّة وتقوية السلطة القضائيَّة وسيادة القانون؛ كما يمكن معالجة الفساد بوضع ستراتيجيَّة تعملُ على استقرار الوضع العام من خلال تأطير الأهداف وفق معايير نظاميَّة عالميَّة.
سيادة القانون
بين العاني في حديث لـ"الصباح" أنَّ "من العوامل المهمة في مكافحة الفساد هي سيادة القانون وتطبيقه على الجميع من خلال المؤسسات الرسميَّة، فضلاً عن وضع معايير الشفافيَّة الوطنيَّة ونشرها من خلال وسائل الإعلام كأسلوبٍ لتثقيف المواطن بما يسهم في تحجيم دور المفسدين وتعزيز الروح الوطنيَّة".
 
أشكال الفساد
أضاف "لا يختلف العراق عن غيره من البلدان المبتلاة بالفساد في ظل تردي الأوضاع الأمنية في الأعوام السابقة وضعف قوة القانون الذي أخذت أشكالُ الفساد فيه صوراً مختلفة كالرشوة والاختلاس وسوء استغلال المنصب العام والاعتداء على المال العام وتراجع النزاهة والشفافية ومخالفة قانون الخدمة المدنية وتهريب الأموال والصفقات الوهميَّة".
وأوضح "يمكن إرجاع أسباب نشوء الفساد في البلد الى الوضع الأمني الذي يعرقل الرقابة ويدفع باتجاه ارتكاب المخالفات الإداريَّة والمالية والأسباب الاجتماعيَّة التي تتعلق بضعف الوعي الاجتماعي بمخاطر الفساد وتفشي ثقافة القبول بالرشوة، فضلاً عن قصور السياسات الاقتصاديَّة".
وأكد "رغم ذلك فإنَّ الحكومة أخذت على عاتقها محاربة الفساد من خلال القنوات الدستوريَّة والرقابيَّة، اذ اعتبرت المادة 72 من الدستور العراقي (أن الفساد المالي والإداري جريمة خطيرة لدرجة أنها تخرج من سلطة العفو الخاص برئيس الجمهورية)".
يعدُّ الفساد بشقيه المالي والإداري أحد المؤشرات الأساسية في الفشل الاقتصادي، فيما عرفت منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه (استغلال السلطة من أجل تحقيق المنفعة الشخصيَّة)، في حين وضع البنك الدولي تعريفاً للفساد بأنه (إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص).
وأشار العاني الى أنَّ "الفساد يحدثُ عادة عندما يقوم الموظف بقبول أو طلب رشوة أو ابتزاز لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمناقصة عامة، كما يتم عندما يعرض وكلاء أو وسطاء لشركات أو أعمال خاصة بتقديم رشى للإفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعيَّة"، مضيفاً "يمكن للفساد أنْ يحصل عن طريق استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء الى الرشوة كتعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة مباشرة" .
القرارات القضائيَّة
في السياق ذاته قال عضو مركز "الدراسات العربيَّة والدوليَّة" الدكتور أحمد عمر الراوي: إنَّ "إجراءات الدولة في مكافحة الفساد بحاجة الى تفعيل لتتناسب مع حجم الظاهرة؛ وعليه يتطلب من الحكومة إجراءات تدقيق مالي جدي لتأمين المال العام وإدارته بما يسهم في تعزيز القدرات الاقتصاديَّة، فضلاً عن معرفة السلف الكبرى الممنوحة، إذ إنَّ استحصال نصف مبالغ هذه السلف سيعزز القدرات الماليَّة للدولة ويسدُّ نسبة من عجز الموازنات العامة ويغني البلد عن الاقتراض الخارجي".
 
تشديد العقوبات
اقترح الراوي لمحاربة الفساد "إعادة النظر بالقرارات القضائيَّة بشأن الاكتفاء بالعقوبة على المتهم المحكوم بالمال العام والعمل بالنصوص السابقة حول عدم إطلاق سراح المدان لحين تسديد ما بذمته من المال العام".
ودعا الجهات القضائية الى "تشديد العقوبات على المتورطين باستغلال المال العام وعدم الاكتراث بمواقعهم السياسيَّة والوظيفيَّة، لتثبت للجمهور مدى جديَّة الدولة وجديَّة الجهاز القضائي في مكافحة الفساد بالاقتصاص من المتهمين بسرقة المال 
العام".
 
معالجة الوضع الاقتصادي
ورأى أنَّ "إجراءات الأجهزة الرقابيَّة والقضائيَّة في محاربة الفساد ما زالت دون المستوى، ما أدى الى تفاقم هذه الظاهرة التي أثرت سلباً في تحقيق التنمية في المجتمع"، مؤكدا أنَّ "بقاء الفساد من دون مكافحة سيقضي على فرص تحسين الوضع المالي، وسيضيع فرص الإفادة من التمويل الدولي في معالجة الوضع الاقتصادي، بل إنه سيؤدي الى تداعيات المديونيَّة على الوضع الاجتماعي في 
البلد".