الازدحام يعيق حياة العراقيين

ريبورتاج 2021/11/17
...

 علي غني
 تصوير: خضير العتابي
 
تكاد الشوارع في بغداد والمحافظات تغرق بالازدحامات، وتمتد هذه الازدحامات الى الفروع، وساحات وقوف السيارات والارصفة، واضحت المسافة من اقرب بيت الى مركز العاصمة بغداد، ما يعادل الذهاب الى احدى المحافظات، الكل يشكو، المواطن السائق، الدائرة الرسمية، المعامل الخاصة، بائع الخضراوات، كل شيء يشكو هنا الازدحام، صديق قديم يقول: انه مل حتى الاحلام  التي الاخرى ماعادت تجدي نفعا للقضاء على ضجر الطريق، ماالحل؟ وهل توقف العقل العراقي عن ايجاد البدائل، ومن المسؤول الحقيقي عن هذه الظاهرة التي تتفاقم كل يوم، كل المسؤولين امام هذا السؤال، اين الحل؟ وكيف؟.
تنويع الدوام
يقول المواطن حمزة عناد، ان الحل الذي يمكن أن يخفف الازدحام في شوارع العاصمة بغداد والمحافظات، هو تنويع الدوام بين دوائر الدولة والجامعات والمدارس والاعمال الخاصة بكل محافظة، قلت (لحمزة) كيف؟، على سبيل المثال يحدد دوام المديريات العامة للتربية بالعاشرة صباحا، والطلبة في الثامنة صباحا، والدوائر الحكومية الاخرى في الحادية عشرة صباحا، والبلديات في الواحدة ظهرا، وهكذا يمكننا  تخفيف الازدحام بالشوارع، بشرط الالتزام التام بالوقت، واعطاء صلاحيات لرجال المرور بمعاقبة المخالفين، هذا هو رأيي والله على ما اقوله
شهيد.
 
رفع السيطرات
بينما يرى المواطن صباح حسام أن رفع السيطرات في الكرخ والرصافة تماما، وتشغيل جميع الاشارات الضوئية على وفق توقيتات جديدة، وتوزيع رجال المرور على التقاطعات التي تشهد اختناقا مروريا، وفتح الطرق الجانبية، وكذلك في الفروع المهمة التي يمكنها أن تخفف من الازدحامات، وتوجيه السائقين لاسيما اصحاب مركبات (الكيا)، بعدم التوقف بالاماكن الممنوعة، كالاشارات الضوئية، كل هذه مقترحات قد تخفف من الازدحام القاتل في شوارعنا سواء في بغداد أم المحافظات.
بينما ترى المواطنة وفاء تقي محمود أن على الدولة معالجة الازدحامات بنحو علمي، وليس بالاجتهادات المؤقتة، والتي تهدر الاموال والجهد، فليس من العيب اشراك الشركات الاجنبية في تغيير خارطة مدينة بغداد من حيث الشوارع والاسواق والمكاتب التجارية والمصارف، ودوائر الدولة.
 كما يجب أن نجري تعدادا حقيقيا لعدد السيارات الداخلة للعاصمة بغداد والمحافظات العراقية، ومنع الاستيراد غير المجدي الذي يسبب هدرا في المال وازدحاما بالشوارع، وعلينا أن نفكر في التلوث البيئي، والامراض التي يسببها انبعاث
 الغازات.
 
ضجر مزمن
السائق عبد الله محمد (متقاعد) عتب كثيرا على النظام المروري المطبق حاليا مقارنة بالنظام السابق، فكان النظام السابق اذا ادخل سيارات حديثة اسقط بقدرها، لكي يبقى الشارع محافظا على نسبة السيارات المنسابة فيه، الان هي الفوضى بعينها، فالاستيراد مفتوح على مصراعيه، لذلك حدثت عندنا زيادة هائلة في عدد السيارات يقابلها الشوارع نفسها، من دون تطوير الى جانب قلة الجسور التي يمكنها أن تحل بعض الازدحام، هل نبحث عن مفكر مروري (صيني)، يحل لغز الازدحام ويجد الطريقة التي تخلصنا من هذا الضجر المزمن.
ويرى الاستاذ خليل ابراهيم مختص بالرياضيات، أن حالات الازدحام اليومية تعد حالة طبيعية في ظل الاستيراد اليومي لآلاف السيارات، وشوارع مقطوعة، لم تتغير على النقيض من دول العالم المتقدمة التي تبني الانفاق والشوارع والاشارات الضوئية، فما الحل؟.
 تريدني أن اجيبك بصراحة، علينا أن نمنع استيرادات السيارات كونها لا تتناسب مع امكانية الشوارع، كما يجب أن تكون الدولة قادرة على بناء الجسور وتوسيع الشوارع، وتزويد التقاطعات بالاشارات الضوئية، الى جانب تطبيق جميع انظمة المرور سواء كانت الاجازات، ام السنوية وغيرها، وربما اذكر سببا غريبا متداولا لازدحام الشوارع، وهو عزل الظروف السياسية عن تأثيرها في الشارع العراقي، ولا بد أن اختم حديثي بأن على الدولة أن تمتلك الارادة الشجاعة لحل هذه
 المشكلة.
 
ظاهرة مستعصية
ويعتقد الدكتور حسين سالم مكاون مدير مركز البحوث والدراسات في وزارة التربية: ان الازدحام المروري ظاهرة مستعصية ليس لها انفراج على المدى القريب وتعد من المشكلات المتجددة التي يعاني منها الجميع سواء كانوا طلبة أم موظفين أم أصحاب مصالح، نتيجة تقادم الطرق وضيقها وقلة ادامتها وكثرة الحفر والتصدعات فيها، وتعدد السيطرات الأمنية الثابتة والمتحركة، والتقاطعات القريبة من بعضها، فضلا عن قلة المرائب المخصصة للسيارات بما لا يتناسب مع ازدياد عددها.
 وتابع مكاون: كما ان المخالفات التي يقوم بها بعض السائقين، لا سيما التجاوز الخاطئ، واغلاق بعض الطرق والجسور في بعض الحالات الطارئة، والحوادث المرورية، ووجود الجامعات والكليات في مناطق سكنية، وغيرها تسبب إرباكاً شديداً لحركة
المرور.
وبحسرة أقولها (والكلام للدكتور حسين): ان هذا الامر يولد العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والصحية والبيئية وزيادة نسبة تلوث الهواء، فضلا عن أثر الازدحام في تغيّر المناخ، وتأخير عمل سيارات الاطفاء والاسعاف والأعمال المهمة، التي لا تُنجز إلا بوقتها المحدد، ويسبب هدراً في الوقت والجهد والمال، وخلق مشكلات للطلبة في أوقات الاختبارات (الامتحانات
الوزارية).
 
الحكومة المركزية
ومن يتحمل ذلك كله؟، سؤال طرأ على بالي وانا احاوره، فأجابني: تتحمل كل من الحكومة المركزية ومديرية المرور العامة الجزء الأكبر من المسؤولية، فضلا عن مديرية الطرق والجسور ووزارة التخطيط وامانة بغداد والبلديات، والمتجاوزين، وعليهم التدخل السريع للتخفيف من معاناة المواطنين، والارباك والتأخر في الوصول الى أماكن عملهم من مدارس وجامعات ومؤسسات والمنازل، ومما يسببه ذلك الازدحام من تأخير وتعب وارهاق، ويؤثر سلباً في مسيرة الطلبة
العلمية.وأنا من خلال (جريدة الصباح)، أناشد الحكومة المقبلة، أن تضع مسألة الطرق في أولوياتها واتباع النهج القويم المستند على الدراسات، وايجاد الحلول الجذرية لأزمات المرور في العراق، وتعزو مديرية المرور العامة ذلك إلى الكم الهائل من السيارات التي دخلت للعراق بعد عام 2003، فضلاً عن ضعف عملية اعادة تصاميم الشوارع والجسور بما يتلاءم مع هذه الاعداد
الكبيرة.
 
عملية ترقيعية
واعود للدكتور حسين، ماالعمل؟، على الدولة وضع ستراتيجية مرورية قابلة للتطبيق، وتوسيع الطرق الموجودة فعلا، وانشاء طرق واسعة (100م) حول المدن وبناء الجسور المركبة، وتأسيس مدن جديدة، ونقل الأماكن الصناعية بعيدا عن المدن، وبناء مترو الأنفاق وجسور معلقة وقطارات سريعة، واعتماد وسائط النقل الجماعية، وبناء المجمعات التربوية بأطراف المدن، وايقاف التوسع السكني العشوائي، وإنشاء مواقف متعددة الأدوار في الجامعات والكليات، لأن الأساليب المتبعة في علاج ظاهرة الازدحام  المروري عملية ترقيعية أكل عليها الدهر وشرب. 
وان مشكلات اليوم لا تنفع معها حلول الأمس، وتأخذ وقتا طويلا للحصول على نتائج واقعية ملموسة، وهذا يتطلب بذل جهد أكبر، وأفكار ابداعية، واقتراحات بديلة لتقليل حدة هذه
 الظاهرة.
 
ثلاثة ملايين مركبة
دافعت مديرية المرور العامة عن نفسها، وعللت اسباب الازدحام على لسان مدير العلاقات والاعلام العميد حيدر كريم الذي حقيقة (ضغطنا عليه في الصحافة كثيرا، لكنه كان اخا للجميع، ولم يبخل علينا بالمعلومات)، بان هناك اكثر من ثلاثة ملايين مركبة في الشوارع، فضلا عن عدم تشييد طرق وجسور جديدة، الى جانب عودة الدوام الحضوري في المدارس والجامعات.والحل يا سيادة العميد؟، نحن ننسق دائما مع قيادة العمليات لفتح جميع الشوارع المغلقة ورفع بعض السيطرات، وتعال معي (وشوف)، وتجول في بغداد الى جانب السيارات الموجودة في العاصمة بغداد، هناك مركبات المحافظات الداخلة اليها، إضف الى ذلك المركبات الحكومية، فكيف لا يحصل هذا الازدحام القاتل، والطاقة الاستيعابية لشوارع العاصمة تقدر بـ (250 الف مركبة)، بينما يبلغ عدد المركبات المسجلة ثلاثة ملايين؟!.
 
تعاون مع الأمانة
المواطن يريد تخفيفا للازدحام، قلت لمدير الاعلام والعلاقات العامة في مديرية المرور العامة كيف، ما الاجراءات؟، نريد اجراءات ملموسة، لقد باشرت المديرية العامة للمرور، باتخاذ خطوات لتخفيف الاختناقات المرورية، منها القيام بحملة مكثفة لرفع التجاوزات على الارصفة في الشوارع الحيوية والطرق 
الرئيسة.  وان الحملة شملت مناطق الشورجة والرصافي والخلفاء باتجاه جسر الشهداء، فضلا عن منطقة الميدان، اذ يجب أن تكون هذه الشوارع خالية من التجاوزات من قبل الباعة المتجولين المتواجدين عند نهر الطريق، ما يسبب زخما مروريا الى جانب الخطر الذي يلحق بالمتبضعين، وهذه الحملة نفذت بالتنسيق مع امانة بغداد التي كانت لها جهود كبيرة بهذا الجانب، مؤكدا هذه الحملة مستمرة وستشمل الطرق الرئيسة، كطريق محمد القاسم وقناة
الجيش.
 
طرق حولية
وبين المدير العام للطرق والجسور حسين جاسم في تصريح صحفي، للاعلام الرسمي وجدناه يتناغم بعض الشيء مع (الريبورتاج) الذي نعده لهذه المشكلة المزمنة وهو يوضح: «ان شبكة الطرق في داخل حدود أمانة بغداد ليست من مسؤولية دائرة الطرق والجسور لكون القانون الذي تعمل عليه الدائرة يقول إن مسؤوليتها الطرق الخارجية التي تقع خارج حدود أمانة العاصمة، وكذلك خارج حدود البلديات في
المحافظات». 
لافتاً الى أن «الدائرة تعمل على ربط محافظة بغداد بالطرق الخارجية أو استحداث منافذ جديدة لتخفيف الزخم المروري الداخل الى
بغداد».
وبين أن «الدائرة تقوم الآن بانشاء منفذ مهم جداً وهو طريق الدورة – اليوسفية، كون المنفذ الجنوبي الحالي الذي يمر عبر طريق بغداد – حلة قرب علوة الرشيد يعاني من اختناقات مرورية حادة»، مشيراً الى أن «طريق الدورة – اليوسفية سيربط مرور الطريق السريع بجسر الطابقين، وكذلك بطريق الدورة السريع، كما أنه من الممكن أن ينقل الحركة الى طريق محمد القاسم، اذ يعد طريقاً مهماً
وستراتيجياً».
وتابع ان «المشروع سيرفد محافظة بغداد بمنفذ جنوبي آخر لتخفيف الحمل عن المنفذ الحالي الذي من المفترض أن يشهد تطويراً حسب ما أقر في الموازنة العامة بتطوير مداخل العاصمة»، لافتاً الى أن «بغداد بحاجة الى إنشاء طرق حولية بموجب دراسة النقل الشامل التي اقرت في ثمانينيات القرن
الماضي».
 
الكل يعرفه
بأسطر قليلة، ان كل الجهات المختصة تعرف حقيقة الازدحام، وكل الذين ادلوا بدلوهم في هذا التحقيق الصحفي، تمتاز احاديثهم بالصدق والصراحة، وهناك اقتراحات تتناغم مع العديد من الدراسات التي كتبت عن الازدحام في بغداد والمحافظات، ونحتاج فقط الى جرأة وتنفيذ، خلصونا من الازدحام يرحمكم الله، وتعالوا الى التطبيق، قبل أن يتحول الازدحام
 لـ(كورونا) جديد.