ذوالفقار يوسف
تصوير: نهاد العزاوي
هذه هي هويتنا، التي تجعلنا متيقنين بأن أصالتنا لا تمحى رغم المتغيرات، وقد كان لزاماً علينا أن نعرضها، وأن نتحقق منها مجدداً كلما أتت الفرصة، لنوثقها ونشهد بأننا قادرون على التمسك بهذا الارث العظيم، ورغم الكلمات وترجماتها في المشاهد، الا أن الصورة هي زاد الرؤية، وها نحن نقدمها اليكم عبر هذا التحقيق المصور.
شارع المتنبي: حلقت إحدى أوراق الكتب، تخترق الحشود والشناشيل والمقاهي، وتبحث عن جليس ليؤنسها كما تؤنسه، تحملها الريح على أكف مواثيق الوصول، وتغادر شارع المتنبي لتبدأ رحلتها الاسطورية.
شارع الرشيد: تستقر الورقة في الباص رقم 4، ليمر بها عبر شارع تأطر بالأديرة والجوامع والكنائس، ضجيج مستمر لكنه يسر الروح، زحام كأنه لوحة قد رسمت بلون الكون، ألف عمود يخيل لك أنها تحمل السماء، أسواق تغص بالمتبضعين المبتهجين، الأوقات السعيدة قصيرة، طارت الورقة وهي تقول ذلك.
شارع أبو نواس: يغلق الأفق فوهة الهواء، ليصمت الزمن، ها هي الورقة قد وجدت مؤنسها، انه ابو نواس، يأخذها حنين نهر دجلة ونسيمه، لتستقر على يد هذا الشاعر العظيم، الا أن غيرتها من الكأس جعلتها تقرر بأنه لا بد من اكمال الطريق، تودع هذا الشارع بقبلة شفافة على يد شهرزاد لتمضي مجدداً.
الرصافي: تلتصق الورقة بيد الشاعر معروف الرصافي ليدون فيها معاتباً إياها بعد طول غياب:
علام حُرِمنا منذ حينٍ تلاقيا..
أ في سفر قد كنت أم كنت لاهيا
يحتفظ بها في جيبه، ويمزجها مع كيانه الشامخ لينهي رحلتها.