زينب تحسين
يتوقع الكثيرون أن دخول المرأة مجال العمل في الصالون أو ما يسمى (الكوافيرة) يحقق لها قدراً كبيراً من الاستقلال المادي، لأن الظروف الاقتصادية والاجتماعية أسهمت غالباً في خروج المرأة الى ميادين العمل المختلفة، الأمر الذي أدى الى شعورها بمكانتها كعضو فاعل في البيت والمجتمع، وهذا بدوره يمنحها الثقة بنفسها لفتح مشاريع حرة ومستقلة لا تخضع فيها الى هيمنة وسطوة الرجل، مثل صالونات التجميل النسائية وقص وتصفيف وصبغ الشعر وتنظيف البشرة وما الى ذلك.
شيرين رحمن تقول «مهنة التجميل كانت سابقا حرفة فنية تتقنها النساء الماهرات رغم بدائية الادوات وتتضمن صنع الأوشام (تاتو) بطرق تقليدية جداً، لكنها بالرغم من ذلك رسمت جاذبية جمالية أخاذة ومتعة حقيقية عبر الشعور بالتميز والظهور في أبهى
حلة».
وتضيف شيرين «المرأة بطبعها تسعى دائما لتجديد نفسيتها وإبراز أناقتها وطريقتها العصرية (ستايل) بخطوات ولمسات ساحرة، لتكون بمظهر متألق أمام الجميع في محيطها
الاجتماعي».
مشيرة الى أن «المرأة المعاصرة نهلت من النسوة في الزمن السالف الكثير من المهارات في هذا المجال وزادت عليها وطورتها بفعل تقدم التكنولوجيا وتوفر المعدات الحديثة، اذ صار الوشم يتم بأجهزة كهربائية حديثة وآمنة وبتصاميم جميلة، فضلاً عن طيف واسع من مستحضرات التجميل الزاهية
وغيرها».
القصوى
يتوجب على المرأة العناية القصوى بإطلالتها من خلال الاهتمام بالمظهر اللائق، وبعض التفاصيل الصغيرة التي تعكس اهتمامها البالغ وحرصها على مظهرها من الألف الى الياء.
عن ذلك تحدثنا (منال) صاحبة صالون، فتقول «نلاحظ ان معظم النساء والفتيات يظهرن اليوم بإطلالة عصرية متألقة، تمور بالجمال والحيوية والتميز، من خلال قدرتهن على تجميل ملامح الوجه بأسلوبٍ راقٍ يتباهين به ويتألقن ويتفنن».
وأوضحت «تمتاز المرأة بجرأتها لتجربة كل جديد ومبتكر في عالم الموضة وتحويل هذا الشغف الى مهنة استطاعت من خلالها مساعدة الكثيرات في استعادة ثقتهن بأنفسهن والشعور بالتحرر والتجدد، لتكون المرأة على مر العصور أجمل قريناتها حتى وان كان بحوزتها عدد محدود من الألوان، فهي تستعين بخلطات
طبيعية».
وزادت منال «كنت في السابق ألاحظ أدوات المكياج البدائية وكيف كانت لها أيضا لمسة جمالية رائعة مثل (الديرم) وهي أعواد خشبية تضفي اللون الأحمر القاني الطبيعي والجميل للشفاه.
وقد يستمر لونه لأسبوع، والكحل عبارة عن حجر اسود تقوم المرأة بسحقه وتنعيمه لتضعه لعيونها وأهداب جفونها كي تضفي عليها جمالًا مضافاً»، وتستطرد بحديثها «قد يتوقف العالم عن الدوران لكن الحديث عن المرأة لن يتوقف فهي تحت المجهر دائماً، وهي نفسها تراقب نفسها وتتباهى بما
عندها».
«الحفافة»
أما السيدة ام فراس فقد امتهنت حرفة (الحفافة) التي تعد من الحرف المهمة والمنتشرة سابقا وحالياً، فتقول «تعلمت هذه المهنة من والدتي منذ أن كنت صغيرة والآن أقوم بعملي للزبائن انفسهم الذين كانوا يترددون على والدتي أو بناتهم أو حفيداتهم».
وأضافت «بالطبع أنا أكسب من هذه المهنة بعض المال، قد يكون بسيطاً لكنه يساعد في تغطية احتياجاتي»، وكشفت أم فراس انها تعتمد على الوسائل القديمة فقط في التجميل ولا تستخدم الآلات والمكائن الحديثة المتداولة في الصالونات في وقتنا
الراهن.
إشكالات يومية
الشابة ريم محمد عاملة في صالون تجميل، تقول «أحاول أن أبين بعضاً من الإشكالات التي نواجهها كعاملات في مجال التجميل والحلاقة يومياً، ما بين طلبات الزبائن الخيالية وغير المنطقية أحياناً، والقدرة على تنفيذها واقعياً، فالكثير من النسوة يعتقدن للأسف ان العاملات في الصالون يمتلكن عصا سحرية أو يداً نبوية قادرة على أن تحيي أو ترمم علامات الدهر على الوجه والجسم، ويطلبن أن نجعلهن نسخة مطابقة تماما لصورة ممثلة شهيرة أو نجمة مجتمع من دون مراعاة للفوارق العمرية والزمانية التي يستحيل تجاوزها أو اختزالها
قطعاً».
الإبداع في المخيمات
بأناملها الصغيرة ترسم الشابة هيام مستقبلها في مجال التجميل، بعد أن تمكنت مع اسرتها من الإفلات من مصير قاتم بعد غزو جراد داعش لمنطقتهم في مدينة الموصل، اذ نزحوا صوب المخيمات مع المئات من النازحين، وعانوا خلالها من ظروف حياتية قهرية شتى، لكن هيام قررت تغيير واقعها فشاركت في دورة تدريبية أملاً في احتراف هذه المهنة لعلها تساعد أهلها مادياً وتحقق اكتفاء ذاتياً لها.
تقول هيام «تغيرت أشياء كثيرة في حياتي بعد تخرجي من هذه الدورة، اذ اعتمدت على نفسي بفتح صالون بسيط»، مشيرة الى انها علمت شقيقاتها فنون هذه المهنة لمساعدتها في عملها وبغية الاستفادة
مستقبلاً.
وبعد عودة هيام واسرتها الى مدينتهم قررت احتراف مهنة التجميل وإنشاء صالونها الخاص، لا سيما وقد توسعت دائرة علاقاتها الاجتماعية وشبكة معارفها بفضل جودة عملها وحرفيتها وحسن تعاملها مع
زبوناتها.