أكثر من ألفي ضحية وثمانية آلاف حادث مروري سنوياً « الصباح » تفتح ملف حوادث السير

ريبورتاج 2021/11/09
...

 علي غني 
مات الشاعر سمير صبيح رحمه الله، وهو ليس بأول الذين سقطوا بحوادث السيارات في العراق، لكنه فجر الماً غير مسبوق بالالتفات لها، واجزم لا يكاد يمر يوم، الا ونسمع البكاء والعويل والمناظر المؤلمة لحوادث الطرق، واذا كنا نطلق على طريق واحد بأنه طريق الموت، فالآن اصبحت طرقنا كلها سالكة للموت والالم والعوق، فلماذا كثر الموت بحوادث الطرق، لاسيما الطرق التي تربط بغداد بالمحافظات؟، ومن هو المسؤول عنها، السائق ام الطريق، او عدم الالتزام بقوانين السير، ام ان هناك اسباباً اخرى؟.
عدم الانتباه والنعاس
بدأنا تحقيقنا مع عميد المرور العامة حيدر كريم حسن مدير العلاقات والاعلام في مديرية المرور العامة الذي لم يبخل بالاجابة عن أسئلتنا على الرغم من انشغالاته العديدة، فأجاب عنها ليقول: الحقيقة أن عدد الحوادث يأتينا سنويا من مركز الاحصاء في مديريتنا، اذ بلغ عدد الحوادث بصورة عامة وفي عموم العراق بحسب آخر احصائية خلال عام (2020)، (8156) حادثا، اسفرت عن (2300) وفاة، و(8000) جريح، ويصبح العدد اكثر من عشرة آلاف، وقد تسألني عن التفاوت في الارقام، لتصبح اكثر من عشرة آلاف، كون الذي يقود المركبة ليس سائقا واحدا، بل يوجد اشخاص معه داخل المركبة، ولكن في الآونة الاخيرة تم انشاء (شعبة الحوادث) بمديرية المرور العامة بتوجيه من السيد مدير المرور العامة اللواء طارق الربيعي، لغرض رصد الحوادث السنوية اولا باول، (وفرزنتها)، اذا كانت مركبات او كانت دراجات، واعداد الضحايا واسباب
الحوادث.
 
حزام الأمان
اما ان سألتني عن اسباب الحوادث فهي كثيرة، ابرزها  السرعة وعدم الانتباه، واللذين غالبا ما تكون حوادثهما مفجعة، وخسائرها اكثر حجما من الحوادث الاخرى، فضلا عن عدم الالتزام بارتداء حزام الامان من  قبل السائقين، ونحن دائما نشدد على ارتدائه، ونحاسب عليه في اي مكان، سواء في الطرق الخارجية ام الداخلية، ولدينا مفارز دائمية تحاسب على جميع المخالفات، تتواجد في السيطرات ومداخل المدن.
ولا اخفيك سرا أن مديرية المرور العامة الزمت بمحاسبة جميع اصحاب السيارات التي لم تلتزم بالقوانين المرورية، ومنها الالتزام بالسرعة المحددة بالطرق الخارجية وداخل المدن، وربط حزام الامان، ومن خلال جريدة «الصباح» نناشد اخواننا اصحاب السيارات بالالتزام بالسرعة المحددة، وربط حزام الامان، وبقية القوانين الاخرى التي تحد من حوادث السير، للابتعاد عن المحاسبة
 القانونية. 
اما عن صيانة وادامة واعادة تأهيل وتأسيس الطرق سواء كانت في العاصمة ام خارجها، فأجابنا كريم: هي من اختصاص امانة بغداد والطرق والجسور، ونحن نشيد بكل جهد يمكن أن يعيد للطرق حيويتها ويقلل الحوادث.
وكثرة الحوادث ليست بسبب غياب الاشارات المرورية فقط، لاسيما في الطرق الخارجية، بل ايضا اضف له (والكلام لحيدر)، عدم انتباه اغلب سائقي المركبات لعنصر المفاجأة وانشغالهم في امور اخرى مثل التحدث بالهاتف النقال او الحديث مع الركاب او النعاس، وكل هذه الامور تؤدي الى حوادث (كارثية).
 
برامج توعية
وأقول لك بصراحة (والكلام لحسن) مادام الامر متعلقاً بارواح المواطنين، فان مديرية المرور العامة دائما تكثف في نشر البرامج التوعوية سواء كانت على القنوات الفضائية او على مواقع التواصل الاجتماعي في موقع مديرية المرور العامة، وتنبه فيها الاخوة السائقين عن كيفية تجنب السرعة المفرطة، ونشر الحوادث واسبابها ومسبباتها، وكيفية تثقيف مستخدمي الطريق او أصحاب المركبات في تجنب مثل هذه الحوادث، فضلا عن نشر مفارز مفاجئة في جميع الطرقات الموجودة في بغداد وخارجها، كما ان مديرية المرور العامة متعاونة مع جميع الاطراف سواء كانت تابعة في نطاق القوات الامنية او حتى منظمات المجتمع المدني بخصوص التثقيف أو اجراء المخططات وتنبيه الاخوة السائقين وكل هذه الامور متبعة من قبل المديرية، ولا يوجد اي تقاطع مع اي دائرة سواء كانت حكومية او منظمات المجتمع المدني.
 
احصائيات متقاربة
أحصت المفوضية العليا لحقوق الانسان اكثر من (12) الف اصابة للحوادث المرورية لعام (2020) وفقا لبيان صادر عن المفوضية، والتي تعد من الهيئات الرسمية المستقلة في العراق، اذ سجلت بغداد (871) حادثا، وتلتها محافظة صلاح الدين بواقع (790) حادثا، ومحافظة النجف (648)
حادثا.
واشار البيان الصادر من المفوضية الى أن عدد الحوادث المرورية خلال عام (2020) بلغ نسبا مرتفعة، ويثير القلق من نتائجها المستقبلية على الحق في الحياة، مبينا ان الارقام المسجلة بحسب التقارير الموثقة لدينا هي (4666) حادثا مروريا، وللاسف الكبير تسببت بوفاة (1552) مواطنا وإصابة (10670) آخرين.
وحث البيان على الالتزام بمطابقة معايير السلامة في الطرق السريعة والرابطة بين المدن الرئيسة.
ودعا أمانة بغداد ووزارة الاسكان والاعمار والبلديات العامة وكل المحافظات الى تأثيث الطرق الداخلية والخارجية، وتأمين متطلبات السلامة فيها، بما يحافظ على حياة المواطنين، ويقلل الحوادث المرورية حفاظا على المصلحة العامة.
وفي الخامس عشر من شهر ايار من هذا العام وقع حادث سير مروع على الطريق السريع بمحافظة المثنى، اسفر عن مصرع (14) شخصا وتفحم جثثهم نتيجة اصطدام سيارة مع حافلة لنقل الركاب، ما تسبب باندلاع النيران في حافلة الركاب، وبالتأكيد يوجد اطفال بهذه الحافلة، تلك المأساة التي تكاد تتكرر يوميا في بلادنا، التي ما زالت دماء الشهداء تنزف منها، فهل هناك من ينقذنا؟.
 
مناظر تدمي القلب
وبحرقة والم تحدث لنا مسؤول اعلام مستشفى الواسطي وليد عبد الكريم شكر: شهدت السنوات الاخيرة حوادث سير مرتفعة على مستوى البلاد وآخرها ما تعرض له المرحوم الشاعر سمير صبيح والذي توفي خلال حادث سير على احد الطرق الرئيسة الرابطة بين بغداد ومحافظة واسط، وتعد هذه الحوادث من المخاطر الأساسية التي تؤثر في حياة الإنسان، لاسيما السرعة المفرطة والسير عكس الطريق، وعدم الالتزام بالقوانين المرورية، فتكون ثمرتها هذه الحوادث المفجعة.
وبكوني اعلامياً في مستشفى حكومي في بغداد (والكلام لوليد) تستقبل المستشفيات الحكومية شهريا عشرات المصابين جراء حوادث السير منهم في حالة حرجة، ومنهم متوسطة وخفيفة، وفي بعض الحالات يحتاج المصاب الى بتر احد أعضائه، كما استقبلنا حوادث متفرقة أدت إلى بتر في الأعضاء كاليد او الساعد او القدم، وهذه الحالات تحتاج إلى فترات طويلة لإعادة هذه الأعضاء التي يجب ألا تمر على وقت بترها ساعتان، وان يوضع العضو المبتور في دورق مع ثلج لكي يحافظ على حيويته ويعود إلى العمل من جديد.
 
معاناة الأهل
وهنا تقع معاناة الاهل بـ (استقبال الزائرين، ومتابعة المصاب واقناعه باجراءات الطبيب المختص وغيرها) خلال مراجعتهم للمستشفى وبكاء الزوجات والامهات والاخوات وهن يتابعن علاج مصابيهن بصبر وتعب، وقد يستمر العلاج لاشهر عديدة، كل هذا بسبب لحظات عدم انتباه، او سرعة جنونية من سائق ارعن غير السائق الذي وقع عليه الحادث، او حفرة موجودة في وسط الشارع، لذا نصيحتي، كوني (شاهدا حيا) على الاصابات التي تردنا الى المستشفى وهي مناظر تدمي القلب، أن يتعظ الانسان، لاسيما السائقين وهم يرون الموت المجاني يوميا، وأن يرفقوا بالاهل والاحبة، ويبتعدوا عن السرعة الجنونية، والالتزام بالاجراءات المرورية للحفاظ على
الارواح.
 
ورش السلامة
وحرصت أن اشرك التربويين في هذا الموضوع، لانهم شريحة كبيرة ومهمة، ويمكنها أن تسهم في تقليل الخسائر، فتصدى لهذا الموضوع المدير العام لتربية بغداد الرصافة الثالثة الاستاذ حسين علي ناصر العبودي، اذ قال: بعد فاجعة الشاعر سمير صبيح، ولما تسببه حوادث الطرق من مآسٍ اجتماعية، فقد وجهنا مديرية النشاط الرياضي والمدرسي باقامة ورش عمل تخص السلامة العامة، كما قمنا بطباعة ملصقات تدعو الى الالتزام بالقوانين المرورية، فضلا عن قيام الاعلام التربوي في مديريتنا بتشجيع الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما الموضوعات التي تخص السلامة العامة، والضغط على الحكومة في تعبيد الطرق، وبناء
المجسرات.
وبودي أن اعرج على موضوع في غاية الاهمية، وهو أن تقوم مديرية المرور العامة بحملة ضد السائقين الذين لا يمتلكون اجازات السوق حتى الان.
 
غابت الاجابة
اتصلت بالسيد مدير المتابعة للمدير العام للطرق والجسور، ووعدني أن يحجز لي موعدا للقاء المدير العام، وبعد اكثر من اربعة ايام، لم احصل على اجابة منه بشأن الموعد، مع تشجيعي له (انت اخ وصديق)، ولكن لن ينفع معه هذا الاسلوب، فقررت أن ارسل له عن طريق برنامج (الواتساب) اسئلتي، عسى أن ينفع هذا الاسلوب، فكانت أسئلتي، ان اغلب المواطنين يعزون حوادث السيارات الى رداءة الطرق، لاسيما الطرق الخارجية، هل هذا صحيح؟، وما دور المديرية العامة للطرق في تحسين وادامة الطرق، وما التخصيصات لميزانية الطرق والجسور لمعالجتها، وبرأيهم هل تكفي لكل العراق، وما مصير المبالغ التي كانت تستقطعها مديرية المرور العامة من المواطنين، وكم المبالغ التي صرفت في العام الماضي لادامة الطرق، وهل هناك خطط جديدة في تحديد الاماكن، لاسيما ما يطلق عليها طرق الموت، وكان الرد بعد ايام من الاتصالات مع مدير المتابعة، ليقول لي، تم اعداد مسودة بالاجابة وبانتظار موافقة المدير العام، ولم تحصل موافقة المدير العام، واترك للقارئ تقدير المواقف، ولماذا لم تجب عن اسئلتي المديرية العامة للطرق
والجسور؟!.