ظاهرة غسل وتشحيم السيارات بين الأحياء السكنيَّة تجاوزات وأضرار بلا رقابة

ريبورتاج 2021/12/20
...

 سرور العلي 
اعتاد محمد إبراهيم (26 عاماً)، على غسل وتشحيم سيارته أمام منزله، غير مدرك للعواقب التي تسببها تلك الظاهرة غير الحضارية، ويشكو معظم سكان الأحياء، والمدن من الأضرار التي يخلفها الغسل والتشحيم بين المنازل، ومنها التسبب باهدار كميات كبيرة من الماء الصالح للشرب، وتشويه جمالية الشوارع والطرقات.
إذ أكد المواطن صلاح ماجد ذلك بقوله: {نتائجها سلبية على البنى التحتية، وتتسبب بتكوين حفر، وبرك مليئة بالمياه المتسخة والوحل، وسرعان ما تتجمع فيها النفايات}. 
تخلف
يعمل معظم الشباب بسبب زيادة البطالة، وانعدام فرص التوظيف بعد تخرجهم على فتح مشاريعهم الخاصة، لطلب لقمة العيش، كأماكن غسل وتشحيم السيارات، ويفضل كثيرون أن تنطلق من المنزل، لتلافي أسعار الإيجارات المرتفعة، ما ينعكس سلبياً على بقية السكان. 
وبيّن حليم تركي أبو طبيخ، محامٍ ومستثمر في المشاريع السكنية: "تصيب تلك الظاهرة الشوارع، نتيجة لسرعة الاندثار، وتقليل السقف الزمني لبقائها بالنسبة للأرصفة، وكذلك ما تسببه من انسداد لشبكة المجاري، وتجمع الأوساخ ومخلفات الغسل، وما تشكله من اعتداء على الصالح العام".
 
قلة وعي
يلجأ البعض لغسل وتشحيم سياراتهم في الشوارع وعلى الأرصفة، لارتفاع الأسعار في محطات الغسل، ووفقاً للشاب حسن علي، فان هناك من يستغل المساحة الموجودة أمام منزله في غسل سيارته.
الدكتور احمد عباس الذهبي أستاذ علم النفس بجامعة بغداد، أوضح: "في مناطقنا فوضى وتجاوزات، وغياب للذوق العام، وهي ظواهر تدمر نفسية المواطن، ومعظمنا يتساءلون عن أسباب عدم التزام بعض الاشخاص بالقوانين واللوائح، والتي تعطي صورة مغايرة عما يجري من فوضى بعيدة عن المجتمعات المتحضرة والملتزمة بالنظام والقوانين، ويحن الكثير منا إلى السنوات السابقة في الستينيات من القرن الماضي، حين كانت الشوارع مزينة ومرتبة، والأرصفة مخصصة للمشاة، ولا مكان للنفايات، ولا التجاوزات التي تشير الى ضعف الذوق لدى الكثير من الناس، بشكل مختصر هذا يدل على انعدام الذوق والسلوك المتحضر، ومن المشاهد المتكررة في وقتنا الحالي، غسيل السيارات قرب منازل المواطنين، والذي يسبب اذى نفسياً لهم، وكذلك يدمر البنية التحتية، بتخريب الشارع والتجاوز على شبكة المياه، وانتشار الأوساخ، لذلك نقول إن هذه الظاهرة تدمر نفسية السكان، كما أن عدم وجود متابعة من قبل الجهات ذات الاختصاص، والتي لها دور بمساعدة الشباب، وتوفير أماكن خاصة لهم تحتوي على أحدث الأجهزة، وتوفير فرص عمل، جعل الظاهرة تزداد". 
مضيفاً: "ورغم كل ما تقدم تبقى ظاهرة غسيل السيارات في الشوارع، والميادين العامة، والأحياء السكنية وغيرها من المواقع، مخالفة للوائح، وأنظمة نظافة وصحة البيئة، ومخالفة لجميع الأذواق البشرية".
 
مخالفات
ولفت أركان فاضل، الموظف في مديرية مجاري كربلاء المقدسة إلى "أن هناك من يفتتح محلاً لغسل السيارات، من دون الحصول على موافقة، أو إجازة ممارسة المهنة، بسبب غياب القوانين، وتعطيلها أحياناً، كما أن بعض المحطات تستخدم المياه الصالحة للشرب، ما يتسبب بهدر كميات كبيرة مخصصة للمواطنين، وانسداد بشبكة المجاري لاحتوائها على الزيوت والشحوم، والمخلفات الصناعية".
واقترح فاضل "أن تشن حملات من حين لآخر، للتوعية بترشيد استهلاك المياه، وعدم الاسراف باستخدامها، كما أن من الضروري الابتعاد عن هذه الممارسات غير اللائقة بالمدن المتحضرة، وتوجيه الإنذارات لأصحاب المحال المتجاوزين، ودعم مبادرات الدوائر الخدمية التي تهدف إلى بيئة صحية، وخالية من التلوث". 
 
إجراءات
وقد أصدر أمين بغداد علاء معن، توجيهاً بغلق محال غسل وتشحيم السيارات غير المجازة، وجاء في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "أمين بغداد أمر بإزالة جميع التجاوزات على شبكات وخطوط نقل الماء، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بغلق وازالة محال ومواقع الغسل والتشحيم غير المجازة رسمياً، وازالة انقاضها على نفقة المتجاوز، وغلق منافذ توصيل المياه اليها".
مضيفاً "ان التوجيه تضمن تحريك شكوى جزائية بحق المتجاوزين على شبكات وانابيب المياه ومحال الغسل والتشحيم غير المجازة، وكذلك تحميل الموظف المسؤول، حسب الرقعة الجغرافية المسؤولية القانونية في حالة غض النظر، او تراخيه في تطبيق التوجيه آنفاً".
كما وجه أمين بغداد بتشكيل لجنة لتقديم دراسة تخص محال الغسل والتشحيم المجازة رسمياً، وتقديم توصيات، للحد من الهدر الحاصل حالياً في المياه الذي يصل لقرابة (30 %) من أصل الماء المنتج.