شروق ماهر
شهدت مدينة الموصل مركز محافظة نينوى ارتفاعاً هائلا في اسعار الايجارات للمنازل والشقق السكنية والعمارات ايضا، ما دفع مئات الاسر الموصلية للسكن بمناطق مختلفة في اقليم كردستان، ابرزها محافظتا (أربيل، ودهوك)، والسبب يعود لانخفاض الاسعار هناك داخل مناطق الاقليم.
وتقف وراء هذا الارتفاع الهائل جملة من الأسباب افرزتها تداعيات وتطورات ما بعد احداث سقوط الموصل على يد عصابات داعش، ليعقبها تحرير المدينة الذي خلف وراءه تدمير مدينة كاملة، اذ تدمر جانب باكمله لتدمر الآلاف من المنازل بعد أن نزحت الاسر الى اطراف ومناطق بعيدة عن الموصل خلال خمسة او ستة اعوام متتالية، واصبح السكن بعد عودة النازحين حلم المواطن الموصلي بعد أن تفاجأت هذه الاسر باسعار بدلات الايجار، اذ قد يصل بدل ايجار المنزل الى (500 او750) الف دينار عراقي.
مسببات
ثلاثة مكاتب للايجارات موزعة بمدينة الموصل والموصل القديمة، كانت أول محاورنا، توزعت بين احياء الجانب الايسر والايمن، اذ تعزى أسباب الارتفاع الكبير في اسعار ايجارات المنازل والشقق السكنية بالموصل الى قلة المنازل وعودة النازحين بعد أن اعلنت وزارة الهجرة والمهجرين غلق ملف النزوح في محافظة نينوى، وامرت بعودة جميع النازحين الى مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، هنا يوضح لنا ايمن غالب صاحب مكتب الدواسة للعقار في ايمن الموصل ويقول: ان {بعد تحرير الموصل كانت اغلب المنازل في الساحل الايمن غير مرغوب فيها بسبب الكم الهائل من النازحين وخلو الموصل القديمة المدمرة وايمن الموصل من الاسر، اضافة الى انعدام الخدمات وافتقار الاسواق العامة، اذ كان بدل ايجار المنازل التي لم تتعرض للدمار لا يزيد عن (150) الف دينار، واغلب اصحاب المنازل كانوا يقومون بتأجير المنازل لبعض الاسر المتعففة بالمجان من اجل وجود حركة للسكان في ايمن الموصل والموصل القديمة، وبعد عودة النازحين واعادة الخدمات تغيرت الامور وقفزت الاسعار قفزة نوعية لم تحدث من قبل مطلقا، حتى وصل ايجار المنزل الواحد ذي الحي الشعبي والمساحة التي تحدد بـ100م الى (400) الف دينار وفي احياء الموصل القديمة التي ما زالت اغلب مناطقها لم تر النور.
التحكم بالأسعار
ويرى ابو سعد صاحب مكتب النور في ايسر الموصل أن أسباب هذه الظاهرة في مدينة الموصل تحديدا تعود الى زيادة رواتب الموظفين والعاملين، ما ادى إلى تحسن مستوى معيشة ودخل الفرد العراقي، إضافة إلى توفر فرص في ارتفاع اسعار العقار، وذلك لان شرائح وفئات عديدة من المجتمع كانت غير قادرة على اقتناء الدور والاراضي في السابق، لكنها في ظل المتغيرات الاقتصادية الحالية تبدلت اوضاعها نحو الافضل وصار بامكانها تملك العقارات المختلفة من اجل التحكم باسعار الايجارات بما يحلو لها خاصة في عقارات ايسر الموصل.
صاحب مكتب عقار الرفاعي محمود خليل الصباغ قال في تصريح لـ {الصباح} ان {ارتفاع اسعار الايجارات بمدينة الموصل قد يكون ارتفاعا حاصلا بعد الثلاث سنوات الاخيرة، أي ما بعد تحرير الموصل من قبضة داعش على يد القوات الامنية العراقية، واعادة استتباب الامن فيها، اذ عادت على اثره اغلب الاسر النازحة الى مركز الموصل بعد أن كانت تقطن اغلبها في اقضية ونواح بعيدة، تلك المدينة التي تعرضت للاغتصاب من قبل عصابات داعش الارهابية، فضلا عن حالات الاختطاف والقتل العشوائي خلال سيطرتها.
إلى الاقليم
وعن ارتفاع اسعار ايجارات المنازل والشقق السكنية في مدينة الموصل باضعاف اسعار مبالغ بعض المحافظات، ناهيك عن انخفاض اسعار منازل الاقليم، أكد لنا صاحب مكتب مجمع هرشم في مدينة اربيل للعقار كاكا حسن مزوري أن {مدينة اربيل شهدت منذ اكثر من تسعة أشهر او ما يقارب العام دخول مئات الاسر الموصلية من اجل السكن داخل مجمعات ومنازل في مدينة اربيل، وللسؤال عن السبب تقول تلك الاسر بان وجودها في مدينة اربيل ومحافظة دهوك ايضا والسليمانية بسبب انخفاض اسعار المنازل، بالرغم من وجود الامن والامان والسياحة في هذه المناطق.
ويضيف مزوري ان {اغلب الاسر الموصلية بدأت تقصد محافظات الاقليم، حتى ان مكاتب الاقليم باتت لا تؤجر فقط للاسر العربية، وتتراوح اسعار الايجارات داخل مدينة اربيل بين (-200 -250 300 ) الف دينار عراقي لا اكثر، وبمساحة كافية وخدمات متواصلة على مدار الشهر، ما دفع مئات الاسر للسكن في مدينة اربيل ودهوك بعيدا عن ارتفاع اسعار بدلات الايجار في عموم مدينة الموصل، المركز والنواحي والاقضية.
داعش هو السبب
يقول المحامي زكريا البدراني في تصريح لـ {الصباح} {اني فضلت السكن داخل منطقة عينكاوا والواقعة جنوبي اربيل، والسبب طبعا هو ارتفاع الايجارات والسكن في مدينة الموصل، لانني عندما قدمت من العاصمة مع اسرتي طلبت منزلا للايجار في احد احياء مدينة الموصل بسبب ظروف عملي، ولكني لم اجد منزلا سعره ايجاره اقل من (600) الف دينار عراقي، لذلك اضطررت الى السكن في مدينة اربيل وتحديدا عينكاوا بعد أن تمكنت من ايجار منزل جميل جدا لي ولاسرتي بقيمة 300 الف دينار عراقي واقوم بالذهاب يوميا الى مدينة الموصل للعمل والعودة مرة اخرى مقابل الا ادفع مبالغ كبيرة للايجارات في مدينة الموصل التي اصبحت اسعار ايجاراتها مرتفعة جدا بعد تحرير المدينة من قبضة داعش}.
بينما ترى السيدة ام خالد بان {اسعار الايجارات في اقليم كردستان تناسب كل اسرة موصلية تقبل على الايجار في مدينة الموصل وليس لها القدرة والامكانية على دفع مبالغ ضخمة قد تصل الى 700 الف و600 الف دينار، وهذا ابرز ما دفع الاسر الموصلية للسكن في محافظات الاقليم}.
هذا وشهدت مدينة الموصل مركز محافظة نينوى مع اقضيتها ونواحيها ارتفاعا كبيرا باسعار الايجارات وحتى الشراء والبيع، منذ أن اعلنت مدينة الموصل تحريرها بالكامل، وعاد اغلب نازحيها، اذ بدأ ناقوس الخطر يدق في اسعار الايجارات التي لم يقدر عليها معظم السكان، ما ادى الى ترك المئات من سكان الموصل لمدينتهم والتوجه للسكن بمناطق الاقليم.