جهودٌ حكوميَّةٌ لتوفيرها .. نقص أدوية السرطان ومعاناة المصابين

ريبورتاج 2021/12/23
...

 نجلاء الخالدي
تعاني محافظة ذي قار من نقصٍ حادٍ في أدوية الأمراض السرطانيَّة، الأمر الذي دفع المصابين إلى شرائها من الأسواق السوداء بمبالغ باهظة جداً، بموازاة ذلك يعجز أغلب المرضى المصابين بالسرطان في المحافظة والبالغ عددهم نحو سبعة آلاف مريض عن توفيرها، الأمر الذي دفع عدداً من الجمعيات والميسورين الى التبرع وشراء هذه الأدوية، كلما عجز مركز أورام السرطان من جلبها للمراجعين.
يقول عبد الغني مهدي والد الشابة المصابة بسرطان الدم مريم: قبل أيام أعلن مركز الاورام في الناصرية توفير الدواء الذي تحتاجه ابنتي في علاجها منذ اصابتها بالمرض، قبل اكثر من عام، ولكنني انفقت في الشهر الماضي نحو ثلاثة آلاف دولار لشرائه من الصيدليات الأهلية بعد انقطاع الدواء في المؤسسات الصحية في المحافظة.
أسرة عبد الغني مهدي انهكها مرض ابنتهم معنويا وماديا، وباتت لا تستطيع شراء الادوية الخاصة بمريم من خارج المؤسسات الصحية في المحافظة، التي تقدم العلاج مجانا لجميع المرضى لارتفاع ثمنه، وبالطبع فعبد الغني مثالٌ لمئات الأسر التي تعاني من صعوبة الحصول على علاج الأمراض السرطانية، وهي أدوية باهظة الثمن ما تدفع الأسر الى بيع الكثير من ممتلكاتها لأجل توفيره وانقاذ حياة مريضها. فهناك في محافظة ذي قار نحو سبعة آلاف مريض بالسرطان يشاطرون أبا مريم رحلة العناء في البحث عن الدواء.
 
تبرعات الميسورين
يقول الصيدلاني مازن الحمداني الذي دفعه اطلاعه عن كثب على معاناة المرضى الى الانخراط في عمل طوعي لمساعدتهم في جلب الادوية: إنه أشرف خلال السنوات الماضية على توفير أدوية أمراض السرطان من تبرعات الاهالي والميسورين، وقد نجح ومجموعة من زملائه بجمع مبلغ 30 مليون دينار كل شهرين تقريبا لتغطية حاجة مركز السرطان في المحافظة من الادوية.ويردف ان العام 2020 شهد وفرة في الادوية الادوية بشكل كبير ونوعية ممتازة جدا، إلى درجة أن مركز الاورام بدا يخفض من حاجته حتى لا يحصل لديه فائض في الأدوية.
 
سوء التنظيم
يشير الدكتور مازن الى أن هناك عوامل عديدة تخلق أزمة شح الأدوية التي تؤثر في شريحة المرضى الفقراء، وبينها سوء الادارة والتنظيم وعدم القدرة على بناء نظام فعال يقدر الحاجة الفعلية لكل مؤسسة صحية، وفي الغالب إن الحاجة للادوية تخضع للتوقعات بشأن احتمال زيادة اعداد المرضى من عدمه وليس الى دراسات وتخطيط ونظام حديث يجعل المعلومة متوفرة لدى الوزارة.وأوضح أن ادوية السرطان تتطور باستمرار، وينبغي مواكبة هذا التطور العالمي، اذ إن الوزارة لم تقر مجموعة من الادوية الجديدة، الامر الذي يدفع المرضى الى السفر والعلاج في مشافي الدول الاقليمية.
 
تجهيز الأدوية
يرى الدكتور باسم عبد الرزاق الذي يعمل طبيبا متخصصا في مركز الاورام في ذي قار، أن تجهيز المحافظة بالادوية السرطانية قليل ولا يتناسب مع عدد المرضى المصابين ولا نعرف اسباب ذلك. لافتا الى أن الادوية التي يوفرها مركز الاورام من مناشئ جيدة ورصينة، الا أن بعض المرضى وللاسف يعتقد أن الدواء رديء لمجرد ظهور أعراض جانبية متوقعة، فالدواء له أعراض تظهر عند البعض من المرضى الذي يتلقونه.
مشيرا إلى أن هناك ادوية رديئة في بعض الصيدليات الآهلية وهي لا تقارن بالدواء الأصلي الذي يحدده الطبيب المعالج، ولا يتوفر في المركز وقد يصل سعره إلى ثلاثة الاف دولار، وهذا وحده كفيل لمعرفة نوعية وكفاءة الدواء الأصلي والمستورد من شركات رصينة، وما بين الدواء الرخيص الذي يباع بخمسين دولارا.
 
الأدوية الجديدة
يؤكد الدكتور عبد الرزاق أن مركز الاورام السرطانية يواكب ما يحدث أو ما يستجد في علاج امراض السرطان في كل العالم، وبهذا الصدد يوضح: لدينا اتصالات مباشرة مع أهم مراكز السرطانات في العالم كل تحديث يجري نحن على اطلاع عليه، الا أن المشكلة التي تواجهنا أن العلاجات الجديدة تتبناها وزارة الصحة العراقية، وتحتاج إلى اتفاق لجلب أي علاج، على اعتبار أن الوزارة تدفع ثمن هذا العلاج، لذا فان أي علاج جديد يجب أن يخضع للدراسة والفحص والكمية التي تستورد منه، لذا نحن نعتمد على الوزارة في تجهيز الأدوية.
وأوضح أنه في الحالات التي نصف للمريض علاجا غير متوفر في مراكزنا لان الوزارة لم تجلبه بعد، فنحن لا نجبر المريض على أن يشتريه من خارج المؤسسات الصحية ومن الصيدلات الموجودة داخل العراق، وهذا الامر ان حصل فهو نادر وفي حالات معينة.وأكد أن الجميع يعرف بأن أدوية السرطان باهظة الثمن ومكلفة جدا وتحتاج أن توفرها شركات كبيرة داخل البلد، لذلك من النادر أن نجد الادوية الحديثة متوفرة في السوق العراقية، لذا يضطر المريض إلى شرائها من الخارج. حيث إن اكثر من 99 بالمئة من المرضى عند وصف علاج له لا يستطيع شراءه من الصيدليات الاهلية بسبب ارتفاع ثمنه، ولانها بالاساس ادوية السرطان ليست رخيصة الثمن، لذا تتكفل للحكومات والمنظمات الانسانية في كل دول العالم بتوفيرها للمرضى، وفي العراق الوزارة تتكفل بتوفير العلاج الذي غالبا ما يتاخر لان الوزارة لا تستطيع شراء كل الادوية لأسباب تتعلق بالمجالس الاستشارية الخاصة بشراء الادوية في الوزارة.
 
نسب الاصابة
وعن نسب الاصابة بالأمراض السرطانية في العراق يقول الدكتور عبد الرزاق: في هذا العام وفي الاعوام السابقة كانت هناك زيادة في عدد حالات السرطان في العالم، وتختلف الاصابة من نوع الى آخر على سبيل المثال سرطان الجلد في العالم هناك اصابات اكثر لكن في العراق اقل.

 

لافتا إلى أن هناك زيادة في عدد الاصابة بالسرطان «الزيادة العددية» وهي تعزى الى ازدياد عدد السكان، لذا فان من الطبيعي أن تصبح زيادة بعدد المصابين، سواء في ذي قار أو في بقية المحافظات او حتى في دول العالم ومنها العربية. والسؤال هل أن محافظة ذي قار هي الأكثر إصابة. الحقيقية لا ذلك لأن نسبة الاصابة في المحافظة متقاربة مع المحافظات الأخرى لكن كزيادة عددية وعلى اعتبارها من أكثر المحافظات عددا بالسكان فتشكل خامس أو سادس محافظة بنسبة الاصابة بالسرطان سنويا.